علي الأمين في الذكرى السنوية لرمزي عيراني: ننشد الدولة لا الدويلة، والمؤسسات لا الميليشيات

 أحيت مصلحة المهندسين في “القوات اللبنانية” الذكرى السنوية لرمزي عيراني، في إحتفال أقامته في فندق فنيسيا – قاعة grand ballroom berytus بعنوان “من ظلم وحصار إلى حق وانتصار”، حضره نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان ممثلًا رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع والنواب: جورج عقيص، ادي أبي اللمع، سليم عون وأنطوان حبشي، وأمين سر تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم، النائب السابق إيلي ماروني، نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت، نقيب المهندسين في طرابلس بسام زيادة، الصحافي علي الأمين بالاضافة الى ممثلي نقباء المهن الحرة، رؤساء الروابط والمهن الهندسية في الأحزاب، أعضاء مجلسي نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس وعائلة عيراني.
وكان للصحافي علي الأمين كلمة وجاء فيها:
“مساء الخير.. مساء الإرادة الحرة.. مساء رمزي عيراني
لم أتردد حين طلب مني أن أكون أحد المتحدثين في ذكرى اغتيال الشهيد رمزي عيراني، لم أعرف المهندس رمزي شخصيا، لكنني أعلم أن اغتياله كان محاولة قتل حيوية سياسية لبنانية صاعدة ومتنامية في مواجه النظام الأمني السياسي السوري، الذي كان أطبق الى حدّ بعيد على لبنان منذ بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، عملية اطباق ووصاية كان من أسسها اقصاء او سجن او القضاء على كلّ لبناني تلهج أنفاسه بالسيادة والحرية والاستقلال عن أي وصاية خارجية. وأعلم أيضا أن محطة اغتياله كانت إيذانا بأن أصوات الرفض اللبناني ضد الوصاية السورية، والتي احتضنها بنبل وكبَر البطريرك مارنصرالله بطرس صفير باتت تفضح الوصاية وتعريها.
لم أتردد لأنني وان كنت أعتقد أن ذكرى رمزي عيراني تستحق بذاتها أن تكون مناسبة لإعلان تأكيدنا على رفض الجريمة والاغتيال، الا أنني أيضا أجدني ملزما في الوقوف في هذه المناسبة بين أصدقاء ورفاق وعائلة رمزي عيراني للتأكيد على جملة قضايا واهداف ضحى من أجلها الشهيد، اهداف تعني رفاقه في القوات اللبنانية بالدرجة الأولى وتعني اللبنانيين الذين ينشدون الدولة لا الدويلة، والمؤسسات لا الميليشيات، والمواطنية بكامل شرطها وشروطها، لا الوصاية والاحتلال والعبودية وهي:
أولا: ان لبنان والحرية صنوان لا وجود للبنان الوطن والدولة من دون حرية، وطالما كان لبنان عرضة لأطماع خارجية تكالبت عليه، واستثمرت في الشروط الناقصة لاكتمال مشروع الدولة، فدمرت الدولة وعززت النزعة الاقصائية في الحياة السياسية اللبنانية، وغذّت روح الاستقواء داخل المجتمع على حساب الدستور والعدل، لذا فان أي انتصار حقيقي للبنان لا يمكن الاّ ان يكون انتصاراً للدولة على الدويلة وللتنوع على الأحادية، وللديمقراطية على الديكتاتوريات، وللمساواة امام القانون على التمييز بين المواطنين مهما كان انتماءهم السياسي او الاجتماعي.
ثانياً: لقد سجلت القوات اللبنانية في ربع القرن الأخير مسارا نموذجيا للنضال السياسي، أي في قدرة مجموعة سياسية تمّ اعتقال قائدها سمير جعجع، وصودرت مؤسساتها، وتم اعتقال وتشريد المئات من مسؤوليها ومحازبيها، وتم تحميلها وحدها مسؤولية الحرب، وجرت شيطنتها بكل النعوت، الى الحدّ الذي لم يتخيل الكثيرون، انها يمكن أن تنهض وتتجدد وتنمو وتتمأسس في حزب، وهذا ان دلّ على شيىء فهو يؤكد أن الإرادة والتصميم والقناعة بعدالة القضية، كفيل بأن يغير القدر ويلوي عنق الواقع مهما كان هذا الواقع يبدو عصيّا على ايّ تغيير.
ثالثا: لم يكن رمزي عيراني مختلفا عن العديد من رفاقه ومن اقرانه على امتداد الوطن، في تطلعه الى الخروج من زمن الوصاية السورية، ولا في نظرته الى السيادة والاستقلال وقيام الدولة العادلة، لا سيما مع اكتمال تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في العام 2000 ، انما بالتأكيد كان عيراني وقضيته صنوان الى حدّ التماهي، فلا تهاون في تبنيها، ولا حياد عن مسار النضال في سبيلها، ولا تخفي او خوف من مواجهة الظلم والظلام ولو بضوء شمعة، ولو بكلمة، فكيف اذا كان بكل هذا الإصرار على رفع المشعل، والسير في عتمة الوطن بجرأة الحق الى حدّ التضحية بالروح. هذه التضحية جاءت في مرحلة وجه له الكثيرون ما يعتقدونه نصيحة له قبل اغتياله على ما أجزم، لذ بالصمت وعد لعائلتك ولا تغامر في تغيير ما لن يتغير، لكنه، وأجزم أيضا، كان يعلم أن من يريد ان يستعيد حريته من سلطة الاستعباد يجب ان يضع دمه كثمن محتمل لتحقيقها، وهكذا كان دمه فعل تغيير وإرادة حياة لرفاقه وذخيرة لاستعادة حرية شعب مصادرة ومسلوبة.
رابعا: من الطبيعي بل من الواجب أن يحتفي حزب القوات اللبنانية مرة ثانية هذا العام باحياء شهادة رمزي عيراني، ربما لأن كثيرين لم ينتبهوا أن الإنجاز الانتخابي الذي حققه هذا الحزب في الانتخابات النيابية صبيحة 7 أيار 2018 هو الأول عبر التأكيد أن دماء رمزي لم تذهب هدرا، بل لم تزل تزهر في مسيرة استعادة الوطن والدولة والحرية، وأن 7 أيار 2002 كان يوم عطاء ويوم تضحية، و 7 أيار من هذا العام كان يوم حصاد لن يستقيم جنيه الا باستكمال شرط السيادة والحرية والمواطنية، الانتصار لا معنى له ان لم يتحول الى فعل تغيير وضخّ لدماء الحياة والاصلاح في شرايين المجتمع ومؤسسات الدولة.
خامسا: إنّ اللبنانيين اليوم وعلى وجه العموم يدركون أنّ الانزواء في كهوفهم المذهبية او الطائفية لن يحمل لهم إلاّ أوهاما بتحسين أحوال اجتماعهم السياسي، وأن بناء الدولة بات يتطلب كسراً لمعادلة المحاصصة التي فرغت الدستور من مضمونه وعطلت القانون وطوحت بالعدالة، وقبل ذلك وبعده يتطلب الانكباب على بلورة خطاب سياسي وطني موصول بمبادرات تعزز من نظام المصالح اللبناني وتقدمه على كل ما عداه من مصالح ضيقة او خارجية. قيامة لبنان مشروع يستحق التضحية والدماء التي سالت في سبيل هذه القيامة من أي لبناني كان، تستحق منا وفي ذكرى واحد من هؤلاء أي الشهيد رمزي عيراني، أن نكون على مستوى هذه التضحيات ايّ ان لا نتهاون في التزامنا بانتمائنا للبنان، في التزامنا بمشروع الدولة، التزامنا بحقنا أن نكون مختلفين في توجهاتنا السياسية وواجبنا بأن يكون ولاؤنا الأول للبنان الوطن والدولة.
سادسا: يجب أن أقول بعد كل ما تقدم، أننا خضنا معركة انتخابية في دائرة الجنوب الثالثة متحالفين مع حزب القوات اللبنانية، وهذا تحالف لم يكن قيامه يسيرا، ذلك أن معركة منع القوات اللبنانية من المشاركة في الانتخابات جنوبا، كانت معركة أكثر من شرسة، تظافرت فيها جهود كل قوى السلطة لمنع قيام أي لائحة تضم مرشح القوات اللبنانية، نجحت هذه الجهود في دائرة الجنوب الثانية بحيث امكن منع قيام لائحة تضم مرشح القوات اللبنانية، لكن تم افشال محاولة منع القوات اللبنانية من الترشح في دائرة الجنوب الثالثة على رغم التهديد والوعيد والحصار والشيطنة التي تعرضنا لها ولا نزال، وهي تجربة أظهرت لنا أولا أن اهم ما حققته انتخابات هذه الدائرة وبمعزل عن النتائج الرقمية، أن التنوع في الجنوب هو حقيقة وليس وهما، وان الاقصاء والعزلة والاستقواء ظواهر لن تستمر مهما بلغت قوة من يقف وراءها. من هنا فان البناء على هذه التجربة بات أكثر من ضرورة بل واجب تقتضيه مسؤولياتنا الوطنية والتزامنا السياسي والأخلاقي تجاه اللبنانيين عموما والناخبين على وجه الخصوص.
في الختام تحية الى رمزي عيراني الذي جمعتنا شهادته في هذا اللقاء اللبناني، تحية الى عائلته الصغيرة التي ذاقت مرارة الفقد والفراق وتحية لرفاق رمزي وعائلته الكبيرة في حزب القوات اللبنانية التي تذكرنا بأن مسار التغيير والتضحية في سبيله كفيلة بأن تحققه، فكيف اذا كان الهدف هو المواطن والوطن والدولة، كيف اذا كان الهدف هو لبنان الذي نفتخر ونعتز بانتمائنا اليه… سلام لروحك يا رمزي في في عليائها، والسلام موصول لكل الشهداء الذين ضحوا من أجل لبنان السيد والحر والمستقل”.
السابق
تجميد مفعول حمل الاسلحة في بعلبك الهرمل
التالي
جميل السيد: البقاع محروم حتى في مؤسسات معظم موظفيها شيعة