التيار الوطني الحر يهجر «القوات» ويتزلف لـ«حزب الله»

الأزمة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بلغت أقصاها.. فمن المستفيد؟ وأين حزب الله؟

“لماذا كل هذه الحرب على تمثيل “القوات اللبنانية” في الحكومة الجديدة؟ هل لأن وزراء “القوات” أبلوا بلاءً حسناً في حكومة تصريف الأعمال؟ أهكذا يكافأ حسن السيرة وحسن إدارة أمور الدولة؟”.

مغرداً بهذه الكلمات، علق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على محاولة محصارتهم سياسياً. سؤال سهل – ممتنع، طرحه جعجع برسم الرأي العام اللبناني، مع العلم أنّ الفريق المعني بهذا الاستفهام ليس حزب الله ولا أيّ من الأفرقاء السياسيين الذين يتموضعون في خانة الخصوم، الفريق المعني بسؤال جعجع هو “الأخ” العوني الذي ولد من رحم “اتفاق معراب”.
ومع أنّه لم يعد خافياً أنّ اتفاق معراب قد دخل مرحلة الموت السريري منتظراً رصاصة الرحمة والتي كما يبدو لم تعد ببعيدة، فالتيار الوطني الحر بدأ مرحلة قطع حتّى التنفس الاصطناعي عن هذا الاتفاق، وذلك بالعودة في التصريحات إلى مرحلة الحرب الأهلية، واعتماد سياسة “نبش القبور” التي لا طائل منها إلا التمادي، والانتقال من قتل “اتفاق معراب” إلى استهداف المصالحة المسيحية!

اقرأ أيضاً: القوات اللبنانية: العقدة النفسية الوهمية وفرصة بناء الدولة

هذا التصعيد والتهميش للقوات من قبل التيار، تخطى الخطوط الحمراء يوم أمس الأحد 1 تموز، بعدما خرج وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الدكتور بيار رفول، متهماً القوات اللبنانية بالتآمر على الجيش اللبناني وعلى المقاومة، ومشدداً أنّهم كتيار لن يوافقوا على إسناد الدفاع للقوات حتى لو وافق حزب الله على ذلك!
كذلك لم ينسَ رفول في تصريحه المتلفز، أن يتباهى بتاريخ التيار العوني، واصفاً اياه بالأبيض، في رسالة مبطنة لحزب القوات تعيد الزمن إلى مرحلة حرب لا مصلحة لبنانية ولا حتى سياسيه في استحضار تفاصيلها من جديد وإعادتها إلى الواجهة في إطار فتنوي تحريضي!

ومع أنّ “نبش القبور”، ليس جديداً على مناخ الشخصيات التي التي تطوف في فلك التيار العوني سواء أكانت هذه الشخصيات نواباً أم قادة محزبين، إذ سبق ولتصريحاتهم النافرة أنّ استهدفت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حيث تمّ استحضار الدماء بين سطورهم المهاجمة في أسلوب لا يرقى إلى السجال السياسي، إلا أنّ اللافت هو الصورة المقابلة البيضاء لـ”حزب الله” والتي دأبت الصحف على ترسيخها لاسيما من ناحية العلاقة مع القوات، فما بين إسقاط الفيتويات وعدم استبعاد الانفتاح والالتقاء، ظهرت مواقف جديدة من الحزب صنفت بالإيجابية تجاه القوات، مع العالم أنّ الحزب كان رأس الحربة في تحجيم حزب القوات اللبنانية في حكومة العهد الأولى!

إلى ذلك لا يرى البعض في موقف الحزب “بطولة”، أو “وداعة”، بل يضعه في إطار الحنكة السياسية، خاصة وأنّ التيار الوطني الحر يقدم لحزب الله أكثر مما يطلب في الداخل اللبناني. فالتيار الذي انقلب على اتفاق معراب والذي يستهدف المصالحة المسيحية من حيث يدري أو لا يدري، هو يخوض اليوم في السياسة اللبنانية حرب الوكالة عن حزب الله، فيستهدف في كل مناسبة القوات وتمثيلها ويستعرض ماضيها ويسقط من القاموس منحها أيّ حقيبة سيادية وازنة!

وفي متابعة لهذه الأجواء، رأى الكاتب والمحلل السياسي خير الله خيرالله في حديث لـ”جنوبية” أنّ “من أخطر ما حصل في لبنان في مرحلة ما بعد الطائف تحوّل “حزب الله” إلى الطرف الذي يحدد من هو رئيس الجمهورية في لبنان”، لافتاً إلى أنّ “هناك انتقالاً من الوصاية السورية إلى الوصاية الايرانية التي تعبر عن نفسها كلّ يوم، خصوصا في مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة لسعد الحريري”.

 

وأضاف خيرالله “خلاصة الوضع أنّ رئيس الجمهورية بات هو الشخص الذي يختاره الحزب… والّا ، لا رئيس للجمهورية اللبنانية. هذا ما شهدناه أخيراً عندما بقي البلد من دون رئيس للجمهورية لفترة طويلة. لم ينتخب رئيس إلا بعد قبول الجميع، بمن في ذلك “القوات اللبنانية” بميشال عون رئيسا للجمهورية، أي بخيار حزب الله”.

اقرأ أيضاً: سجالات المحاصصة الحكومية: الاشتراكي يصر على الحق الدرزي والقوات تلتزم بالهدنة

وفيما اعتبر خير الله أنّه من هذا المنطلق، لم يعد “حزب الله” في حاجة الى شنّ اي حملة على “القوات اللبنانية” ما دام “التيار الوطني الحر” يتولّى هذه المهمة، أشار بالتالي إلى أنّه “في الخلفية هناك حاجة جبران باسيل إلى حزب الله كي يصبح رئيساً للجمهورية، كما أنّ لدى “التيار الوطني الحر” استعداداً للقيام بكل ما هو مطلوب منه من أجل أن يبقى الحزب راضياً عليه. هذا ما يفسر إلى حد كبير عملية نبش القبور التي يقوم بها هذه الأيّام لهدف وحيد يتمثل في التأكيد على أنّ حزب الله لن يجد أفضل من جبران باسيل رئيسا للجمهورية خلفاً لميشال عون”.
وفي سؤال عن مصير المصالحة المسيحية، أكّد الكاتب والمحلل السياسي خيرالله خيرالله في الختام أنّ المصالحة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر صارت جزءاً من الماضي. فالتيار أخذ منها ما يريد أخذه… والبقية تفاصيل لا أكثر”.

السابق
صاحبة الارض روسيا الى ربع النهائي وتصحبها كرواتيا
التالي
الصحافي خليل فليحان يتعرض لحادث سير!