ماذا يريد نصرالله من وضع يده على ملف عودة اللاجئين؟

بعد الإمعان بقتل وتهجيرالشعب السوري، "عودة طوعية" للاجئين محكومة بمصالح وحسابات النظام السوري و"حزب الله"، والمعارض للنظام ممنوع من العودة إلى دياره ليتحقق بذلك مخطط التغيير الديموغرافي والمذهبي لسوريا.

بعد يومين فقط على إنطلاق المرحلة الأولى من عملية “العودة الطوعية” للاجئين السوريين من عرسال بإتجاه الأراضي السورية، بموافقة النظام السوري على عودة 294 لاجئ من أصل 3000 سجلوا أسمائهم، خرج يوم أمس (الجمعة) الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله يتعهّد بحلّ حزبه ملف عودة اللاجئين في لبنان إلى وطنهم.

اقرأ أيضاً: تأليف الحكومة في اجازة ونصرالله يدعو الى وحدة المعايير

وبعد ما إستولى على القرار العسكري بحجة ضعف الجيش اللبناني في آداء واجبه ليصبح بذلك العنوان الأول و”الوحيد” في “المقاومة”، خرج بالأمس علينا من باب المخلّص لحل ملف اللاجئين وذلك بعدما لمس قصور وبطء الدولة اللبنانية بحلّ هذم المسألة، مشيرا إلى “معطيات ميدانية في حوزته تفيد بأن جهات دولية ومحلية تثير مخاوف النازحين حول عودتهم، وإننا في “حزب الله” وأمام بطء معالجة الملف وانطلاقاً من طبيعة علاقتنا الطيبة والمتينة والجيدة مع الدولة السورية، نريد أن نستفيد من هذه الحيثية وندخل هذا الملف، وسنتواصل مع النازحين السوريين مباشرة، وسنشكل لوائح لنعرضها على الجهات المعنية في سوريا وسنتعاون مع الأمن العام اللبناني لاعادة أكبر عدد ممكن من النازحين الراغبين في العودة الطوعية الآمنة، ، كما أعلن نصرالله تشكيل ملف للعناية بمساعدة وتسهيلات عودة النازحين وتكليف النائب السابق نوار الساحلي به وقال”سنشكل لجانا شعبية في مختلف المناطق للتواصل مع النازحين ولا نريد ان نلزم احدا بل ان نقدم هذه المساعدة التي تخدم مصلحة البلدين والشعبين”.

وأمام هاتين المسألتين تُطرح علامات إستفهام كبيرة وتساؤلات حول هدف “حزب الله” من وضع يده على هذا الملف، في ظل العودة الإنتقائية التي يكرّسها النظام السوري؟

مصادر متابعة لهذ الملف قالت في حديث لـ “جنوبية” أن “خطاب نصرالله أمس أظهر أن “حزب الله” يتبنّى وجهة نظر الوزير جبران باسيل بمسألة عودة اللاجئين بأي ثمن، دون البحث بمشكلة السوريين الذين هُجّروا من القصير ومناطق في ريف حمص وكذلك الممنوع عليهم العودة بشكل كامل من قبل النظام السوري و”حزب الله” ، مع سيطرة الأخير على هذه المناطق وتحويلها إلى قواعد عسكرية له، مع العلم أن أهالي القصير، يشكلون مع نازحي القلمون النسبة العظمى من السوريين في لبنان ممن هربوا من همجية النظام، وتدخل “حزب الله” في الحرب السورية، مشيرا إلى أن “الدليل على ذلك عدم سماح النظام بعودة ما يقارب الألفين لاجئ إلى سوريا قبل يومين”.

وأكّد ت المصادر أن “هناك تناغم بين نصرالله والأسد بمنع عدد كبير من اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، وبذلك سوف تكون العودة إنتقائية بحسب ما يتناسب مع حسابات النظام ومصالحه”، مشيرإلى “كلام نصرالله عندما كشف عن تجهيزه لملف يختص باللاجئين وفقا لإحصاءات فهي سوف تأتي بالطبع على قياسه وقياس النظام متحججا بعجز الدولة اللبنانية عن حلّ هذا الملف!”.

الباحث والكاتب السياسي الياس الزغبي، رأى في حديث لـ “جنوبية” أن “إقدام السيد حسن نصرالله بإعلان تفرّد “حزب الله” بمعالجة ملف النازحين من خارج الدولة ومن خارج الأمم المتحدة معًا، يدلّ على التمادي في خرق السيادة اللبنانية، ولو غطّى هذا الخرق برغبة في معالجة مسألة خطيرة بمستوى مسألة نزوح السوريين إلى لبنان”، قائلا “هنا تمكن مشكلتان، الأولى أن نصرالله ينصّب نفسه وكيلا وبديلا عن الدولة، وهذا يعني إستخفافه المطلق بمبدأ السيادة ومسؤولية المؤسسات وأولويتها، أما المشكلة الثانية أنّه يؤسّس لإستنسابية خطيرة في معالجة موضوع اللاجئين فالجميع يعرف أن النظام السوري يستنسب إعادة أفراد قلائل من النازحين بما يناسب إستئثاره بالسلطة من جهة والتفريغ السكاني الذي يمارسه من جهة ثانية”.

وإعتبر الزغبي أن “النموذج الأخير الذي جرى بإعادة 294 نازح فقط من عرسال يؤكّد هذا النهج فقد تمّ تسجيل 4000 طالبا للعودة، وإقتصر الأمر على قبول النظام بأقل من 300، وعلى هذا المنوال من أصل مليون ونصف نازح سوري في لبنان لن يعود إلّا بضعة آلاف يسمح بعودتهم النظام، وهنا يدخل تفرّد نصرالله بمسألة النازحين بأنه يدعم خطة النظام بفرز النازحين وفق معيارين، الأوّل سياسي، أي إعادة مؤيدي النظام السوري فقط، والثاني مذهبي بمعنى أن يكون معظم العائدين من مذاهب أقليات كالعلويين والإسماعليين وحتى بعض الشيعة المجنسين حديثا”.

اقرأ أيضاً: سجالات المحاصصة الحكومية: الاشتراكي يصر على الحق الدرزي والقوات تلتزم بالهدنة

وفي الختام أكّد الزغبي أنه “لا شكّ دخول نصرالله على هذا الملف ليس بريئا وليس بدافع إنساني كما قال أو وطني لبناني – سوري، فهو يستخدم ما سماه “حيثيته” لدى النظام السوري وفي لبنان كي ينفذ سياسة خطيرة في مسألة النازحين بحيث أن معظمهم سيبقون على هذه الوتيرة في لبنان لأنهم بمعظمهم يعارضون النظام”، ورأى أن هذه “المسألة تتطلب وعيا لبنانيا على أعلى المستويات من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة إلى الإدارات المختصة، ويتطلب ذلك الكفّ عن تحويل حقيقة الأزمة من النظام السوري ووضعها في كنف الأمم المتحدة كما يفعل البعض ويحاول إتهام العالم بأنه يتآمر لتوطين النازحين في لبنان، فالحقيقة الدامغة تكمن برفض النظام السوري لعودتهم وقد جاء نصرالله ليؤكّد هذا النهج السياسي”.

السابق
الجمود العقاري مستمر بإنتظار الافراج عن القروض السكنية
التالي
وفاة 5 أطفال من نازحي درعا بسبب لدغات العقارب على الحدود السورية الأردنية