الدستور اللبناني يُفشل تهديد جميل السيّد للرئيس الحريري

جميل السيد
"الأغلبية معنا والبُدَلاء كثيرون" هذا ما قاله النائب جميل السيد الى الرئيس المكلف سعد الحريري في تهديد صريح له بالاستغناء عن تكليفه بتشكيل الحكومة ان لم ينزل عند رأي الفريق السياسي الذي يمثله النائب السيّد.

تجاوزت أزمة التأليف الحكومي الخلاف على الشكل وتوزيع الحصص الوزارية إلى خلاف حول الصلاحيات في التأليف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المكلّف سعد الحريري، وعلى الإثر نشب نزاع علني حول الصلاحيات إذ نشر المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بياناً توضيحياً قال فيه”ان ‏رئيس الجمهورية يتعامل مع ملف تشكيل الحكومة الجديدة استناداً الى صلاحياته المحددة في الدستور، داعيا “الذين ‏يَسعون في السر والعلن، الى مصادرة هذا الحق، ان يعيدوا حساباتهم ويصححوا ‏رهاناتهم‎”.‎

في حين اعتبرت كتلة “المستقبل” انّ “مهمة تأليف الحكومة من المسؤوليات الدستورية المُناطة حصراً بالرئيس ‏المكلّف، بالتعاون والتنسيق الكاملين مع فخامة رئيس الجمهورية‎”.

اقرأ أيضاً: سجالات المحاصصة الحكومية: الاشتراكي يصر على الحق الدرزي والقوات تلتزم بالهدنة

وأمام هذه المشهدية، يبدو واضحا أن التسوية الرئاسية تترنّح ما يطرح علامات إستفهام كبيرة حول عملية التأليف سيما أن شهر العسل بين الطرفين الأساسيين للتسوية تعكّر عند أول مفترق طرق، وفي هذا السياق رأت مصادر مطلعة لـ “جنوبية” أن تغريدة النائب جميل السيد ليست بمعزل عن هذا الخلاف سيّما مع إشارة السيد أن “الأغلبية معنا، ربما عريضة موقّعة من 65 نائباً عبر المجلس إلى ‏رئيس الجمهورية ليسقط تكليف الحريري كأنه لم يكُن! والبُدَلاء كثيرون”.

وفيما سارع الرئيس المكلف بالرد عليه بشكل ‏مختصر: “يروح يبلط البحر‎”.‎ قالت المصادر “لعل تغريدة السيد هي رسالة تحذيرية موجهة للحريري من قبل المحور الإيراني للضغط عليه كي يسير في نهاية المطاف ضمن شروطهم لجهة تحجيم “القوات اللبنانية” و”حزب التقدمي الإشتراكي”. خصوصا بعد الحديث عن إنزعاج لدى “حزب الله” من التقارب بين بيت الوسط ومعراب والمختارة مؤخرا والخوف من عودة المحور السعودي في لبنان.

وهو ما يطرح تساؤل حول إمكانية وصول الأزمة بين الرئيسين عون والحريري إلى حدّ تسمية بديل عن الأخير لتشكيل الحكومة؟ وهل يحق في الأصل لرئيس الجمهورية تسمية بديل في حال لم يعتذر الحريري عن التشكيل؟

أكّد الخبير القانوني والدستوري الدكتور انطوان سعد لـ”جنوبية” أنه “لا يمكن تسمية بديل آخر عن الحريري لتشكيل الحكومة في حال لم يعتذر الأخير عن هذه المهمة، وفي حال طالت مهلة التأليف يدعو رئيس الجمهورية الرئيس المكلّف ويستفسر منه عن الأمر ويطلب منه الإعتذار في حال لم يتمكن من التشكيل لكن الإعتذار هو بيد الحريري فقط والموضوع يقف عنده”.

وأضاف أنه “لا وجود لمهلة زمنية محدّدة للتأليف والمهلة مرتبطة فقط بوجدان وضمير الرئيس المكلف فلا الدستور ولا الطائف حدد فيه مهلة زمنية لذلك”.

إلى ذلك أشار سعد أن”مجلس النواب لا يعطي رئيس الجمهورية كتاب بل يجري الأخير إستشارات ملزمة والدستور واضح لجهة التكليف”.

وفي الختام، رأى أن “كل ما يحكى عنه اليوم هو هرتقة، ويبدو ان جميل السيد يكرر نمط المخابرات السورية الذي كان سائدا في زمن الوصاية سواء بتعاطيه مع الجيش اللبناني أو بتعاطيه مع المؤسسات الدستورية”.

وفي سؤالنا عضو “كتلة المستقبل” النيابية النائب رولا الطبش جارودي عن تغريدة اللواء جميل السيد إن كانت مدفوعة من المحور التابع له، أجابت “الرئيس الحريري رد بالأمس على جميل السيد، اما إذا كان نابعاً منه أو من المحور المنتمي إليه فهذا السؤال برسم هذا المحور وننتظر منه رداً على كلامه وتوضيح الأمور ووضعها في النصاب الصحيح”.

رولا الطبش

وعن الخلاف حول الصلاحيات أكّدت الطبش أن “الحريري هو الرئيس المكلف وعازم على التشكيل وفق الصلاحيات الدستورية وبعيداً عن أي أعراف جديدة، وبيان فخامة الرئيس بالأمس وضع النقاط على الحروف لناحية الصلاحيات الدستورية وهو معني بولادة الحكومة اكثر من أي طرف سياسي آخر واتفاق الرئيسين على اللقاء غداً لمتابعة تطورات التأليف خير دليل على جهود الحريري لتهدئة النفوس وتعبيد الطريق لتأليف حكومة ترضي جميع الأطراف وتعمل لمصلحة البلد”.

وقد أكّدت الكاتبة والمحللة السياسية رلى موفق لـ “جنوبية” أن “ما يحدث هو محاولة ضغط وتطويق للحريري لدفعه نحو القبول بشروطهم بمنطق “المنتصر” القاضي بترجمة مفاعيل الإنتخابات النيابية في السياسية”، وأضافت “التأليف الحكومي يشكل اليوم مدخلا إما للدفع نحو تعديلات دستورية أو عبر خلق أعراف جديدة تناسبهم”. وقالت”فيما لا يمكن دستوريا تسمية بديل عن الحريري لتشكيل الحكومة لكن في حال تم إتخاذ قرار بخلق بدع جديدة وتسمية بديل عنه، عندها يكونوا قد وضعوا البلد على كف عفريت”.

اقرأ أيضاً: بعد سقوط «إتفاق معراب».. التسوية الرئاسية تترنح

وأكدت “الجميع يدرك أن الحريري اليوم يملك أوراق قوّة بيده متمثلة بالقبول الدولي بما يشكله من إعتدال سياسي بمفهوم الإعتدال السني في المنطقة”. وإعتبرت انه “في ظلّ الضغوطات الأميركية على إيران وتراجع الإتحاد الأوروبي عن دعمها لها، وبالرغم من ذلك لا يغيّر بموازين القوة لكن إندفاعة طهران توقفت، إضافة إلى أن تصنيف “حزب الله” بالإرهابي بجناحيه العسكري والسياسي إلا أن الحريري اليوم يُعتبر وضعه أفضل بكثير من لحظة صدور نتائج الإنتخابات النيابية وخسارته ثلث كتلته”. ورأت أن الإتجاه السائد ” هو محاولة تجريد رئيس الحكومة من أوراق القوّة بيده والذهاب نحو رئيس حكومة شكلي”.

وتساءلت “هل الحريري سوف يستفيد من أوراق قوته؟ أم سوف يذهب نحو تقديم المزيد من التنازلات تحت مسمى “إم الصبي” حفاظا على إستقرار لبنان السياسي والإقتصادي”. مضيفة “بعد كل ما قدمه الحريري في هذه السنوات جاء الوقت ليقول جميعنا “أم الصبي” وبالتالي التنازلات يجب أن تكون متبادلة. وتابعت “هل يستفيد الحريري من أوراقه” أجابت لا يمكن جزم ذلك سيما مع التجارب السابقة نظرا لظروفه وحساباته آنذاك”.

السابق
الخطة الأمنية البقاعية في أول امتحان: اشكال في جرود العاقورة-اليمونة
التالي
دي مستورا​: لا يمكن أن نسمح بأن يتحول ​الجنوب​ السوري إلى غوطة شرقية أخرى