زيارة ميركل: مظلة أمنيّة و500 مليون دولار مقابل بقاء النازحين

في معلومات خاصة وسرّية كانت زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل متعلقة بالنازحين فقط دون أي ملف آخر، ولكن بعض الجهات تحاول الايحاء بالطابع الاقتصادي للزيارة. فما هي حقيقة هذه الزيارة بحسب بعض المختصين والمراقبين؟

ردا على سؤال حول سبب زيارة ميركل القصيرة الاساسي الى لبنان، يرى الدكتور كامل وزنة، الباحث والخبير الاقتصادي،  ان “زيارة ميركل ذات طابع اقتصادي كما قيل، والهدف الأساس من زيارتها هي أن في ألمانيا جالية لبنانية كبيرة، والألمان بحسب خبرتي مع الالمان في لبنان يحبّذون الكفاءات اللبنانية، ومرّحب بهم، واللبنانيون يفضلون العمل في ألمانيا بسبب تغيّر نظام الإقامة والجنسيّة، وكل متخرّج من ألمانيا بات له الإقامة المجانية، فالأجانب وخاصة اللبناني قادر على الاندماج بسهولة”.

إقرأ ايضا: النازحون في لبنان عند عتبة المليونين

ويتابع، وزنة، “السوريون لديهم خصوصية ربما في الجانب الإقتصادي، فهم اليد العاملة المتخصصة. ففي وقت من الأوقات، كانت بعض الدول تفتش عن اليد العاملة الماهرة كالسوريين. والسؤال هل نحن بحاجة الى ألمانيا أحوج مما ألمانيا بحاجة لنا. وخاصة ان الإقتصاد اللبناني قائم على الخدمات، فألمانيا متطورة بالصناعات وبالأخص التكنولوجيّة، لذا نحن بحاجة للإندماج العلميّ مع ألمانيا، باعتبار ان منهاجها التعليمي يتضمن جانب صناعيّ وتقنيّ، وهذا ربما بحاجة الى تقويم كادخال اللغة الألمانية، باعتبار ان هذا يساعد في دراسة اللبنانيين في ألمانيا”.

ويتابع وزنة أن “أبواب أميركا باتت صعبة على اللبنانيين، ولأن ألمانيا باتت تستوعب مختلف الثقافات. فلبنان مركز تجمع ونقطة وصل عكس السوريين الذين يعانون عدم الإندماج”.

وردا على سؤال، يقول وزنة “طابع زيارة ميركل في جزء منه يعتقد انه سياسي، باعتبار ان ألمانيا سيدة أوروبا، ولها مكانتها الإقتصادية، وتأثيرها السياسي، خاصة ان عدد اللاجئين إليها وصل الى مليون لاجئ، وهو رقم صعب. لذا ان زيارتها متعلقة لاشك باللاجئين، لذا يجب ان يكون لدينا علاقات معها، مع الاشارة الى ان صادراتها لوحدها تريليون دولار بالعام. لذا علينا ان نكون جزء” من اقتصادها”.

جاسم عجاقة

من جهة أخرى، يقول، البروفسور  والخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لـ”جنوبية”: “كل هذه التحليلات مراهنات، فميركل أتت لأجل النازحين السوريين، ولبنان أظهر أنه لا يريد لللاجئين ان يبقوا عنده لان الضرر يلحق بجميع الطوائف والجهات. وقد أتت ميركل لأجل بحث قضية النازحين، ولا تريدهم في بلدها لأنها تعاني من مشاكل داخلية. وأيضا، هي بحاجة لمهارات لبنانية، لكن الهدف الأساس من زيارتها هو النازحين”.

إقرأ ايضا: بطالة شباب لبنان تشعل الغضب ضدّ العمالة والنزوح السوري

ويؤكد، عجاقة، “بالطبع سيناقشون المسألة الإقتصادية، وطبعا تطرقت الى كل الملفات. وألمانيا تعانيّ من مشاكل مع أوروبا حول الهجرة، واذا نحن فتحنا باب النازحين نحو أوروبا، اضافة الى ان الهدف هو ايصال رسالة الى العالم ان لبنان مغطى بمظلة. فعندما يعلن إيمانويل ماكرون عن نيته زيارة لبنان- التي هي بموافقة من واشنطن- يعني انه ممنوع اللعب بأمن لبنان”.

ويختم عجاقة “الهدف هو ضبط أمن لبنان داخليا، فلندن ومعظم الدول الغربية تقدّم مساعداتها الى الأجهزة الأمنيّة، وأعتقد ان زيارتها سياسيّة أكثر منها إقتصادية”.

د. وليد عربيد

في حين يرى البروفسور وليد عربيد، الخبير في العلاقات الدولية، ان “ميركل مكلفة من قبل اللبنانيين بالتأكيد للرئاسة والحكومة اللبنانية ان لبنان محميّ، وهي أتت لتعرض مساعدات بقيمة 500 مليون دولار، وانها مستعدة للمساعدة في ايجاد حلول للنازحين، ما يعني ان ملف النازحين ملف معقد، وعندما جلست مع الرئيس ميشال عون قال لها ان هناك مناطق آمنة في سوريا فساعدونا لإعادتهم”.

ويتابع عربيد، بالقول “أتت ميركل لتعرض على الرؤساء وعلى الخارجية اللبنانية الابقاء على اللاجئين وعدم  تسهيل دخولهم الى اوروبا، رغم ان عددهم وصل الى مليون ونصف مليون، وهم في حال بقائهم في لبنان سيغيرون المعادلة الديموغرافية”.

ويضيف عربيد “كان سابقا فرانك فالتر شتاينماير، (رئيس جمهورية ألمانيا)، منذ فترة قد زار لبنان للغرض نفسه، اضافة الى الطابع الانساني لزيارتها، فالاوروبيون يريدون هجرة منظمة للكفاءات، خاصة ان ألمانيا بحاجة ليد مهنية وكادرات علمية والا يكونوا من الارهابيين”.

وردا عل سؤال حول نجاح الزيارة أم انها فشلت؟ يؤكد عربيد ان “لبنان استطاع من خلال زيارة ميركل ان يكون له دور اساسي، خاصة في ملف النازحين، وهذا ما سيُطرح من جديد العلاقات بين الشمال والجنوب. فاللجوء بشكل عام ينطلق من الجنوب باتجاه الشمال خاصة ان الدول المتوسطية بمعظمها دول شابة، اما اوروبا فهي قارة عجوز. لذا تسعى دول اوروبا الى استقطاب الجيل الثاني والثالث، وإبعاد الجيل الاول الذي تأثر بالإرهاب، خاصة ان اوروبا لم تتمكن من فرض سياسة الاندماج على المسلمين. لذا يحاول الاتحاد الاوروبي طرد من لا يمكنه الاندماج”.

إقرأ أيضا: ملف النزوح السوري يثير عاصفة تهدّد بانقسام سياسي

من هنا، يختم البروفسور وليد عربيد، بالقول “ان زيارة انجيلا ميركل كانت ناجحة للبنان كونها أمنّت مظلة الاستقرار الغربية، ولكن يبقى الملف الشائك هو ملف النازحين”.

فهل الثمن الأمني لإبقاء النازحين السوريين في لبنان هو المرافق للمساعدات المادية؟

السابق
مرشح المعارضة في تركيا يدعو اردوغان ان يكون رئيساً للجميع
التالي
المحامي محمد صبلوح: الـmtv مثلت معركة عبرا بأسلوب كاذب.. وسنلجأ إلى القضاء!