ثانية أنقذته أودت بحياة الملايين

غباء الفرد وتعنت الجماعة كفيل بإيقاف عجلة التطور البشري، وهو ما حدث بالفعل مع أسطولِ الصين العظيم الذي أًُوقف بقرارٍ إثر نزاع ٍ وقع بين المخصيين وأمرائهم كتبت الغلبة فيه للمخصيين، في المقابل بثلاثةِ أو أربعةِ سفنٍ هزيلةٍ تمكن فاسكو دي غاما وكريستوف كولومبس من إكتشافِ ما تدفق من استعماره الكثير والكثير من الخير والثراء لتنضم بعده إليهم دول عظمى هالها عظيم الإنجاز.

الغرب لم يتخلَّ يوماً عن تطوير الحياة في بيئته ولا هو قمع الثورة التي كانت كفيلة بنقله من مفكر عنه إلى مخترع، ومن مستهلك الى منتج . لقد استفاد من جنون الثورة في حين أنهى العرب مسيرة العلم باتهام قادته بجنون الفلسفة والزندقة، لقد أُحرقت الكتب وأُغلقت المدارس وأمر الناس بالتوكل والتسليم بالموجود والمكتوب والرضى والإستسلام لما كان وسيكون، وهنا مكمن الخطر الذي منه ندرك حقيقة وحدة الغرب وفرقة العرب؛ وندرك أيضاً معنى أن تنتصر جغرافيا متعرجة متقطعة على أرض قيعانٍ متصلة ناعمة.
الفرق بين الغرب والعرب كالفرق بين أقدام تتدلى من الفضاء نزولاً وأخرى شنقاً بحبل عن الأرض ترتفع.

الصدارة الماضية ليست ضماناً للصدارة المستقبلية، والسخرية أن تجد من بين الأشياء أموراً تافهة غير مفهومة تمسي مع الزمان واقعاً مجازاً وقاعدة راسخة، مثلُ ذلك كمثلِ ترتيب الأحرف والأرقام المتعارف عليها في الآلة الطباعة.

إقرأ أيضاً: إمّا أن تنسحب إيران من سورية وإما أن تصطدم بروسيا

الموتى لا يأكلون الأحياء ومع ذلك هم يخشونهم، والمتقدمين بالعلم والمال والمعرفة يغزون بلاد المتأخرين عنوةً في حين أن المتأخرين ينتقلون بعد كل غزوة الى بلاد الغازي بنعومة و خلسة. فهل نقلُ العربِ مثلاً الى جغرافيا الغربِ وأهل الغربِ الى بلاد العربِ كفيلٌ باعطائهم الفرصة لتبادل الأدوارِ وتحقيقِ ما تمكن، كلٌ من تحقيقه في بلاده؟.
الفرق طبعاً ليس في النقطة التي تظهر عند الغرب وتغيب عند العرب، والتطور ليس فطري بل هو متصل بالبيئة التي يحيا فيها إبن الإنسان، والأحداث الصحيحة يرتبط وجودها بوجود الشخص الصحيح والفعل الصحيح في الزمان والمكان الصحيحين.

أنه الهلال الخصيب الجديد، وإنها الغريزة التي لا تعرف أي تعريف أو قاعدة من قواعد المنطق و العقل المستنير. الحرام عند البعض مباح وعند آخرين مستهجن وصاحبه متزندق ومتأخر التفكير. أصل الأنواع يميل مجدداً ناحية داروين على الرغم من كل محاولات الإنكار والتضليل، فكل مخلوق متحدر من جرثومة متصل أوله بما قبله و آخره بما بعده والبقاء مكتوب للأقوى المنتظر بدوره لمن هو أقوى ويقدر على أن يُنهيه. العالم اليوم كما بالامس وغداً منقسم بين صياد يجمع الطعام ومزارع يجهد في الترويض والتدجين. فالجهل بما هو آتٍ بعد الموت يعني على الرغم من الإنكار الفناء، والمعركة بعد أن تعذر الخلود مقتصرة على فعل الإستيلاد
والسعي للسيطرة على العالم بغية تحسين وزيادة فرص البقاء.

إقرأ ايضاً: العميد الايراني ​احمد رضا بوردستان: قواتنا المسلحة لا يمكن مباغتتها ابدا

يقال ان فرامل سائق الشاحنة التي سبقت بثوان الإصطدام بسيارة هتلر أبقته على قيد الحياة لكنها لم تفعل ذلك مع مئة مليون شخص قتلوا أو أصيبوا في الحرب العالمية الثانية. وعليه سواء بقيت إيران او إنسحبت وسواء روسيا تدخلت أو إنكمشت فإن فرامل الدول الكبرى المخططة والمحرضة والممولة والحامية منعت سقوط نظام الرئيس الأسد لكنها يقيناً لم تمنع موت مئات الآلاف من السوريين في آحاد قليلة من السنين.

السابق
خارجية روسيا: مستعدون للحوار مع اميركا ولكننا لم ولن نطالب!
التالي
جميل السيد: وما ظالم إلا سيبلى بأظلم