سياسات حكام لبنان تؤدي الى مواجهة مع المجتمع الدولي..وانقسام داخلي عميق

عندما نتحدث عن سياسات ومواقف حكام لبنان، فهذا يعني انهم لا يتمتعون بصفة المسؤولية، فهم يمارسون السلطة بحرية مطلقة، دون مهنية او احتراف او حتى مسؤولية..؟؟، ويمكن القول انه لا يوجد في قاموسهم مصطلحات ومفردات تتعلق بمصلحة الشعب اللبناني والوطن والكيان، فلا رعاية أو حماية لمصلحة الشعب اللبناني في الداخل، ولا حتى في بلاد الاغتراب والانتشار اللبناني الواسعة والشاسعة.؟؟؟ بل انهم حكام يمارسون السلطة بما تمليه عليهم رؤيتهم الشخصية وعلاقاتهم الاقليمية والدولية ودون استشراف او دراسة ما قد تؤدي اليه سياساتهم ومواقفهم من عواقب وتداعيات..؟؟ على لبنان والشعب اللبناني ومستقبله واستقراره..؟

صحيح ان المجتمع الدولي والعربي قد اتخذ قراراً بحماية استقرار لبنان، وعدم الزج به في اتون الصراعات المسلحة في دول المنطقة، بعكس ما يقوم به حزب الله من انخراط في الصراع السوري والعراقي واليمني..؟؟ ويعتبر المجتمع الدولي ان صراعه مع ايران وادواتها وحزب الله اهم هذه الادوات، انما يجري على امتداد ساحات الصراع المفتوحة عسكرياً واعلامياً وامنياً ومالياً وسياسياً..؟؟ ويدرك المجتمع الدولي والعربي كذلك ان يد حزب الله اصبحت تطاول كافة مؤسسات الدولة اللبنانية التي تمارس سلطاتها بالحد الادنى بما لا يغضب حزب الله ولا يؤدي الى تفجر الوضع الداخلي…؟؟ والقبول بهذا بهذا الواقع والعامل معه انما هو اجراء مرحلي ولا يمكن القول انه قد تم التسليم لايران وحزب الله بالامساك بهذا الوطن..؟؟ والمشهد اليمني والعراقي والسوري، والعقوبات المتدحرجة على ايران وادواتها انما تؤكد ان الواقع الحالي في لبنان انما هو مرحلة سوف يتم تجاوزها..؟؟

ولكن يبدو ان بعض المسؤولين السياسيين والامنيين اللبنانيين يحاول الاستفادة من هذا الواقع الى الحد الاقصى بما يخدم مصالحه الشخصية ومصالح ومشروع ايران وحزب الله في لبنان والعالم العربي وكذلك في دول الاغتراب.. ؟؟

لا يدرك هؤلاء ان مصلحة هذه الدول والمجتمعات ومن منظورها الخاص لها الاولوية على مصلحة لبنان وشعبه، واذا ما تمادى حكام لبنان في تجاهل مصلحة هذ الدول وامنها واستقرارها فقد تتجاهل هي بدورها كلياً الحرص على استقرار لبنان..؟؟

في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي”.. اعتبر (إيمانويل أوتولينغي) المسؤول في “مركز الدفاع عن الديمقراطية” إن الولايات المتحدة التي قامت بفرض عقوبات على “حزب الله” لا تزال تدعم مؤسسات الدولة اللبنانية التي يتغلل فيها الحزب أو يسيطر عليها بشكل كامل. وهذا الدعم يراه (أوتولينغي)، يقوض مساعي البيت الأبيض لكبح مصادر التمويل غير المشروعة للحزب، مشيراً إلى أن هذا التناقض موجود في قلب السياسة الأمريكية التي تجري الآن في باراغواي، حيث تحاول السفارة اللبنانية هناك منع تسليم المشتبه به في تمويل “حزب الله”، (نادر محمد فرحات). ويشير (أوتولينغي) إلى ان الحزب قام بالرد مستخدماً نفوذه المحلي من خلال السفارة اللبنانية التي هي من الناحية التقنية، ذراع مؤسسات الدولة اللبنانية التي تريد واشنطن تعزيزها كقوة موازية لـ “حزب الله”. حيث قام (حسن حجازي)، القائم بالإعمال اللبنانية في “أسونسيون” بتوجيه رسالة إلى المدعي العام في باراغواي يلمح فيها إلى ضرورة رفض باراغواي طلب الولايات المتحدة بتسليم (فرحات). ويضيف الكاتب بالقول ان على واشنطن أن تبعث برسالة واضحة إلى رئيس (حجازي)، اي وزير الخارجية اللبناني (جبران باسيل)، تقول له فيها انه : ” يمكنك الحصول على معونة من الولايات المتحدة أو يمكنك تقديم عطاءات لحزب الله. لكنك لا تستطيع أن تفعل كلاهما في الوقت نفسه وتفلت من العقاب”…؟؟؟؟؟

كذلك فقد كشفت صحيفة «الوشنطن تايمز» الأميركية عن إجراءات اتخذها الأمن العام اللبناني وقضت باعفاء الرعايا الإيرانيين من ختم الدخول والخروج على جوازات سفرهم، وان يتم توشيح هذا الختم على بطاقات خاصة مستقلة عن جوازات للسفر. واثار هذا الخبر ضجة في الأوساط السياسية، خاصة وان وصف «بالتسهيلي» للإيرانيين الذين يواجهون عقوبات أميركية من بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني، وقد يمنع ختم جوازات سفرهم من قبل السلطات اللبنانية من منحهم تأشيرات دخول إلى البلدان التي تتقيد بإجراءات العقوبات الأميركية. لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أوضح لتلفزيون «المستقبل» ان هذا الاجراء روتيني لكن يتم تسييسه، ومن ثم أعلنت وزارة الخارجية من جهتها، ان هذا الاجراء هو من صلاحيات الأمن العام اللبناني، وهو من اتخذ قرار ختم الدخول بدلا من الجواز، وينحصر دور وزارة الخارجية بالابلاغ عنه فقط لا غير…؟؟؟؟

مؤخراً وفي خطوة استفزازية، صعّد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل المواجهة مع الأمم المتحدة، بإصداره قراراً بإيقاف طلبات الإقامة لصالح مفوضية شؤون اللاجئين، وهو ما استدعى رداً من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، رافضاً الخطوة شكلاً ومضموناً، وطالباً من باسيل التراجع عنها…

إقرأ أيضاً: توتر بين سليماني ونصرالله يترجمه «حزب الله» تجاهلا لتصريحات الجنرال!

ثم اكتمل المشهد مع ما قاله قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني تعليقاً على نتائج الانتخابات النيابية، خلال كلمة له، فقال: “أجريت هذه الانتخابات تحت ثقل هذا الركام، وصرف أكثر من 200 مليون دولار من بعض البلدان العربية والنتيجة كانت أن في بيروت، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، فازت شخصية شيعية تابعة لحزب الله بأكثرية الأصوات (في إشارة إلى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أمين شري الذي فاز بالمرتبة الاولى في دائرة بيروت الثانية)، كما اكتسب بعض من يسمّونهم عملاء إيران أصواتاً تفوق نسبة أصوات مرشّحين آخرين”. وختم: “لقد فاز حزب الله للمرّة الأولى بـ74 صوتاً في البرلمان من أصل 128 مقعداً”…؟؟؟

ورداً على سياسات وزير الخارجية ومواقفه العدائية من النازحين السورين فقد قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في خطبة العيد: «فلتتوقف عشوائيات الكراهية لنظل نشعر إننا جميعاً بشر وعرب ولبنانيون وأبناء دولة واحدة وأن هناك حكومة مسؤولة تستطيع اتخاذ القرار المناسب بالمصالح الوطنية مهما كانت التمايزات». واضاف«من مدة تتفاقم سياسيات التفريق والتمييز حتى في المسألة الواحدة كأنّه ما عادت هناك حكومة بل صارت لكل طائفة إدارتها السياسية ولها دويلتها»، مطالباً جميع الأفرقاء بالوقوف إلى جانب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري..؟؟؟

في المقابل كان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان متناغماً مع موقف جبران باسيل ليؤكد في خطبة العيد ومعلناً انه «على القيادات السياسية إدراك هذا الواقع، والتنبه لتداعياته الخطيرة والمأسوية على الصعد كافة، وبالخصوص في مسألة النزوح السوري الذي تحول إلى مصدر مُقْلق وخطير جداً إذا لم نسارع جميعاً إلى اتخاذ المواقف الجريئة والإجراءات العملية، وفق خطة مبرمجة وممنهجة ومنسقة مع الحكومة السورية، قاطعين الطريق أمام ما يسمى بمفوضية الأمم المتحدة وخططها التوطينية المشبوهة (…)».

إقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون في لبنان وسياسة الهروب إلى الأمام

بناءً على كل هذا فإنه لم يعد مقبولاً استمرار اطلاق المواقف السياسية بطريقة متسرعة وغير مدروسة، وإعلاء المصلحة الشخصية او مصلحة محور ايران وحزب الله على مصلحة الشعب اللبناني، فاستقرار لبنان مرهون بعلاقاته العربية والدولية، ومرتبط بعدم انخراطه في محاور وتكتلات عدائية او معرضة لعقوبات دولية، خاصةً وان الاقتصاد اللبناني يعاني من ازمة حقيقية يعيشها كل مواطن لبناني ويشعر بها رب كل عائلة ومن مختلف الطوائف والبيئات.. والرهان على ان المجتمع الدولي لن يغامر باستقرار لبنان وسوف يبقى محافظاً على الاستقرار فيه امر لا بد من اعادة النظر به وموقف لا بد من قراءته بتمعن…؟؟؟

السابق
إصابة لبناني يعمل في تنظيف حقول الألغام بإنفجار لغم
التالي
لبنان والعودة: الصرامة السيادية أم اللامنهجيّة؟