الكسارات بريئة من سيول رأس بعلبك.. والبلدية تكشف الجاني الحقيقي

كارثة "رأس بعلبك"، تطرح تساؤلات عديدة حول الجهة التي تتحمل المسؤولية!

لم تستوقف السيول المتكررة التي اجتاحت المناطق البقاعية في الأسابيع الماضية، أي من المسؤولين أو الجهات المعنية. تلك الإنذارات الطبيعية التي أنبأت بكارثة شهدناها أمس الأربعاء 13 حزيران، وحولت بلدة رأس بعلبك إلى بلدة منكوبة بعدما اجتاحتها سيول مخيفة لم توفر فيها لا الحجر ولا البشر.. إنّما هي نتيجة الإهمال قبل المناخ!
ضحية واحدة سقطت في “كارثة” السيول، وقوائم لا تعد ولا تحصى من الأضرار بعدما غمرت المياه البيوت والمستودعات، وبعدما جرفت السيول البساتين قاضية على الموسم الزراعي المنتظر!
على مسافة 4 كيلومترات، غرقت “راس بعلبك”، وابتلعت السيول السيدة شهيرة بلعيس التي ماتت اختناقاً بعدما دخل السيل منزلها.

إلا أنّ اللافت هو المقارنة بين حجم الكارثة التي ضرب البقاع الشمالي أمس وبين ما نقله شهود عيان عن كمية الأمطار الخفيفة، فالبرد هو الذي تساقط، لتؤكد مصادر لـ”جنوبية” أنّ السبب الأساسي لما حصل هو جدران الدعم القديمة عند مجرى السيل إذ ما من باطون بين حجارة هذه الجدران مما أدّى إلى انهيارها سريعاً أمام قوة المياه المندفعة!

وتلفت المصادر إلى أنّ هذه الأشغال لا علاقة لها بالمرحلة التي استلم فيها اللواء محمد خير منصب الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، وإنّما هي تعود للمرحلة التي سبقت تعيينه.

سيول راس بعلبك

رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر يؤكد من جانبه لـ”جنوبية”، أنّ عملية تفقد الأضرار ما زالت مستمرة، لافتاً إلى أنّ “الأضرار كبيرة فالمياه دخلت في كل مكان، وما حدث كارثي بكل المقاييس”.

وفيما أوضح مطر أنّه ما من إصابات بشرية، باستثاء الضحية التي تمّ الإعلان عنها، يشير بالتالي عند سؤاله عن موضوع الكسارات وتحميلها مسؤولية الكارثة، إلى أنّ “هذا الكلام غير دقيق، فما حدث تسبب به المناخ المتبدل والدولة هي التي تتحمل المسؤولية بشكل عام، إن على صعيد الوزارات المعنية (الأشغال/ الطاقة)، أو على صعيد المسؤولين”.
هذا ويلفت مطر إلى أنّ مجرى السيول يجب أن يتم تنظيفه وتعزيله بشكل دوري وانّ البلدية عادة ما تقوم بذلك، إلا انّ ما حصل مؤخراً والسيول التي ضربت بشكل كبير وعلى مساحات واسعة جعل من المستحيل على البلديات أن تتمكن وحدها من إنجاز هذه العملية.

وعند سؤاله عن الحلول؟! يؤكد رئيس البلدية بشير مطر أنّ لا أمل لديه في التوصل إلى الحلول، ليتابع “أي عمل يحتاج لتخطيط وتنفيذ، وفي كل عام الجميع يندفع لوضع حل نهائي لهذه الكارثة ومن ثم يهدأ وينسى، ونبقى نحن في المواجهة. المسألة بالنسبة إلينا ليست مسألة تعويض مع أهمية التعويض وضرورته لجميع الذين ألحق بهم الضرر لاسيما المزارعين الذين خسروا مواسمهم وأرباحها”.

إقرأ أيضاً: بالفيديو: السيول تجتاح بلدة الفاكهة للمرة الثانية

هذا وتأتي السيول بحسب رئيس بلدية القاع من جرود أقاصي الحدود السورية بين القاع وراس بعلبك وعرسال والفاكهة، وتتجمع في أكثر من موقع وفي عشرات الكيلومترات وفي أماكن متعددة، وفي كل وادٍ هناك مجال للسيل. هذه المعلومات يسردها مطر لموقعنا ليؤكد أنّ ما حدث ليس مفاجئاً وأنّهم قد تحركوا منذ 10 أيام وطالبوا الدولة بأن يكون هناك استنفاراً تحضراً لهذه الازمة ولكنها لم تتحرك!

هذه الأزمة الكارثية التي وقعت بثقلها على البقاع الشمالي دفعت رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر لأن يختم قائلاً: “منذ سبع سنوات نعيش مأساة الحرب والأوضاع الأمنية، كلما حاولنا الخروج من كارثة وقعنا في كارثة ثانية، (بكفي)؟! الأضرار اليوم في كل مكان، من سيعوض على القاع وعلى رأس بعلبك؟”.

سيول راس بعلبك

وفيما سلّط بعض الناشطين في البقاع الضوء على ملف الكسارات في هذه الحادثة، إذ عملوا على تداول صورة لكسارة، في محاولة لتحميل مسؤولية ما حصل لهذا التعدي على الطبيعة في البقاع، إلا أنّ نفي رئيس بلدية القاع لهذه المعلومات يتقاطع وما أكده محامي بلدية رأس بعلبك الأستاذ جهاد واكيم في حديث لـ”جنوبية”، إذ أشار إلى أنّ “هناك كسارة واحدة في المنطقة ومتوقفة منذ أكتر من 10 سنوات وبعيدة جداً، إضافة لكون المياه التي تأتي على مجرى السيل ليست من جهة الكسارة”.

هذا ويلفت واكيم إلى أنّ هناك سببين لهذه السيول، الأوّل هو الأشغال القديمة والتي لم تستطع مقاومة السيل، والثاني هو قوة السيل.

إقرأ أيضاً: بالفيديو: السيول تقطع الطريق الدولية في بلدة القاع

ويقول محامي بلدية راس بعلبك “منذ أسبوعين قال رئيس البلدية دريد رحال لكل من اللواء محمد الخير والنائب انطوان حبشي أنّ مجرى السيل إن لم يتم تعزيله سوف يؤدي إلى كارثة، وهذا ما عاد وذكره أمس النائب انطوان حبشي معتذراً من اهل راس بعلبك بسبب عدم توقفه عند كلام رئيس البلدية”.

وفي الختام يؤكد المحامي جهاد واكيم لموقعنا أنّ الحل النهائي هو في إنشاء سد وتجميع هذه المياه، مما يتيح الاستفادة من كميات المياه الكبيرة في ري راس بعلبك والقاع والهرمل.

إذاً، ومما سردناه إعلاه، فإنّ المسؤولية في مأساة رأس بعلبك تقع أولاً على إهمال الدولة اللبنانية، التي ما زالت حتى اللحظة تتقاعس في إقامة سد يشكل درعاً واقياً للبلدة، ويعود بالفائدة على أهلها.

السابق
الخامنئي يعلن أول أيام عيد الفطر
التالي
الشيخ حسن مشيمش: عقلانية خامنئي مع اسرائيل!