قرار باسيل ضدّ مفوضية اللاجئين: هل تصدم لبنان مع المجتمع الدولي؟

جبران باسيل
وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل ينفذ تهديداته للمفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ويمهلها أسبوعين لتقديم رؤية منظمة عن كيفية عودة امنة للنازحين السوريين الى بلادهم. فهل سوف تخلق هذه المسألة أزمة مع المنظمة الدولية؟ وكيف سيكون تداعياتها؟

نفذ وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل تهديده للمفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، فبعد تنبيهات عدة وجّهتها وزارة ‏الخارجية إلى ممثلة مكتب المفوّضية في لبنان ميراي ‏جيرار، وبعدما اعتبرَت المفوضية انّها لم تتبلغ هذا القرار رسمياً بل عبر ‏الإعلام، أرسلت مديرية ‏المراسم في الوزارة مذكّرةً الى المفوّضية تؤكد فيها قرار الوزير بعدم تجديد ‏الإقامات‎.‎

وقد أكّد باسيل أمس (الإثنين) في إفطار رمضاني للهيئات الإقتصادية “طالما أن عدد اللاجئين وصل إلى نصف عدد شعبنا اللبناني، فلن نتقدّم في اقتصادنا. نُحارَب اليوم على ما نفعله، في الوقت الذي نحترم فيه رغبة السوريين بالعودة إلى وطنهم، كذلك رغبة اللبنانيين في تحقيق نمو اقتصادي في وطنهم”. مشيرا إنّ “هناك بلدانا بدأت بتجهيز عودة اللاجئين وفتح قنواتها الاقتصادية على سوريا لإعادة الإعمار “. وأشار الى أنه “لا يمكن ان نرضي الدول على ‏حساب صناعيّينا، ومن الأولوية ان نرضيَ اقتصادنا، “، مؤكّداً أنه “حين نشجّع هؤلاء ‏على العودة نكون أمام التهديد بوقف المساعدات”، سائلاً: “هل المساعدات ‏للبنان مقابل التوطين”؟

اقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون… بين مطرقة التوطين وسندان القوانين الدولية

وفيما إتخذ التصعيد شكلا ملموسا بعدم تجديد الإقامات لموضفي المفوضية، تقول الأوساط المتابعة أن “الخارجية أمهلت المفوضية اسبوعين لتقديم رؤية منظمة عن كيفية عودة امنة للنازحين السوريين الى سوريا، وأن باسيل يبحث خطوات تصعيدية لاحقة في حال انقضَت الفترة المحدّدة ولم يتسلّم خلالها من المفوضية ‏استراتيجيتها ورؤيتها فيما يتعلق باللاجئين. وقد أعربت الأوساط نفسها عن خشيتها من تداعيات هذا التصعيد وإنعكاس هذا الأمرعلى علاقة لبنان بالمجتمع الدولي لا سيما في هذه المرحلة ‏الصعبة التي يعيشها لبنان.

فهل سوف تخلق هذه المسألة أزمة مع المنظمة الدولية؟ وكيف سيكون تداعياتها؟

وأكّدت عضو المكتب السياسي في “التيار الوطني الحرّ” رندلى جبور في حديث لـ “جنوبية” أن ” إعطاء الإقامات للأجانب المقيمين في لبنان هي صلاحية محصورة بوزير الخارجية ومن صلاحياته المطلقة ولا يشاركه أحد فيها لا مجلس الوزراء ولا حتى وزير المال طالما أنها لا تتكبد مصاريف مالية”.

رندلى جبور

ورأت أن “هذه الخطوة تفتح باب المفاوضات كي تحسن المفوضية مسار عملها، مشيرة إلى اننا “نخشى من أن تكون المفوضية تعبّر عن رأي المجتمع الدولي بالعمل على توطين النازحين في لبنان خصوصا بعدما تبين أنها في المقابلات الشخصية التي كانت تجريها مع اللاجئين كانت تطرح عليهم أسئلة تخيفهم من العودة عن إمكانية إيجاد فرص عمل والتجنيد الإجباري والوضع الأمني وبالتالي تصور المفوضية للاجئ أن الحياة في لبنان أفضل من العودة إلى سوريا”.

وفي الختام، إعتبرت جبّور أن “هذا الإجراء بتجميدَ طلبات الإقامة المقدّمة من ‏المفوّضية هو بداية لتصحيح مسار تصرف المفوضية التي يجب أن تراجع مسار عملهان وقد سبق أن إستدعى الوزير باسيل رئيسة مكتب المفوضية في بيروت مرتين وحذرها من التمادي بهذه السياسية لكنهم لم يلتزموا”، وبالتالي لم ترَ ان “هذا الإجراء سوف يسبب توتر بين لبنان والأمم المتحدة بل على العكس سوف تؤدي إلى مراجعات ومفاوضات بين الجانبين كي يسيروا بحسب المصلحة الوطنية وليس بحسب المصلحة الدولية”.

إلى ذلك أكّد المحامي الدكتور أنطوان صفير استاذ القانون الدولي لـ “جنوبية” أن “الإجراء يأتي من ضمن صلاحيات وزير الخارجية، إنما توسيع الإجراء وإتخاء إجراءات اكثر جدية هو من إختصاص الحكومة اللبنانية لأن تداعيات هذا الإجراء سوف يكون على الدولة اللبنانية برمتها خصوصا أن الحكومة اللبنانية مجتمعة مسؤولة عن سياسة لبنان الخارجية”.

المحامي انطوان صفير

اقرأ أيضاً: مرسوم التجنيس: ثنائية مارونية – سنية تستفزّ الثنائية الشيعية

ورأى ان مثل هذا الإجراء “سوف يكون له تداعيات لكن من دون أن تصل إلى حدّ القطيعة لأن المجتمع الدولي يدرك تماما أن أي قطيعة مع لبنان خصوصا أن موضوع حساس مثل موضوع اللاجئين سوف يكون له إنعكاسات وتداعيات على أوروبا والمجتمع الدولية، وبالتالي أن الأمور سوف تذهب نحو تسوية على الطريقة اللبنانية فمن جهة لا تقوم المفوضية بإقناع اللاجئين السوريين بالبقاء في لبنان وفي المقابل تسهيل عملهم من قبل السلطات اللبنانية لا سيما من قبل وزير الخارجية والمغتربين”.

وفي الختام شدّد صفير أن “التصعيد ليس من مصلحة أي طرف، والمجتمع الدولي لن يذهب بإتجاه التشدّد بردود الفعل خصوصا أن المجتمع الدولي وأوروبا يولون إهتماما كبيرا لأزمة اللاجئين من حيث الأمن القومي كونها تتعلق احيانا بأعمال غير مشروعة وعنفية تجاه أوروبا”.

السابق
المشنوق: للعمل في سبيل نهضة بيروت بعيداً عن الروتين الإداري
التالي
حزب سبعة يؤكّد لـ«جنوبية» استمرار عمله السياسي رغم اقفال بعض مكاتبه