الطعون عالقة في المجلس الدستوري دون حلً…والسبب قانوني

كيف يرى الخبراء في القانون دور المجلس الدستوري وهل سينجح في تأدية مهامه في قبول الطعون الانتخابية او رفضها بعيدا عن التدخلات والضغوطات السياسية؟

اقفل الاربعاء الماضي في 6 حزيران باب تقديم طلبات الطعون في الانتخابات النيابية اللبنانية للعام 2018، وقد وصل عدد الطعون إلى 17 طعناً موزعا بين طعون جماعية وفردية، يشمل منها نتائج فرز مقاعد نيابية في كافة الدوائرالانتخابية.

آمال عديدة بناها المرشحون على دور المجلس الدستوري وكفاءته من أجل تحقيق العدالة والشفافية والنزاهة في الانتخابات التي سادها الغموض وشابتها مخالفات وملابسات فيما خص  التلاعب بالاصوات وصناديق الاقتراع، حسب مزاعمهم.

من جهة اخرى، يشكك المراقبون  بقدرة هذا المجلس في البت بالطعون، خصوصاً ان الانتخابات قد حصلت على اساس النظام النسبي والصوت التفضيلي الذي سمح للناخبين تفضيل مرشح واحد ضمن اللائحة الواحدة، إلا ان الخبير في الشأن الانتخابي محمد شمس الدين اكد في حديث سابق لـ “جنوبية” أن هذا الكلام هو غير صحيح وانه طالما يوجد ادلة واثباتات تثبت وجود مخالفات على لائحة رابحة فبإمكان المجلس الدستورية الطعن بها، مشيراً إلى أن هذا الاخير يكون امام ثلاثة قرارات وهي: اعادة الانتخابات لكامل الدائرة وهو امر مستبعد، اعادة الانتخابات في المقعد المطعون به او اعلان فوز المرشح الخاسر.

وأكد شمس الدين في حديثه، ان استعراض تاريخ الطعون في المجلس الدستوري يبعث خيبة امل، بإعتبار ان هناك مرة واحدة نجح  فيها المجلس الدستوري وهي عندما حل روبير غانم محل هنري شديد من خلال الحكم باعادة الانتخابات وذلك بعد ان جرت تدخلات سياسية من قبل الرئيس الراحل رفيق الحريري.

في هذا السياق تواصل موقع “جنوبية” مع الخبير الدستوري الدكتور عصام اسماعيل الذي أكد أن “المجلس الدستوري في طرحه القوانين هو مثالي، ولا يوجد اي شائبة على رقابته في ما يخص دستورية القوانين، أما في الطعون الانتخابية الامر مُختلف وحسساس لدى اي جهة قضائية بإعتبار انه لا يمكن إلغاء اصوات الناخبين بسبب شخص قام بتقديم طعن، ولذلك على طالب الطعن تقديم اثباتات ملموسة بما جرى من رشاوى والغاء اصوات”.

واشار اسماعيل إلى أن “لا احدا من الخاسرين قد قام بتقديم ادلة للمجلس الدستوري والامر اقتصر على الكلام فقط دون اي اثباتات “، مردفاً “الادلة المقدمة هي ضعيفة خصوصاً انه لم يحصل مخالفات واضحة، فهم يقولون انه قد حصل شراء اصوات ولكن كيف يمكن اثبات ذلك”.

وأكد اسماعيل أنه ” في أي قانون اثبات قضائي في العالم يجب احضار بيّنة تثبت الظلم الذي تعرض له اي شخص، وفي الطعون الانتخابية  التي قُدمت حاليا فإن الخاسرين لم يقوموا بتقديم ادلة”.

إقرأ أيضاً: مصير الطعون الانتخابية لدى «الدستوري»… على كفّ السياسيين!

ولدى سؤاله  حول تأكيد بعض الذين لم يحالفهم الحظ تقديمهم لادلة خلال تصريحاتهم الاعلامية، اجاب إسماعيل أنه “إن كان لديهم ادلة فلماذا لم يقدموها إلى المجلس الدستوري”.

وحول تدخل السياسيين بعمل المجلس الدستوري أكد اسماعيل ” أنه لا تدخل من هذا النوع ، لان مجلس الدستوري انتهت ولايته، ولن يتخلى عن ضميره واخلاقه ومهنيته من أجل ارضاء أي طرف سياسي حاليا “.

وأكد اسماعيل ان ” المجلس الدستوري اليوم في وضع صعب لا يحسد عليه في الطعون المقدمة، فعلى سبيل المثال إن تم تقديم طعن في زحلة بنائب قد حصل على 77 صوت بسبب تقديم رشاوى من المؤكد ان 77 لن يؤثروا على اللائحة ومن هنا  لا يمكن اعطاء المقعد للائحة المنافسة، انما سيتم اعطاء المقعد لشخص على ذات اللائحة، وفي حال عدم وجود  شخص آخر من المذهب ذاته، ماذا سيجري بهذه الحالة؟”، مشيراً إلى أن “المشكلة هي إبطال عضوية شخص لن يجد المجلس الدستوري شخصا اخر  يحل مكانه بسبب النقص الموجود بالتشريع”.

ورأى اسماعيل أن” رئيس مجلس الدستوري عصام سليمان كان حذراً في مؤتمره الصحافي، فقد اكد انه في حال وجود مخالفات فاضحة تبطل العملية الانتخابية برمتها في الدائرة، وهذا السيف الوحيد في يده يقوم على الابطال الكامل وليس ابطال مرشح وتعيين مرشح اخر، بإعتبار انه لا يوجد لديه سند قانوني يتكل عليه”، مؤكداً أن “نظام الانتخابات في لبنان هو نظام خاص لا يوجد شبيه له في دولة اخرى”.

وفي الختام أكد الخبير الدستوري الدكتور عصام اسماعيل أن ” نسبة نجاح الطعون في الانتخابات اليوم هي متعلقة بالادلة المقدمة بعيداً عن أي ضغوطات وتأثيرات سياسية على المجلس الدستوري”، مضيفاً “عدم وجود قانون للنظر بالطعون على اساس اللوائح، وهذا ليس خطأ المجلس الدستوري انما خطأ مصدره مجلس النواب، واليوم لا يمكن تطبيق نموذج النظام الاكثري في الاحكام القضائي، بإعتبار اننا اصبحنا  نطبق القانون النسبي”.

إقرأ أيضاً: مرسوم «الشبح»… ممنوع من النشر وعصيّ على الطعون!

اذن لا حل قريبا لأزمة الطعون التي قدمها مرشحون خاسرون في الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت قبل شهر، واذا كانت الفجوة القانونية هي السبب، بعد تقاعس مجلس النواب عن سن قانون للطعون يواكب القانون الانتخابي النسبي، فان هذه الفجوة مرشحة للاستمرار بسبب غياب مصلحة النواب المنتخبين الذين اغناهم الوضع الحالي عن الوقوق بين يدي القضاء وتعريض مقاعدهم النيابية لخطر المساءلة.

السابق
غطاس خوري يوجه رسالة إلى وزير الطاقة!
التالي
بولا يعقوبيان: لن أعطي الثقة للحكومة