الحريري يكشف السيّد

احمد عياش

الايام الثلاثة التي أمضاها النائب جميل السيّد أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أثارت جدلا ليس لناحية المعلومات التي أدلى بها،وهو ما كان من المفترض ان يقوم به إنطلاقا من موقعه كمدير عام للامن العام عندما جرى إغتيال الرئيس رفيق الحريري، بل بسبب التحليلات والتخمينات والاتهامات التي ساقها في الافادة.
جملة أسئلة طرحها القاضي دايفيد راي رئيس غرفة الدرجة الأولى وكورسيل لابروس ممثلاً مصالح المتهم حسين عنيسي والقاضية ميشلين بريدي قاضية في غرفة الدرجة الأولى على السيّد بشأن حادث إطلاق صاروخيّن من عيار 107 ملم فجر الاحد في 15 حزيران 2003 على مبنى تلفزيون “المستقبل” واذاعة “الشرق” في منطقة الروشة فاخترقا الجدار وانفجرا في الباحة الخارجية لجهة مكاتب استوديو الاخبار فأشعلا حريقا وألحقا اضراراً مادية كبيرة.وكان سؤال لابروس بالتحديد: “الحادث عُرض على انه تهديد أو خطر على الحريري،هل أنت مدرك لهذا الأمر وهل لديك ما تقوله في هذا الشأن؟” فأجاب السيّد: “…أنا أول شخص بحث عن فكرة الرسالة السياسية بحكم عملي. لم يكن هناك مناخ يدعوني إلى التفكير بأن أحداً ما سورياً أو لبنانياً يريد إرسال رسالة سورية إلى الرئيس الحريري”.

اقرأ أيضاً: الطريق إلى القدس

قد يكون جواب المدير السابق للامن العام ليمرّ من دون أية مناقشة لولا ان الرئيس رفيق الحريري بنفسه أعطى وصف الرسالة للصاروخيّن اللذين إستهدفا مؤسستيّن إعلاميتيّن تابعتيّن له .ففي 18 أيار 2015 أدلى المستشار الاعلامي للرئيس الشهيد الزميل هاني حمود بأفادته أمام المحكمة وتناول ردا على أسئلة وكيل الادعاء القاضي غرايم كاميرون ما تعرّض له مبنى التلفزيون فقال :”باكرا جدا في صباح ذلك اليوم طلب مني الرئيس الحريري ان اجمع بالمبنى كل موظفي قسم الاخبار … وخاطبهم بكلمات قليلة وقال لهم ان هذا الهجوم ليس موجّه لكم هو موجه اليّ والرسالة قد وصلت”.
كاتب هذه السطور، وهو من العاملين في تلفزيون الحريري منذ خريف 1992 وحتى اليوم،كان حاضرا في ذلك اللقاء ولا يزال يحفظ عن ظهر قلب ما قاله الرئيس الراحل:”يا أخوان هول الصواريخ ضدي أنا مش لحدا تاني.ما تهتمّوا، أنا كتافي عراض”.
وزير الخارجية الاردني الاسبق مروان المعشّر وفي كتابه “نهج الاعتدال العربي” الصادر عن دار النهار في أيلول 2008 وتضمن مذكرات المسؤول الاردني السياسية ،خصص فقرة حملت عنوان “الاجتماع بجميل السيد” روى فيها الدور الذي قام به الاخير من أجل إقناع رئيس الجمهورية الاسبق أميل لحود بتأييد مبادرة السلام العربية في قمة بيروت في آذار عام 2002 وخصوصا ما يتعلق بموضوع اللاجئين الفلسطينيين. ويروي المعشّر ان سفير الاردن في بيروت نصحه قبل ذلك: “يجب أن تكلّم جميل السيد، مدير الامن العام والرجل القوي في النظام اللبناني”.
لم يكشف السيد الاسرار، ما إضطر رفيق الحريري لإن يكشفه.

السابق
جنبلاط: استباحة الطبيعة في وادي الست ب​الشوف
التالي
لماذا نكذب؟