هل يتلقف لبنان مبادرة «إسرائيل» لترسيم الحدود.. وما هو الدور الأميركي؟

تلقى لبنان عبر ‏الأميركيين عرضاً إسرائيلياً لحلّ النزاع الحدودي البرّي والبحري بين لبنان و"إسرائيل". فهل سيكون هذا العرض نهاية لهذه المعضلة الحدودية؟

“مبادرة الإسرائيلية” لترسيم الحدود مع لبنان وجدت طريقها إلى البحث فيها لدى الجانب اللبناني بعد إنقطاع، ولا شك أن للبلوكات النفطية البحرية المشتركة بين “البلدين” أثرها الرئيس في إطلاق هذه “العرض الاسرائيلي”. وقد أعلن أمس، وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أنّ “أفكاراً جديدة طرِحت عبر قناة ‏سرّية أميركية للوساطة في نزاع بحري بين “إسرائيل” ولبنان عقّد أعمال التنقيب عن النفط والغاز. وقال لوكالة ‏‏”رويترز”: هناك مجالٌ للتفاؤل الحذِر لكنْ ليس أكثر من ذلك. أتمنّى أن نتمكّن خلال الشهور المقبلة أو بحلول نهاية ‏العام من التوصّل إلى حلّ أو على الأقلّ حلّ جزئي للنزاع”.

اقرأ أيضاً: لبنان يدرس مبادرة اسرائيل المدعومة من واشنطن لترسيم الحدود

وهو ما أكّده الرئيس نبيه برّي ان لبنان الرسمي تلقى “عرضا اسرائيليا” وصله عبر موفد أميركي بشأن ترسيم الحدود برا وبحرا ومن ضمنها مزارع شبعا. مؤكدا أن الاجتماع الثلاثي عقد أمس الأوّل في بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، انحصَر ‏ببحثِ هذا المستجد.
فماذا يقول الخبراء المتخصصون في هذا المجال عن العرض الإسرائيلي؟ ما هو الدور الأميركي؟ وكيف سيكون موقف “حزب الله” ؟

وأوضح العميد الركن السابق الدكتور نزار عبد القادر في حديث لـ “جنوبية” أن “هذا الأمر بدأ منذ سنوات مع الوساطة الأميركية التي قام بها السفير فريديريك هوف وجاء بعرض لحل الملف العالق حول المناطق المتنازع عليها بين “إسرائيل” ولبنان، وكادت وساطته أن تؤدّي إلى نوع من المقاربة الواقعية التي يمكن أن تثمر على إتفاق بين الطرفين، لكن آنذاك تدخلت السفيرة الأميركية في لبنان وقد إحتجت لدى الخارجية الأميريكة على مهمة السفير هوب بأنه يتدخل في نطاق مسؤولياتها دون العودة إليها لذلك توقفت مهمة الأخير وعندما حاولت السفيرة متابعة الملف وقعت بخلاف قوي مع السلطات اللبنانية وخصوصا الرئيس بري الذي مع أول لقاء جمعه بها رفض متابعة الحديث معها في هذا الموضوع”.
وأشار إلى أن “على الرغم من أن العرض الأميركي لا يزال حتى الساعة غير معروف، لكن الأميركيين يريدون أن يكون لهم دور في حلّ هذه المشكلة، وبحسب معلومات عبد القادر المشكلة هي أن الإلحاح الإسرائيلي للتوصل مع لبنان إلى حل الذي يقضي من وجهة النظر الإسرائيلية هي في وضع يدها على جزء من هذه المنطقة لأن الشركات العاملة في المنطقة الإقتصادية الخالصة لإسرائيل إكتشفت أن هناك إحتياطا من الغاز الطبيعي، وتريد هذه الشركات أن تبدأ بمهمة الحفر في المنطقة لكن بما أنها منطقة نزاع لا بد التوصل إلى نوع من الحل مع الجهات اللبنانية تفاديا لأي حرب قد تنشأ”.

ورأى عبد القادر أن ” لا يمكن مقاربة الموضوع النفطي بطريقة مبسطة، حتى “إسرائيل” والشركات العاملة لديها تستطيع الحفر من داخل حدودها بطريقة أفقية وأن تصل إلى مخزون غازي ونفطي داخل الحدود اللبنانية لذا المواضيع الإقتصادية والشائكة من هذا النوع لا بد من التوصل بالديبلوماسية إلى حل بشكل يرضي كل الأطراف”.

وعن موقف “حزب الله” تجاه هذا العرض قال إن “صاحب الكلمة في هذا الموضوع هو لبنان وليس الحزب، وفي الواقع ان حزب الله قد يتدخل في حال فُرِضت حدود ترفضها الدولة اللبنانية التي هي المسؤولة أمام القانون عن الثروات الوطنية والأراضي اللبنانية، و”حزب الله” يتدخل من خلال موقف لبنان الرسمي بمدى ملاءمة أي عمليات إستخراج للغاز والنفط التي لا تتناسب مع مصالحه”.

إلى ذلك رأى العميد الركن الدكتور هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات في حديث لـ “جنوبية” أن “لبنان ممكن أن يسير في هذا العرض الذي جرى عن طريق قناة سرية أميركية، خصوصا أنه لم يبرز حتى الآن أي مواقف رافضة للعرض الإسرائيلي بالمطلق”. لافتا ان “إسرائيل متفائلة وهو ما يدل على أن هناك أسبابا تدعوها لذلك، لذا من الممكن التوصل إلى صيغة أو تسوية معينة”.

العميد الدكتور هشام جابر

وأوضح أن “الجانب اللبناني وضع شرط ترسيم الحدود الجنوبية خصوصا فيما يتعلق بمزارع شبعا علما أنها مرسمة وواضحة وكان هناك حجة بأنها أراضى سورية، إلا ان سوريا أنهت هذا الجدل السياسي بنفي ذلك لكن يبقى هذا الجدل بالإطار السياسي وليس التقني”. وتابع “أما فيما يتعلق بترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل فخطوط الهدنة موجودة ومرسمة لكن الخط الأزرق هو خط وقف إطلاق النار وليس الحدود الحقيقية وقد تعدت إسرائيل على لبنان لأسباب جيولوجية حيث إقتربت لتأخذ مرتفعات للمراقبة”.

وعن موقف “حزب الله” مع ترسيم الحدود والحاجة إلى سلاحه رأى جابر أن “ترسيم الحدود لا يشكل درعا يحمي لبنان من أي إعتداء إسرائيلي، متسائلا “هل لدى لبنان قوة رادعة لمواجهة أي إعتداء؟ وهل أقامت الدولة اللبنانية إستراتيجية دفاعية كاملة تقول لحزب الله هذه هي لإستراتيجية وهذا دورك فيها إلى جانب الجيش اللبناني؟ لذلك سلاح الحزب لا علاقة له بترسيم الحدود”. مشيرا إلى “الحزب حتى الآن لم يصدر منه أي شيء، إلا أنه في حال إعترض فيكون إعتراضه غير مقبول لأن الترسيم أمر ضروري”.

اقرأ أيضاً: الشركات المستثمرة تجمّد بلوك 9 بعد التهديدات الاسرائيلية

وعن توقيت العرض الإسرائيلي قال إن “بعد الإنتخابات إعتبرت أميركا أن إنتخاب سلطة جديدة من شأنها تسهيل الأمور من حيث قدرتها على إتخاذ القرارات”. مشيرا إلى أن “”إسرائيل” لها مصلحة أيضا في ذلك للتنقيب عن النفط دون حصول أي صدام مع “حزب الله” في المناطق المتنازع عليها لا سيما أن الخبراء الإسرائيليين يؤكدون أن ليس لدولتهم مصلحة بإفتعال حرب ليس عسكريا فقط، إنما يقول هؤلاء ان في حال نشوء حرب مع لبنان، فإن لدى “حزب الله” صواريخ ارض بحر “يخونت” روسية تستطيع تدمير المنصات الإسرائيلية للتنقيب عن النفط لذا إسرائيل لديها مصلحة بالمبادرة بترسيم الحدود”.

وفي الختام تمنى جابر أن “يتم التوصل إلى إتفاق يحفظ حقوق لبنان وان لا يقتصر ترسيم الحدود البحرية على البلوك 8 و 9 إنما أيضا على جميع البلوكات الموجودة في البحر على حدود “إسرائيل” وأيضا البلوكات الموجودة على الحدود مع قبرص”.

هل ممكن تستيطع هذه المبادرة أن تشق طريقها في ظلّ النزاعات حول مزارع شبعا والإختلاف حول البلوكات النفطية وعلى الرغم من صدورها عن طرف العدوّ الإسرائيلي؟ فتنجح بسبب تلاقي المصالح الإقتصادية للبلدين؟

السابق
نتنياهو: نفعل ما بوسعنا لتقليل الخسائر البشرية في غزة
التالي
ازدهار تهريب البنزين السوري الى لبنان يهدّد الخزينة وسوق المحروقات