«يوم البيئة العالمي».. غائب عن لبنان

يحتفي العالم في الخامس من حزيران من كل عام بـ"يوم البيئة العالمي"، هذه اليوم غدا الأهم بين سائر المناسبات في الأمم المتحدة، نظرا لتغيّرالمناخ بشكل لافت، اضافة الى التلوث والجفاف، كونها مناسبة مرتبطة بالبيئة، في عالم يصرّ على اتلاف بيئته.

بالعودة سنوات الى الوراء، كان الحديث عن البيئة أمرا يُعد من قبيل الترف، فكان وجود مجلة او موقع إلكتروني او فقرة ببرنامج ما عن البيئة، وأهمية المحافظة عليها، أمرا غير مستساغ كثيرا.

إقرأ ايضا: بعد جرائم الدولة البيئية: محامون لبنانيون يتقدّمون بشكوى لدى الجنائيّة الدوليّة

اما اليوم، وبعد الأضرار الكبيرة بالبيئة، نجد ان معطم الحكومات في العالم تهتم بالبيئة من خلال وزارات تخصصية، تحاول الحدّ من التلوث والانبعاثات والسعي نحو الطاقة المتجددة، مع محاولة التخفيف من حرارة الارض، وفق ما أقرّت اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.

مقابل كل ذلك، نجد ان لبنان، يظهر، وكأنه غير معنيّ بقضيتيّ البيئة والمناخ، بل خارج اهتمامات الدولة في ظل استمرار التخريب، وسرقة رمول الشواطىء، وقضم الجبال، وتشويه الأحراج، وإنشاء سدود، وتشريع الكسارات، وتمرير مشاريع صناعية ملوثة، وهدر المال العام، وغض النظرعن التلوث، وتدمير الملاحات التاريخية، اضافة الى حرق النفايات بين البيوت، حيث تنتشر السموم القاتلة، اضافة الى تلويثات معامل الاسمنت.

بهذه المناسبة العالمية، تقول فاديا جمعة الصحافية البيئية والمسؤولة التنفيذية في جمعية “غرين ايريا الدولية”،  لـ”جنوبية”: “بداية، لا بد من الإشارة إلى أن يوم البيئة العالمي لهذه السنة جاء تحت شعار “التغلب على التلوث البلاستيكي”، خصوصا بعد أن تفاقمت مشكلة النفايات البلاستيكية على نحو خطير تهدد التنوع الحيوي في البحار والمحيطات، وتساهم في تلويث غذائنا وهوائنا ومياهنا، ولذلك أرادت الأمم المتحدة برعايتها لهذا “اليوم”، حث الحكومات وقطاع الصناعة والمجتمعات المحلية والأفراد على الاجتماع معا واستكشاف بدائل مستدامة، والحد بشكل عاجل من الإنتاج والاستخدام المفرط للبلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة والذي يلوث محيطاتنا ويضر الحياة البحرية ويهدد صحة الإنسان”.

وتضيف “ولمعرفة حجم المشكلة، تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن العالم يستخدم كل عام 500 مليار كيس من البلاستيك، وينتهي المطاف في كل عام، بما لا يقل عن 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات، أي ما يعادل شاحنة كاملة من القمامة كل دقيقة. وقد أنتجنا خلال العقد الماضي ما يفوق إنتاجنا من البلاستيك في القرن الماضي بأكمله. و50 بالمئة من البلاستيك الذي نستخدمه هو بلاستيك يستخدم لمرة واحدة أو يمكن التخلص منه كما أننا نشتري مليون زجاجة بلاستيكية كل دقيقة، فيما يشكل البلاستيك 10 بالمئة من جميع النفايات التي نخلفها”.

وكما هو معروف، “إن “صحة” المحيطات والبحار تمثل أهمية استثنائية في التوازن البيئي، وما يستدعي أن يكون لبنان جزءا من التحرك الدولي لمواجهة مشكلة النفايات البلاستيكية، يتمثل في أنه لم يعد في منأى عن الكارثة، ومن المفارقات أن يتزامن هذا “اليوم” مع حدث قد يظنه البعض عابرا، وهو العثور على كميات من البلاستيك في أحشاء سمكة “تونة” كبيرة، وثقها قبل أيام الخبير في علوم البحار في الجامعة الأميركية البروفسور ميشال باريش، وهذا يعني أن البلاستيك وصل إلى موائدنا وغذائنا عبر السلسلة الغذائية، دون أن ننسى التلوث الناجم عن المطامر الشاطئية، وحرق النفايات في مئات المكبات العشوائية، هذا فضلا عن تلوث الأنهار والكسارات والمرامل ومصادرة الشواطىء ومشاريع السدود، وجميعها يؤثر في المنظومات الإيكولوجية ويدمرها”.

وسط كل ذلك، “رغم الأهمية الاستثنائية لوزارة البيئة، نجد أن القوى السياسية النافذة تعتبر وزارة البيئة بمثابة “جائزة ترضية”، فيما العين على الوزارات السيادية، علما أنه في الدول المتقدمة باتت وزارة البيئة “أم الوزارات” كون عملها مرتبط بسائر شؤون الحياة”.

أمواج البيئة

إقرأ يضا: بسبب موجة حرٍّ باكرة: خطر بعوض الملاريا يهدد لبنان

وتختم، فاديا جمعة، بالقول “للأسف إن نظرة المسؤولين إلى وزارة البيئة ما تزال تقليدية، ولذلك نرى أن الأحزاب الطائفية لا ترغب في تولي مقاليدها، فضلا عن أن ما تراكم من مشكلات وملفات بيئية وصحية جعلت من وزارة البيئة مثل كرة النار، الكل يتقاذفها ولا يردي الإمساك بها، وباختصار، إن هذه الوزارة لا تحتمل أيضا صفقات ومحاصصات وتقسيم مغانم، ويبدو إلى الآن أن البيئة ما تزال خارج اهتمام السلطة بسائر مكوناتها، ولذلك لا نعول على من سيتولى وزارة البيئة، ذلك أن المشكلة تبقى في بنية النظام السياسي الموزع بين أحزاب الطوائف”.

السابق
21 مرشحا طعنوا بالانتخابات النيابية
التالي
وليد عربيد: انقلاب الموقف الروسي تجاه إيران تكتيكي وليس استراتيجي