مرسوم التجنيس وقعه عون والحريري.. و«حصّة الأسد» لحزب الله والأسد!

"مرسوم التجنيس" يثير أزمة لبنانية، رموز النظام السوري عادوا إلى لبنان.

فضيحة “مرسوم التجنيس”، لم تطوَ، بل تحوّلت إلى مسلسل يترجم الفساد وسياسة “مرقلي لمرقلك” التي تقوم عليها الدولة اللبنانية، هذا المرسوم واستناداً للأسماء المسربة منح الجنسية لشخصيات مقرّبة من النظام السوري، فيما رأى حقوقيون أنّ تجنيس عائلات من تلاحقهم العقوبات الأمريكية يفسح المجال أمام تبييض أموالهم ونشاطاتهم.
وفي مراجعة لـ “أرشيف” كل اسم من الأسماء الشخصيات المسربة، يلحظ المتابع أن أذرع الأسد عادت إلى لبنان مع “جنسية”، هذه الأذرع المتورطة في تمويل النظام وفي تغطية نشاطاته وصفقاته وما إلى ذلك مما تمّ كشفه في اليومين الماضييين.
ومن الأسماء التي طرح مجدداً حولها علامة استفهام هو اسم “نزار الأسعد”، إذ شملت الأسماء المسربة من المرسوم ابنتيه هدى وميا، مع زوجيهما مازن مرتضى ومحمد عيسى، وبذلك تكون عائلة السيد نزار قد نالت الجنسية اللبنانية بعدما نالها هو منذ 3 سنوات الى جانب 80 شخصية سورية بموجب مرسوم كان آخر وثيقة وقّع عليها الرئيس اللبناني ميشال سليمان قبل أن يغادر قصر الرئاسة.

ولكن من هو نزار الأسعد؟!

في العام 1980 تأسست شركة نفط اسمها “ليدز”مقرها في أبو رمانة بدمشق، ويملك هذه الشركة مناصفةً محمد مخلوف (والد رامي مخلوف) ورجل الاعمال نزار أسعد، تأسيس هذه الشركة جاء متزامناً مع تأسيس شركة الفرات للنفط التي كانت تقوم بأعمال التنقيب عن النفط واستثمار حقول النفط في سوريا.
شراكة الأسعد مع عائلة رامي مخلوف، طرحت تساؤلات حول وجود علاقة ما بين تجنيسه لبنانياً وملف النفط اللبناني الذي يعمل على تطويقه محور ما كان يعرف بـ8 آذار وهو المحور القريب من النظام السوري!

وبالعودة إلى “مرسوم” التجنيس الذي شمل سوريين وجنسيات أخرى منها شخصيات إيرانية، فإنّه من السذاجة بمكان تحميل المسؤولية المباشرة لرئيس الجمهورية ميشال عون، لأنّه وقع المرسوم، فأحد المحللين لا يستبعد طبقاً للأسماء المعلنة، أن يكون المرسوم قد طبخ فعلياً في حارة حريك، وأغلب الأسماء قد تمّ جدولتها في القرار بناء على طلب قيادة حزب الله وبالتنسيق مع النظامين السوري والإيراني.

لاسيما وأنّ المستفيد الأوّل من الأسماء المسربة محور (حزب الله – إيران – الأسد)، فيما تمّ إرضاء المجتمع المسيحي الذي يمثله رئيس الجمهورية ببعض الأسماء المجنسة من الديانة المسيحية للقول أنّ هذا المرسوم يراعي التوازن والميثاقية وما إلى ذلك من العبارات التي تدور حول استعادة حقوق المسيحيين والتي أنتجتها سياسة التيار الوطني الحر.

هذا وكما بات واضحاً فإنّ المرسوم لن يشق طريقه إلى الجريدة الرسمية، فوزير العدل سليم جريصاتي أشار في بيان أصدره يوم أمس السبت 2 حزيران، إلى أنّ المرسوم ” يندرج كليا في دائرة اختصاص رئيس الجمهورية عملا بالمادة 3 المعدلة من ​قانون الجنسية​ اللبنانية الصادر بتاريخ 19 كانون الثاني 1925، ويتوافق مع شروطها توافقا كاملا”.
وأضاف جريصاتي “يعتبر هذا المرسوم من المراسيم الاسمية التي لا تحتاج الى النشر في ​الجريدة الرسمية​، لا حياء ولا خفرا ولا تورية، بل لانها تصبح نافذة اعتبارا من تاريخ صدورها”.

هذه اللهجة التي تبناها جريصاتي في المسألة هي نفسها التي طغت على نواب كتلة دعم رئيس الجمهورية “لبنان القوي”، فهي اعلنت صراحة أنّ الحملة على المرسوم استهدافاً للعهد وفيها نوايا مبطنة، من جانبه دعا رئيس الجمهورية في تعميم أصدره كل من يملك معلومات عن غير مستحقي الجنسية من الذين تم تجنيسهم ان يقدم معلوماته للأمن العام للاستثبات، غير أنّ ما طلبه الرئيس لا يمكن أن يصبح نافذاً ما لم ينشر القرار أو يعمم!
من جهتها انتقدت أوساط دولة الرئيس نبيه برّي مرسوم التجنيس، متساءلة عن كيفية تخطي هذا المرسوم للأمن العام اللبناني الذي من مسؤوليته التدقيق في الأسماء الواردة فيه؟!

وفيما يتساءل المراقبون “كيف وقع تيار المستقبل الممثل في هذا المرسوم بالرئيس سعد الحريري و وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على تجنيس هذه الشخصيات؟!”، تواصل موقع “جنوبية” مع عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش الذي أشار إلى أنّ “التفاصيل ما زالت ضائعة بين الأسماء والمسؤوليات في هذا الملف، فيما المؤكد أنّ رئيس الجمهورية يستطيع أن يعد هذا المرسوم ولكن يحتاج طبعاً لتوقيع رئيس الحكومة و وزير الداخلية”.

مصطفى علوش

 

وأضاف علوش “فيما يتعلق بالشخصيات التي قيل أنّ المرسوم قد شملها هناك لغط إن من جهة علاقتها بالنظام السوري أو أهليتها للحصول على الجنسية، كل هذه الأمور غير واضحة وعلى الأمن العام أن يقوم بالبحث في هذا الموضوع”.

وفي رد على ما قاله وزير العدل سليم جريصاتي من أنّ المرسوم لا داعٍ لنشره في الجريدة الرسمية، تساءل علوش “هل سيتم إقراره بشكل سرّي؟ لا بد من نشره كي يتمكن المواطن من تقديم دعوى أو الإدلاء بما لديه من معلومات بهذا الخصوص”.

إقرأ أيضاً: نواب الكتائب والقوات يستعدون للطعن بمرسوم «تجنيس الميسورين»

في المقابل أكّد الخبيرالدستوري والخبير في القانون الدولي انطوان سعد لـ”جنوبية” أنّ لا إلزامية لنشر المراسيم الإفرادية في الجريدة الرسمية، مشيراً إلى أنّه “بإمكان المواطن أن يطلب نسخة من المرسوم من وزارة الداخلية والبلديات التي هي الإدارة المختصة، وفي حال لم يتم منح النسخة يتم ربط النزاع مع الوزارة لمدة شهرين، وعدم إعطاء النسخة لصاحب الطلب بعد شهرين يعد قراراً ضمنياً بالرفض وبالتالي يتم الطعن فيه وإلزام الوزارة على إبراز المرسوم ليتم بعدها الطعن فيه”.

وأوضح سعد أنّ “المرسوم لا يصبح نافذاً في حال اعتراض أحد الجهات الثلاثة المسؤولة عنه أي رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو وزير الداخلية”.

 

وفيما يتعلق بالخطوات التي باشرت فيها بعض القوى للطعن بمرسوم التجنيس قال سعد “الطعون قد تنجح لأنّ المرسوم يخالف القانون، فالقانون ينص على إقرار هذا المرسوم الإفرادي في حالات محددة منها:
– أن يكون المجنس مقيماً في لبنان منذ 10 سنوات،
– أن يكون متزوجاً من لبنانية ومقيماً في لبنان منذ 5 سنوات.

وفي خلاف ذلك، يتم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بتصويت الثلثين في حال كان المتقدم للجنسية اللبنانية قد قدم خدمات جلّى للمواطنين اللبنانيين دون إقامة ودون زوا،”.

ولفت سعد إلى أنّهم “يقولون أنّ من بين الأسباب مبررات صحية وهذا ما لم ينص عليه القانون، إضافة إلى أنّ كل الشروط لم تتوافر في المرسوم الصادر”.

إقرأ أيضاً: هذه أسماء الشخصيات السورية المقربة من نظام الأسد في فضيحة «مرسوم التجنيس»

في السياق نفسه رأى الصحافي أسعد بشارة في حديث لـ”جنوبية” أنّ “هذا المرسوم يطرح علامات استفهام عديدة ومشبوهة حول تمريره بهذا الشكل، فإذا كان هناك حق قانوني لرئيس الجمهورية بإعطاء الجنسية وفقاً لآلية معينة وبإمضاء وزير الداخلية ورئيس الحكومة، فهذا لا نقاش فيه، ولكن أن يكون المرسوم دبّر في ليل وصدر وأصبحت ترجمته القانونية فعلية دون أن ينشر في الجريدة الرسمية وأن يكون المرسوم قد احتوى على أسماء هي رموز وواجهات مالية للنظام السوري، فإنّ هذا الموضوع يطرح علامات استفهام والتشكيك فيه تشكيك وطني”.

وأضاف “المسار القانوني للمرسوم قد يكون سليم لحد ما بموجب الحق الذي يملكه رئيس الجمهورية، ولكن التشكيك هو تشكيك وطني، لأن رئيس الجمهورية ترأس فريقاً سياسياً كان دائماً يحذر من عمليات مراسيم التجنيس ويعارضها، وهذا الفريق عارض أن يحصل ابناء الأم اللبنانية على الجنسية، في حين نرى الآن أنّ الأسماء الواردة في هذا المرسوم معظمها من الرأسماليين الذين يرتبط بعضهم بالنظام السوري، كما لا يمكن تفسير سبب ورود هذه الأسماء الآن في هذا المرسوم ولماذا أعطوا الجنسية اللبنانية”.

وتساءل بشارة “ما هي المعايير التي اعتمدت لإصدار هذا المرسوم الآن وبهذا الحجم، فحجم المرسوم لا يمكن الاستهانة فيه لاسيما وأنّه لم يشمل إعطاء الجنسية اللبنانية لمستحق بناءً لمعيار سليم، إذ هناك عدد كبير من الأشخاص حصلوا على الجنسية وهم جميعهم ينتمون لفئة محددة وهم أصحاب رؤوس الأموال، وبالتالي الاستغراب كان سيكون حقيقياً لو لم تحصل ضجة على هذا المرسوم وليس العكس”.

وفيما يتعلق بالجدل الذي أحاط حول توقيع الرئيس الحريري على هذا المرسوم وما يهمس به البعض عن أنّ الأسماء قد تكون أضيفت بعد توقيع الحريري وبالتالي لا علم له بها، قال بشارة “لا استبعد هذا الموضوع ولكن لا معلومات لدي، إلا انّ هناك سوابق معينة حصلت في ملف بواخر الكهرباء إذ كان يتفق على شيء محدد في جلسة مجلس الوزراء ليتم لاحقاً إصدار القرار الرسمي بطريقة أخرى وبصيغ مختلفة”.
ولفت بشارة إلى أنّ التحايل غير مستبعد، معلقاً “الرئيس سعد الحريري لا مصلحة له أن يضع توقيعه على تجنيس رموز النظام السوري في لبنان، بالتالي كيف حصل هذا الأمر؟ الجواب لدى الرئيس الحريري، وإن حصل هذا الموضوع وأضيفت اسماء إلى المرسوم بعد التوقيع فإنّ هذه كارثة فوق الكارثة، وبالتالي على الرئيس الحريري حينها أن يخرج إلى الرأي العام ويكشف الحقيقة ويرفض هذا المرسوم وأن يساعد من موقعه أن يتم الطعن به، لأن المرسوم هو عملية “تجرة” واضحة تفوح منها الروائح على أنواعها”.

السابق
جنبلاط يلتقي حسين خليل ووفيق صفا
التالي
«الراي» الكويتية: واشنطن تعدّ عقوبات غير مسبوقة على لبنان