هل يطال منع استيراد أصناف بضائع من تركيا… الصين أيضا؟

سوق
حظي امس القرار الحكومي بمنع إستيراد بعض المنتجات التركية بإهتمام على الساحة المحلية، وقسم الرأي العام اللبناني بين مؤيد لهذا القرار لحماية الإنتاج المحلي وبين معارض لأنه يحد من خيارات المستهلك اللبناني لناحية الجودة، في ظلّ ضعف الإنتاج المحلي.

وقد إتخذت الحكومة اللبنانية القرار في 16 أيار 2018، القاضي بمنع استيراد البسكويت و”الويفر”، مواد التنظيف والبرغل من تركيا، مقابل التشدد في استيراد أصناف أخرى من الورق والكرتون والألبسة الجاهزة، ما احدث بلبلة واسعة وما رافقه ذلك بنشر معلومات مغلوظة عن وقف استيراد كافة المواد الغذائية التركية إضافة إلى الألبسة وصلت إلى حدّ الترويج بان السلطات التركية ردت على القرار اللبناني بمنع دخول اللبنانيين الى تركيا دون تأشيرة سفر إعتبارا من شهر تموز المقبل وقد نسب الخبر إلى وكالة الأناضول التي سارعت إلى نفيه جملة وتفصيلا.

اقرأ أيضاً: هل تنجح مساعي مصر لتجنيب غزّة حرب شاملة لحساب إسرائيل وإيران؟

وقد استندت وزارة الإقتصاد والتجارة إلى عدد من الكتب أرسلت إليها من قبل جمعية الصناعيين اللبنانيين، تعرض فيها المشاكل والصعوبات التي تواجه هذه القطاعات من منافسة غير عادلة من المنتجات المستوردة من بلدان عدة أبرزها تركيا”، وذلك وفقا لما ورد في محضر جلسة مجلس الوزراء. وعلى هذا الأساس إقترحت الوزارة وقف إستيراد بعض المنتجات التركية لأنها تلحق الضرر بالإنتاج المحلي لدخولها إلى لبنان عبر التهرّب من الرسوم الجمركية إما من خلال الإنزلاق على بنود أخرى معفاة جمركياً أو من خلال الاستيراد عبر المعابر غير الشرعية، وعلى ذلك تم إتخاذ القرار خصوصا أن لبنان لا يرتبط مع تركيا بإتفاقات تجارية تحظر إتخاذ اي إجراءات منع أو قيود على الإستيراد.

وفيما المؤكد أن اي إجراء لحماية الصناعة والإنتاج المحلي اللبناني هو صائب لكن السؤال لماذا هذا الإجراء شمل فقط تركيا دون الدول العربية الأخرى أو الصين مثلا؟ وهو ما يطرح كثيراً من التساؤلات بشأن هوية المستفيدين من القرار.

الرئيس السابق لجمعية الصناعيين فادي عبود اكّد في حديث لـ “جنوبية” أن معاناة الإستيراد من تركيا هي منذ عام 2002، وهدف من هذا القرار ليس التصويب على تركيا بل على عكس هي دولة جارة ونحن نريد التعاون معها لكن إذا تحدثنا بالعكس لا أحد من الصناعيين اللبنانين يستطيع التصدير إلى تركيا لأن السوق التركي هو مفتوح بالمبدأ لكنه مقفل تماما في الحقيقة لأنها تفرض عوائق على الاستيراد بإستثناء الخردة”.مشيرا أن ” إستيراد لبنان للمنتجات التركية بفوايتر مخفضة أو من خلال التهريب، إضافة إلى إستيراد الثياب المستعملة كان من نتائجها إقفال معظم مصانع الألسبة في لبنان”.

فادي عبود

لكن رأى عبود أن حصر كل المشكلة بالإستيراد من تركيا عليه علامات إستفهام لأن ما يحدث مع الصين لا يتختلف عما يجري مع تركيا،لافتا أن “المضحك والمؤسف والمبكي أن لا أحد يودّ حل جديا معالجة مشكلة التهريب”. وأكد أن “غالبية الدول التي يستورد منها لبنان تختلف أرقامها الاحصائية عن الأرقام المحلية، وعلى سبيل المثال أن احصاءات الصين للبضائع المصدرة إلى لبنان تأتي دائما مختلفة عن الأرقام اللبنانية للبضائع المستوردة من الصين. فالأرقام الصينية تفوق الأرقام اللبنانية بنحو الثلث. ما يعني أن فارق الأرقام الاحصائية هي بضائع مهربة والفواتير التي تأتي مخفضة”. مشددا على أن “طريقة معالجة هذا الأمر من قبل الجمارك سخيفة وذلك عبر الطلب من التجار إحضار ورقة التحويل من المصرف التي يمكن تزويرها بسهولة”.

وأكّد أن “هذه الإجراءات بالنسبة لتركيا يجب ان تشمل سائر الدول، لأن كلفة الفواتير المخفضة تكبد الخزينة اللبنانية ما يفوق 500 مليون دولار، وغير صحيح أن الجمارك غير قادرة على معالجة هذا الأمر”. مشيرا إلى ممارسات قطاع الجمارك الذي يعرقل عملية تخليص البضائع عبر فرض طلبات تعجيزية على المستوردين الذين يقومون في نهاية المطاف بتقديم الرشوة لإنهاء العملية”.

وختم عبود بالتشديد “على أنه لا يمكن معالجة الإقتصاد اللبناني بحل الخطوط العريضة للتوجّه الإقتصادي، فصحيح أنه يجب وضع خطط إقتصادية لكن الشيطان يكمن في التفاصيل والتفاصيل هي سبب الفساد الموجود في لبنان وهو الذي يحكم الإجراءات المتبعة”. وتابع “ما جرى مع تركيا يجب أن يعمم مع دول أخرى خصوصا الصين وكافة الدول العربية التي تشهد بضائعها المستوردة ايضا عمليات تهريب أو إدخالها بواسطة فواتير مزورة”.

بدوره اكّد لـ “جنوبية” رئيس مصلحة شؤون الضمان في وزارة الإقتصاد والتجارة الدكتور نبيل سرور أن “الخوف من منافسة للمنتج الوطني هو سبب منع الإستيراد، المشكلة الأساسة على المستوى الإقتصادي أن السلع الأجنبية هي منافسة المنتج المحلي من حيث السعر والجودة وبالتالي المستهلك اللبناني يدفع ثمن هذا المنع”.

نبيل سرور

وأشار إلى أنه “المطلوب من الدولة اللبنانية أن تدعم الصناعات اللبنانية على مستوى القروض وتشجيع بعض الصناعات لتكون منافسة للسلع الأجنبية فلا تصبح الأخيرة سعرها أقل وجودتها أعلى من البضاعة اللبنانية “. لافتا “لبنان لديه بعض الدول التي نتعامل معها بالمثل والتي نرتبط بها باتفاقيات تجارية إلا أن الواضح أن هناك تفلتا من بعض الإتفاقيات بمعنى أنه ليس هناك إلتزام من قبل الطرفين بموضوع التسعيرة والجودة”.

اقرا أيضاً: الأمن الإقتصادي يساوي الأمن الوطني

وختم سرور بالتأكيد على أن هناك “نوع من التنافس غير العادل وهناك فوضى عالمية فيما يتعلّق بالإستيراد والتصدير ، لذا المطلوب دراسة موضوعية تأخذ بعين الإعتبار هيكلية الإقتصاد اللبناني وهيكلية الحاجات والسلع المطلوبة وإتخاذ قرارات بِشأن المنتجات التي يجب حمايتها أو عدم حمايتها”.

السابق
طفل عانق الرئيس ترامب بعد عدة محاولات فاشلة!
التالي
محاولات الإنتحار في لبنان… لا تزال ضمن المعدلات الطبيعيّة!