مسلسل «تانغو».. رقصٌ خارج الإيقاع!

مسلسل "تانغو".. الدراما في نقلة نوعية!

لم تبالغ المؤسسة اللبنانية للإرسال حينما همست في ترويجها لمسلسل “تانغو” إلى الميزانية الإنتاجية العالية، كما لم يماطل القيمون على هذا العمل في إيصال هذه الرسالة بالصوت والصورة للمشاهد، فالمشهد الأول من الحلقة الأولى، أكّد أننا أمام نوع متقدم من الدراما بدءاً من الصورة والتقنيات الاحترافية، و وصولاً إلى القصة والأحداث!

في “تانغو”، يجد المشاهد نفسه أمام مسلسل ينقسم تلقائياً إلى جزئين، الجزء الأوّل وهو الذي يسبق بداية المسلسل أي ما قبل الحادث الذي جمع “عامر وفرح” في قالب مأساوي واحد مع رصاصة مجهولة، أما الجزء الثاني، فهو مرحلة ما بعد الحادث والحقائق التي بدأت بالظهور تباعاً. هذه الازدواجية بين الماضي والحاضر تمّ إخراجها في سياق متوازٍ وتلقائي في جميع المشاهد، دون أن يقع متابع المسلسل في متاهة الأحداث أو زمنها.

“تانغو” الذي جمع مجدداً بين الثنائي إياد أبو الشامات كتابةً، ورامي حنّا إخراجاً، قدم صناعة جديدة في عالم المسلسلات، فهذا العمل اليوم خارج السباق الرمضاني والمنافسة، إذ لا مسلسل يرقى لأن يزاحمه على الأولوية الرمضانية إن من حيث القصة، أو العدسة، أو الإخراج، أو الحبكة.

في إطار بوليسي والبحث عن “القاتل”، حملنا مسلسل “تانغو” مع خطوات دانييلا رحمة (فرح) إلى خليط من المشاعر والتجارب، فاجتمع الحب مع الخيانة والتضحية والانتقام والأنانية في قالب واحد، المسلسل كذلك عالج العديد من المسائل، منها التفكك الأسري، فعامر (باسل خياط) يحمل نقمة على والدة تخلت عنه صغيراً بحثاً عن زوج آخر غير والده، فيما المحقق جاد (طلال الجردي) لم يستطع الفصل بين الجرائم التي يعالجها وبين العائلة فتحولت الزوجة بالنسبة إليه إلى آلة للإنجاب، لتتملكه لاحقاً مشاعر الشك والخيانة بعد توليه لقضية قوامها خيانة زوجية.

إقرأ أيضاً: ناشطون بقاعيون يدّعون على «الهيبة»: الخارجون عن القانون ليسوا أبطالاً!

في هذا المسلسل لكل ممثل دوره ومساحته وتأثيره، المسلسل لا يزدحم بالأسماء، الشخصيات التي تدور حولها الأحداث معروفة دون أيّ تشعبات، بدءاً من النجم السوري باسل خياط في دور “عامر” والذي لم نكتشف حتى اللحظة جميع ملامح شخصيته، هذه المتعة في اكتشاف الشخصيات في تحليلها في قراءتها هو ما يميز “تانغو”، فهذا العمل ليس لقمة “سهلة” للمشاهد وإنّما هو تحدّي له، ليتحوّل جمهور المسلسل إلى مجموعة من المحققين والمعالجين، يتابعون ما يحصل ويسجلون ملاحظاتهم وتوقعاتهم في انتظار حلقات مقبلة تثبت صوابيتها من عدمه.
من “عامر” ننتقل إلى لينا الشخصية التي أدّت تفاصيلها باتقان النجمة السورية “دانا مارديني”، هي الزوجة المفجوعة المدمنة على الكوكايين، التي واجهت صدمة خيانة زوجتها مع من كانت تعتبرها صديقتها، ملامح النجمة مارديني تتقمص الدور، الغضب، الحزن، البكاء، الانتقام.. كل ما في جسدها يمثل معها ويقنعنا بما تعانيه.
أما شخصية سامي التي جسدها النجم اللبناني “باسم مغنية”، فهي شخصية لا تؤدي، لا تشعر معها أنك أمام سيناريو أو مسلسل، فحقيقة “مغنية” في تقمص الأدوار هي السباقة، وانفعالاته تصل إلى المشاهد من دون أي مجهود أو معاناة.
أما المحقق جاد “طلال الجردي”، فهذه الشخصية هي الرقم الأصعب لاسيما وأنّ الجردي “الكوميدي” قد خاض بهذا المسلسل غمار الدراما الصعبة، إذ تقمص النجم اللبناني في “تانغو” شخصية المحقق بأدق تفاصيلها، لم نرَ في وجهه صورة الممثل الذي أضحكنا في أعمال سابقة، كل هذا تلاشى، وحده جاد كانت تحت الأضواء.

إقرأ أيضاً: الهيبة.. والعودة الناقصة!

فيما كانت المفاجأة في هذا العمل ملكة جمال المغتربين “دانييلا رحمة” والتي تخوض عالم التمثيل للمرة الأولى في شخصية “فرح”، رحمة التي رقصت “التانغو” بين العشق والخيانة، رقص المشاهد معها، وبات من الصعوبة أن تصدق أنّ هذه التجربة الأولى؟ وأن التي تقف أمام باسل خياط وباسم مغنية بقوة وجرأة لم تمثل من قبل؟ “دانييلا رحمة” أثبتت في هذا العمل أنّ التمثيل يليق بها، وأنّها تمتلك ثقافة الأداء!

ببساطة مسلسل “تانغو” هو ورقة اللوتو الرمضانية، في كل حلقة يشوقنا المسلسل للحلقة المقبلة، لا سبيل لنا للمعرفة، كل ما بإمكاننا هو الشك والانتظار والمشاهدة.

السابق
المشنوق: الفلتان الامني منتشر بطريقة غير مقبولة في منطقة بعلبك الهرمل
التالي
الكرملين: إجتماع بين الرئيس الروسي وولي عهد أبوظبي غداً