ذاكرة النبطية في مائة عام (1890- 1990)

لم تكن الصورة يوما إلا ميثاقاً للذاكرة، تحفظ تفاصيل الأمكنة، تؤرشف اللحظات التي تبقى بفضلها في الذاكرة، قبل مئة عام كانت النبطية مدينة تجارية، مقصد القوافل والتجار الوافدين من فلسطين المحتلة اليها لتبادل البضائع.

وكانت مدينة ترتكز على الحرف التراثية كالحداد العربي، الكندرجي، الخيـاط، الإسكافي، صانع الجلود، مصلح ماكينات الخياطة وغيرها، وكـان المصوراتي أنذاك بمثابة رحّالة بين القرى يلتقط ما طاب له من لحظات يصدرها بشكل فوري وبالأبيض والأسود، وكان للصورة قيمة خاصة، وفق ما تقول الحاجة ام وهيب التي وقفت أمام صورة قديمة للنبطية تعرض السرايا العثمانية التي كانت مقرا عسكريا “للعثملي” ومن بعده الجيش الفرنسي الذي فرض حكمه على المدينة وقراها طيلة احتلاله للبنان والذي إستمرت حتى الإستقلال إذ كان للنبطية ورجالاتها سيما محمد بك الفضل إبن مدينة النبطية دورا في هذه المعركة.

في معرض ذاكرة النبطية بالطابع البريدي، هذا المعرض الذي يقام لأول مرة يحول فيها الصورة الى طابع بريدي، قد يكون ذات يوم سفيرا للعالم يترجم أحداث التاريخ بقصة وكلمة، عرضت اكثر من مئة صورة بالأبيض والأسود من أرشيف المؤرخ علي مزرعاني، والإعلامي كامل جابر، صورا حاكت الحياة بكل تفاصيلها الثقافة التي كانت سائدة قبل مئة عام، عادات وتقاليد وبعض من قصائد أرشفت لتلك الحقبة.

إقرأ ايضا: رئيس الجمهورية يكرّم الأديبة إميلي نصرالله

في كل لوحة من المعرض حكاية، في كل مشهد تتجسد ثقافة ونضال وحراك لأجل الحياة التي إتسمت بالقيمة الفكرية الرائدة، وفق ما أكد عليه الدكتور علي الصمد مدير عام وزارة الثقافة اللبناني مستشهدا بمقولة لللأديب مارون عبود: “ويل لأمة لا ذاكرة لها”، معتبرا أن إحياء جانب من جوانب تراث النبطية صورا ببطاقات بريدية وطوابع لهو جزء من هوية النبطية التي مسقط رأس إديسون العرب العبقري، حسن كامل الصباح، الذي قدم للبشرية عشرات الاختراعات، هي مدينة الشيخ عارف الزين، هي مدينة أحمد رضا الى عشرات المبدعين في مختلف الرواتب المعرفية”.

المعرض الذي حمل عنوان  ”ذاكرة النبطية في مائة عام 1890-1990″  أقيم في مركز كامل يـوسف جابر الثقافي الإجـتماعي في النبطية برعاية وزير الثقافة الدكتور غطـاس خوري ممثلا بالدكتور علي الصمـد وبالتعاون مع مركز جابر وجمعية بيت المصور في لبنان ومعرض خليل برجاوي لطوابع البريد، وتخلل المهرجان الذي حضره ممثلو النواب: عبد اللطيف الزين، سعد الزين، هـاني قبيسي، النـائـب يـاسين جابر، والدكتور محمد قـانصـو، محمد رعد، الحاج علي قانصو، وفاعليات حزبية، سياسية، إجتماعية، ثقافية، تربوية، وأهلية، معرضا للطوابع البريدية التي حـاكت ذاكرة النبطية بكل مراحلها وأعادت للذاكرة تلك الحقبة من تاريخ المدينة الذي حفرت في صور بالأبيض والاسود.

على هامش المعرض، ألقيت كلمات من وحي المناسبة لكل من رئيس جمعية “بيت المصور” في لبنان كامل جابر، والمؤرخ منذر جابر و النائب ياسين جابر، وممثل الوزير الدكتور غطاس خوري المدير العام للوزارة الدكتور علي الصمد.

إقرأ ايضا: «3000 ليلة» في النبطية بحضور مخرجته مي المصري

وبعد أن قدّم المؤلف أيمن الدايخ هدية عن عملات لبنان الى النائب جابر في العيد العشرين لتأسيس المركز، وناجي الحلبي وشيخ الخطاطين علي عاصي، هدية أخرى للنائب جابر، سلم جابر الميدالية الذهبية للمركز الصادرة في عيده العشرين تحت عنوان “عشرون عاماً من الثقافة الوطنية” لممثل الوزير خوري الدكتور الصمد، وسلم النائب جابر ميدالية ذهبية للزميل جابر. وجال الجميع في أرجاء المعرض.

مع كل طابع يوجد حكاية، ومع كل صورة هناك تاريخ محفوظ بين ألوانها، فالتاريخ المصور أصدق إبناء على حديث المستقبل القادم.

السابق
اللبنانيون يشكون الغلاء والسبب…تنكة البنزين!
التالي
طفل عانق الرئيس ترامب بعد عدة محاولات فاشلة!