بدعة «حصّة رئيس الجمهورية» تهدّد بابتداع حصص للرؤساء الثلاث!

بعد حصة رئيس الجمهورية، ها هي حصة جديدة أعلن عنها الحريري لرئيس الحكومة، فما الخلفية؟ وما الموقف القانوني  والدستوري؟

فيما يبحث وزير الخارجية جبران باسيل عن أكبر عدد من الحقائب الأساسية والسيادية في الحكومة المقبلة من بينها حقيبة المال العائدة لكتلة التنمية والتحرير أو حقيبة الداخلية التي يتولاها تيار المستقبل، وفيما يحاول الاستحواذ للفريق السياسي الذي يمثله على ما يسمى “الثلث المعطل”، وذلك بفصل وزراء تكتل “لبنان القوي” عن حصة رئيس الجمهورية المحسومة بحسب التيار الوطني الحر، أكّد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يوم أمس الثلاثاء 29 أيار بعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا أنّ “تيار المستقبل هو تيار المستقبل ولا أحد يمكنه التشكيك بوجوده وبحصته في الحكومة وكذلك توجد حصة رئيس الحكومة”.
هذا الكلام الذي أدلى به الجريري جاء رداً على سؤاله إحدى الصحافيات له، عمّا إذا كان تيار المستقبل سيحصل على 6 وزراء في الحكومة المقبلة.

كلام الحريري عن القوّة التمثيلية للتيار الأزرق وعن حصته في الوزارية كرئيس حكومة، يتزامن مع ما يتردد في الأوساط السياسية عن تسمية وزير سني من ضمن حصة رئيس الجمهوريةً، إضافة إلى تسليط الضوء من قبل بعض الأطراف السياسة على النواب السنة العشرة في المجلس الذين يغردون خارج سرب “المستقبل” وهم النواب: نجيب ميقاتي، فيصل كرامي، جهاد الصمد، عبد الرحيم مراد، عدنان طرابلسي، فؤاد مخزومي، أسامة سعد، الوليد سكرية، قاسم هاشم، بلال عبد الله.

في هذا السياق أشار الصحافي والمحلل السياسي جوني منير في حديث لـ”جنوبية” إلى أنّ “ما قاله الرئيس سعد الحريري عن “حصته” يتعلق بالحصة السنية التي لديه، فالحريري يملك 19 نائباً سنياً وبالتالي لا يستطيع أخذ كل الوزراء، في المقابل هناك فريق ثانٍ يطالب بوزير سني ورئيس الحكومة ليس موافقاً على هذا الموضوع”.

وفيما لفت منير إلى أنّ الرئيس الحريري يقول لهم اليوم إن أردتهم أخذ الوزير السني، فأنا أيضاً سآخذ حصةً في مجلس الوزراء أسوة برئيس الجمهورية، رأى بالتالي أنّ طرح الحريري يعني الذهاب نحو التفاوض، وأنّ المفاوضة الحقيقية والجدية هي بعد عودة الحريري من السعودية.

وفي الختام أكّد المحلل السياسي أنّ “الجميع حالياً يرفع السقف حتى يتمكن لاحقاً من الاحتفاظ بهامش له، أما فيما يتعلق بتأليف الحكومة فأنا أستبعد أن يتم قبل العيد”.

بين حصة رئيس الجمهورية وحصة رئيس الحكومة، أصبح لبنان أمام مجلس وزراء قائم على مجموعة من الاتفاقيات التي لا أفق دستوري له، ولا أعراف تغطيها.

فهل تؤدي هذه الأجواء إلى المطالبة بحصة ثالثة لرئيس مجلس النواب، وبالتالي يتحول المجلس إلى أداة تحتكرها القيادات الطائفية التي تحكم لبنان؟

الخبير الدستوري المحامي ماجد فياض، أكّد في حديث لـ”جنوبية” أنّ هذا الذي يتم بشأن تشكيل الحكومة والحديث عن أنّ هناك حصصاً محفوظة لرئيس الجمهورية وبمقابل ذلك لرئيس الحكومة وما قد يخرج لاحقاً بحصة لرئيس المجلس النيابي إنّما هي كلها بدائع نظام الديمقراطية التوافقية الطائفية المذهبية الذي يحكم لبنان اليوم، والذي لا يشكل بأيّة صور من الصور مضمون اتفاق الطائف وما جاء في الدستور من مواد قانونية تستلهم طروح الاتفاق التي تمت في الطائف”.

وأضاف “ليس هناك من حصة محفوظة لرئيس الجمهورية، ويجب ألا تكون أصلاً لأنّه بموجب المادة 49 من الدستور هو رأس الدولة والحكم بين السلطات والمسؤول عن حماية الدستور وهو بموجب المادة 53 من الدستور من يصدر مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة بعد أن يكون قد عينه رئيساً للحكومة بناءً على استشارات نيابية ملزمة يطلع على نتيجتها رئيس مجلس النواب”.

المحامي ماجد فياض

ولفت فياض إلى أنّ “تشكيل الحكومة بحد ذاته هو مهمة رئيس الحكومة، وعملية التأليف للحكومة بعد التكليف كان يجب -لو طبق اتفاق الطائف وطبق الدستور بصورة صحيحة- أن تكون فيها لرئيس الحكومة الصلاحية الأوسع في تشكيل فريق عمله الوزاري الذي يختاره على أساس استشارات نيابية للكتل وللأفراد النواب فيستأنس برأيهم ليرى كيف يمكنه أن يقدم فريقاً وزارياً متجانساً ومتضامناً، ليقوم بمهام السلطة التنفيذية ويشغل وزاراتها ويحقق مسوؤلياتها بحيث يحوز الثقة الواجبة في مجلس النواب بناءً على البيان الوزاري، شرط أن يكون تشكيل هذه الحكومة والفريق والوزاري المتجانس فيها والمتضامن بالتوافق مع رئيس الجمهورية بشأن كيفية التشكيل والصورة التي تؤمن حكماً للأكثرية بوجه الأقلية”.

إقرأ أيضاً: ولادة الحكومة تتعسّر.. والتيار الحر يطالب بثلت الحقائب الوزارية!

وتابع موضحاً أنّ “الدستور لم يتحدث لا عن حصة لرئيس الجمهورية خصوصاً أنّه تمّ الاعتراض على مثل هذه الحصة سياسياً من قبل رئيس الجمهورية اليوم في زمن الرئيس ميشال سليمان، كما تمّ الاعتراض على ذلك من قبل كثيرين قبل ذلك، ولا حصة لرئيس الحكومة لأن مجلس الوزراء مؤلف من فريق وزاري يفترض أن يكون قد اختاره رئيس الحكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية ليس على أساس حصص ولكن على أساس مبدأ حكم الأكثرية ومعارضة الأقلية وتكوين فريق يحقق فعلاً التضامن الوزاري”.

إقرأ أيضاً: أسوة برئيس الجمهورية: لماذا لا يطلب الحريري حصة وزارية لرئاسة الحكومة؟!

ليختم الخبير الدستوري ماجد فياض بالتأكيد أنّ “كل هذه المفاهيم ليست هي التي تطبق اليوم ولذلك نرى البدعة في القول بأنّ هناك حصة لرئيس الجمهورية وحصة لرئيس الحكومة وقد تطالب الطائفة الثالثة بحصة لرئيس المجلس النيابي فيصبح أسهل الأمور أنّ نعين المجلس النيابي بكامله أو بالجزء الأكبر منه في حكومة، ما دمنا لا نطبق المفاهيم الدستورية الصحيحة في هذا الإطار وما دام يتواجد قانونيون وسياسيون جاهزون للدفاع عن هذه البدع في نظام الديمقراطية التوافقية الطائفية المذهبية السائد اليوم”.

السابق
صفقة مرسوم تجنيس «المحظيين العرب والسوريين» تفاجىء اللبنانيين
التالي
تعرّف على موطن الطيور في منحدرات «لاترابجارج» أيسلندا