نقاش تقرير قديح البيئي في صيدا

كان من المفترض نشر هذا النص عن التقرير البيئي الذي أعده الدكتور نجي قديح بعد اللقاء الذي عقد في بلدية صيدا في 27 نيسان 2018 مباشرة، لكن مناسبة إجراء الانتخابات النيابية في السادس من أيار 2018، دفعت إلى تأجيل نشره.

كانت خطوة إيجابية عندما دعا رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي إلى لقاء لنقاش التقرير البيئي الذي أعده الخبير الدكتور ناجي قديح عن حالة معمل فرز ومعالجة النفايات والمصادر المحتملة للروائح في صيدا، وسلمه لبلدية صيدا بتاريخ 22/2/2018.

عقد لقاء النقاش بعد ظهر الجمعة 27 نيسان 2018 في بلدية صيدا، حضره عدد من الناشطين والمهتمين بالإضافة إلى بعض أعضاء مجلس بلدية صيدا. كان الاتفاق مع الدكتور قديح، وبناء على اقتراحه، أن لا يقدم نقاط التقرير الموزع على الحضور، والذي كان المطلوب منهم تحديد ملاحظاتهم وأسئلتهم. بل يقتصر النقاش على تقديم الملاحظات ونقاشها. لكن إدارة الجلسة شطبت إيجابية الخطوة، وطلبت تقديم نقاط التقرير واستغرف ذلك نحو 50 دقيقة، وفتح باب النقاش والذي حدده السعودي بـ20 دقيقة فقط، وبالتالي لم يعد هناك أية إمكانية لنقاش جدي حول النقاط التي تضمنها التقرير، واقتصر النقاش على مجموعة من الأسئلة الاستفهامية.

وهذا ما دفعني لتقديم الملاحظات علنا نعيد فتح النقاش للوصول إلى نتائج إيجابية.

اقرأ أيضاً: صيدا تنتظر وعد بلديتها بمتبقيات نفايات صفر بالمائة!

في دراسة الروائح الكريهة وبعد تحديد المصادر على الشكل الآتي: مجرى نهر سينيق، معمل النفايات، البحيرة، الدباغات، محطة معالجة المياه المبتذلة، والمكب العشوائي التي تم إقفاله بجانب البحيرة.

وعلى الرغم أن التقرير يحسم بأن مصدر الروائح الكريهة الرئيس هو البحيرة التي يجري طمرها بأنواع مختلفة من الردم والنفايات وبقايا عمل الدباغات، إلا أن التقرير لم يشر إلى الطريقة العلمية التي استخدمها لمعرفة مصدر الروائح ونسبتها، وفي النقاش مع قديح بعد حلقة النقاش قال أنه استخدم خبرته الشخصية بذلك. مع العلم أنه يمكن قياس الروائح وتحديد مصادرها من خلال استخدام أداة لقياس الرائحة الكريهة تسمى olfactomcter، وهي أداة تستعمل للتفريق ما بين الهواء الذي يحوي رائحة والهواء الذي لا يحوي أي رائحة. ويجب أخذ القراءات من الإداة وفق المصادر التي حددها الخبير من الجهات الأربع وتحديدها وفق اتجاه الريح. وبعد هذه الدراسة يتم تحديد المصدر الرئيس والمصدر الثانوي ويتم اقتراح الحلول المناسبة.

وإذا كان التقرير قد أشار إلى أن الطمر العشوائي للنفايات في البحيرة أحد أهم العوامل التي أدت إلى التفاعلات الكيميائية ونتج عنها الروائح الكريهة كذلك الأراضي الملاصقة للمعمل، إلا يجب تحديد مسؤولية من عن هذا الوضع الذي وصلنا إليه؟ أم أننا نعالج النتائج من دون الالتفاف إلى الأسباب كي لا تتكرر.

يحوى التقرير وصفاً مبسطاً لعملية الفرز التي تتم داخل معمل المعالجة، وأعتقد أن هذه الصورة المبسطة لا يمكن من خلالها استنتاج فاعلية الفرز في المعمل.

لذلك يتوجب دراسة كميات النفايات التي يتم فرزها بحسب أنواعها، إذ من النواحي العلمية يتوجب دراسة كمية النفايات التي يتم فرزها لكل نوع منها ودراسة فعالية فرزها وذلك لكل نوع من النفايات غير العضوية. أي يجب القيام بدراسة حول:

1 – كمية النفايات البلاستيطية قبل الفرز وبعده PET, PRT

2 – كمية الزجاج قبل عملية الفرز وبعدها.

3 – كمية الورق قبل عملية الفرز وبعدها.

4 – كمية الأخشاب قبل عملية الفرز وبعدها.

5 – كمية الحديد قبل عملية الفرز وبعدها.

6 – أنواع وكمية النفايات غير العضوية المتبقية بعد الفرز.

كل ذلك يتوجب احتسابه لدراسة فاعلية معمل معالجة النفايات.

وانطلاقاً من هذا التقرير، يتوجب التوصل إلى بروتوكول مع إدارة المعمل لمكافحة الروائح الناتجة عن النفايات والتي يمكن أن تتسرب إلى خارج المعمل مثل:

1 – إجراءات للحد من الرطوبة والحرارة المرتفعة خلال تخزين النفايات قبل معالجتها.

2 – تنظيف أماكن التخزين قبل المعالجة بشكل روتيني.

3 – إيجاد مستودع للنفايات القادمة من بيروت وذلك للحد من التفاعلات قبل عملية المعالجة وتنظيفه قبل التخزين وبعده.

كذلك إيجاد مستودع لتخزين المتبقيات قبل ردمها في مطمر صحي وبذلك يتم الحد من الروائح الكريهة الناتجة عن خلطها مع عصارة النفايات العضوية. من جهة أخرى أوصى التقرير بردم البحيرة واستخدام مواد كيميائية، لكنه لم يشر إلى ضرورة وضع دراسة الأثر على البحر وخزانات المياه الجوفية.

كما ورد في التقرير أن سعة مخازن التسبيخ 7200 ليتراً ولم يأت على وصف كيف تتم عملية التسبيخ التي يلزمها 14 يوماً، هل يتم دمج النفايات العضوية يومياً، أم تجمع لتملأ الخزانات ويبدأ التسبيخ، لا شيء واضح في التقرير. كذلك لم يذكر التقرير وبشكل واضح ودقيق القدرة القصوى لاستيعاب المعمل.

وإذا كان التقرير قد أشار وبصورة إيجابية إلى ضرورة معالجة مشكلة النفايات من أهمية الفرز من المصدر وصولاً إلى المطمر، لذا من الضروري أن يبادر اتحاد بلديات صيدا الزهراني لإقرار الفرز من المصدر وبالتعاون مع الجمعيات الأهلية المتواجدة في المنطقة، كذلك أن يعدّل عقد جمع النفايات باتجاه استخدام آليات بدون مكابس، ونقل منفصل للنفايات العضوية عن النفايات غير العضوية. من جهة أخرى توقيع البروتوكولات مع إدارة المعمل والتي تم ذكرها سابقاً ومراقبة عمله بصورة دقيقة.

ولما كان اتحاد البلديات هو السلطة المحلية في المنطقة، عليه وبالتعاون مع السلطات الرسمية (وزارة البيئة – الداخلية) تحديد مطمر صحي أخذاً بعين الاعتبار مصلحة المنطقة مستقبلاً وتحمل المسؤولية العامة.

اقرأ أيضاً: «البستان» الحدودية تعاني انقطاع المياه منذ 3 أسابيع

وإذا كانت بلدية صيدا قد لزمت إقامة سياج للبحيرة، عليها أن تشرف بشكل مباشر على ردمها بردميات نظيفة وتحديد الأوقات المحددة وبإشراف الشرطة البلدية لمنع التجاوزات.

من جهة أخرى على بلدية صيدا وبالاتفاق مع وزارة الطاقة التدقيق بعمل محطة المياه المبتذلة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انبعاث الروائح الكريهة ومن أجل ذلك يجب إعطاء الأولوية للوضع البيئي من دون الأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي الذي يمكن أن يعرقل العملية الفعلية لمعالجة الوضع البيئي.

إيجابية أي خطوة تكمن بالوصول إلى قواسم مشتركة من أطراف متفاوتة لمعالجة مشكلة ما، وهذا ما لم نصل إليه في يوم 27 نيسان 2018 في مركز بلدية صيدا.

السابق
مقتدى الصدر.. الرجل الأقوى بين حدود مهتزّة
التالي
إخلاء سبيل المقدم سوزان الحاج