تأليف الحكومة بين ألغام التوازنات وقسمة المحاصصات

الحكومة اللبنانية
بعد حجم المطالب والتمنيات التي ناشدت بها الكتل النيابية في الإستشارات هل ستكون عملية تأليف الحكومة سهلة؟ وهل يمكن نشوء تكتل أو جبهة معارضة بوجه العهد القوي في المرحلة المقبلة؟

تنتهي اليوم الإستشارات النيابية غير الملزمة التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري، وتبقى عملية تأليف الحكومة رهن آراء الكتل النيابية والنواب المستقلين حول حصة كلِّ منهم، ونوعية الحقائب التي تريدها. وكما كان متوقعا رفعت كل كتلة سقف مطالبها بتمثيل كبير ووزان وفي ظلّ الكباش الحاصل في عملية التأليف ترى الاوساط أن الحريري سيواجه صعوبة بتشكيل حكومة يقارب فيها وجهات النظر وعليه من الصعب ان تنتهي عملية التأليف قبيل عيد الفطر كما تأمل بعض الأطراف السياسية.

فمن جهة طالب رئيس كتلة “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل بعشر وزارات من ضمنها المالية والداخلية بعد أن “حرمت منها منذ 2005” وذلك إلى جانب حصة رئيس الجمهورية، ما يشير إلى أن عقدة المالية لا تزال مطروحة وبقوة مع إصرار “حركة أمل” أن تكون هذه الوزارة من حصتها أيضا. من جهة ثانية، عقبة الثنائي المسيحي والمناكفات بينهما لا تزال قائمة إذ طالبت “القوات اللبنانية” بتمثيل يساوي تمثيل التيار الوطني فضلا عن المطالبة بنيابة الرئاسة وحقائب أساسية أخرى. إضافة إلى إصرار كتلة “اللقاء الديمقراطي” على حصتها الدرزية كاملة وهي ثلاث (ذلك ردا على تحالفات النائب طلال أرسلان) إلى ذلك مطالبة “حزب الله” بوزارة وازنة وذلك بحسب ما أعلنت هذه الكتل بعد لقاءها الحريري. ما يشير إلى أن السهولة التي إتسمت فيها إتمام الإستحقاق التشريعي وتكليف رئيس سعد الحريري لن ينطبق على تشكيل الحكومة خصوصا أن الرئيس المكلّف أكّد في وقت سابق “إستحالة تحقيق جميع التمنيات”.

اقرأ أيضاً: نزاع حول منصب دون صلاحيات: «نائب رئيس مجلس الوزراء» عوني أم قواتي؟

وقد رأى الصحافي والمحلل السياسي نبيل هيثم في حديث لـ “جنوبية” أن “عملية تشكيل الحكومة بالتقليد اللبناني هي عملية أخذ وردّ دائما وهي خاضعة لمفاجآت إيجابية وسلبية في آن واحد، ودائما تكون الأمور تسير بحالة إنسيابية طبيعية إلا انها من المكن أن تتعطل عند طلب صغير بشكل مفاجئ”. مشيرا “الآن لدينا حكومة جديدة في ظلّ إنتخابات جديدة وكل الأطراف والقوى السياسية بما فيهم رئيس الحكومة يدعو غلى التعجيل بتأليف الحكومة، لافتا “ليس المهم الدعوة إنما الأهم التسهيل”.

كما تطرق هيثم إلى كلام الصادرعن البطريرك حول ضرورة خروج بعض القوى السياسية من “الفجع” على الحقائب قائلا “اليوم لدينا بعض القوى السياسية بحالة “فجع” وهو السبب الأساسي الذي من الممكن أن يؤخر عمل الحكومة فالجو ّ العام يعكس نوايا طيبة إنما فعليا العبرة بالتنفيذ”.

نبيل هيثم

كما اكّد أنه “خلافا لكل ما ينشر حتى الآن لا كلام جدّي صدر في الإعلام صادرعن القوى الساسية نفسها حول الحصص الوزارية، هناك بعض التسريبات الإعلامية لا أساس لها من الصحّة”، مشيرا أنه “لا يمكن معرفة الحصص قبل معرفة شكل الحكومة إذا كانت ثلاثينية أو مؤلفة من 32 وزير”.

وفي سؤالنا حول إمكانية نشوء تكتل أو جبهة معارضة بوجه العهد القوي رأى هيثم أن “ليس هناك أحد لديه النية عزل أو تحجيم طرف ما، لافتا إلى أن هناك بعض القوى السياسية تعتبر نفسها أكبر من البلد، فقليل من التواضع تسهل التعاطي بين الأطراف”.

وفي الختام شدد على أن “كل القوى بما فيهم القوات اللبنانية سوف تتمثل بحصص كبيرة، فليس هناك سبب لأي طرف ان يَرفض أن يتمثل أو أن يُرفض أن يتمثل فلا سبب لتأخير الحكومة إلا إذا كان هناك نوع من “الفجعنة” على الحقائب”.

اقرأ أيضاً: مخاض التأليف يبدأ اليوم وسط تجاذبات حول الحصص

أما الصحافي والمحلل السياسي جوني منير فأشار في حديث لـ “جنوبية” إلى أن “هناك نوعين من المشاكل التي من شأنها عرقلة تأليف الحكومة النوع الأول إقليمية وهي عقبات سياسية كبرى وحتى الساعة لا وجود لمثل هذه المشاكل ومن هنا يترجم تفاؤل بعض القوى لتأليف سريع للحكومة، أما النوع الثاني فهو يتعلّق بالأحجام وتوزيع الحقائب ومطالب لكل كتلة وهي مشاكل موجودة جديا فصحيح أنها ليست خطيرة بقدر النوع الأول إلا أنه يبدولا أنه سوف تتخذ وقت لتخطيها”. نافيا إمكانية الإنتهاء من تأليف الحكومة قبيل عيد الفطر أي أول شهر حزيران المقبل إلا في حال حدوث اعجوبة وتخلت الكتل عن مطالبها”.

كما لم يستبعد منيّر أنه “نتيجة التوازنات الجديدة والإصطفافات السياسية التي أفرزتها الإنتخابات النيابية من الممكن أن يتشكل تكتل بوجه العهد مشيرا إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا التكتل أو الجبهة معلنة أو مكرسة إلا أنه من المؤكد أنه سوف يكون هناك تعاون بين قوى وتوازنات تتلاقى مصالحها مع العهد أو لا تتلاقى”.

السابق
«البستان» الحدودية تعاني انقطاع المياه منذ 3 أسابيع
التالي
القوات اللبنانية في وزارة الصحة: هكذا يمكن الإستثمار في الدولة لصالح العيش المشترك والتنمية