الحكومة الجديدة إذا ولدت: الاقتصاد لنصرالله والدفاع لخامنئي؟

احمد عياش

المعلومات التي جرى تداولها في الايام القليلة الماضية تفيد ان هناك رغبة قوية لدى “حزب الله” في ولادة الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن ،وهذه الرغبة تلقفها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سيبقى في منصبه للسنوات الاربع المقبلة، وعمم أجواءها على من يعنيه الامر.فما هي دلالة هذا التوجه لدى الحزب الذي يعتبر نفسه المنتصر الاول في الانتخابات النيابية؟
مصادر وزارية أبلغت “النهار” ان الاتصالات والرسائل الاوروبية التي وصلت الى لبنان وآخرها زيارة مدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية السفير جيروم بونافون تضمنت تنبيها قويا الى خطر أي تحرك يقوم به “حزب الله” في المرحلة الراهنة متناغما مع الحرس الثوري الايراني وما يتعرّض له الاخير في سوريا حيث تتلاحق الضربات الاسرائيلية ضد مواقع الحرس والميليشيات التابعة له وفي مقدمها الحزب .وفي إحدى جلسات الموفد الفرنسي مع شخصية سياسية كرر بونافون هذا التنبيه فكان رد هذه الشخصية:” تطلبون من لبنان ان ينبّه حزب الله وانتم تعلمون ان قرار الاخير في طهران. فلماذا لا تتولون انتم مهمة تحذير إيران التي تضامنتم معا ولا تزالون في النزاع النووي مع واشنطن”؟

اقرأ أيضاً: الأمن الإسرائيلي وترسيخ سلطة حزب الله في لبنان

على خلفية ما يدور في المنطقة لاسيما في سوريا، يرى المراقبون ان إهتمام “حزب الله” بعبور لبنان سريعا إستحقاق تشكيل الحكومة الجديدة مرده الى تثمير نتائج الانتخابات النيابية “اليوم قبل الغد” وفق تعبير احد المتابعين للاتصالات على خط هذا الاستحقاق.قد يكون الموضوع في ظاهره ينطوي على إيجابية تمنح لبنان فرصة الانطلاق نحو العمل والانجاز خصوصا على مستوى إطلاق عجلة المشاريع الضخمة التي تقررت عناوينها في مؤتمر سيدر الاخير في نيسان الماضي.فهل هذا الانطباع الايجابي في محله؟
قبل إطلاق الاجوبة الجازمة ,علمت النهار من مصادر مطلعة ان التعهدات التي أطلقها الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله أبان الحملة الانتخابية تميّزت بإصرار على مقاربة الملف الاقتصادي من زاوية مكافحة الفساد، مطلقا أسئلة عدة حول مشاريع سيدر وكلفتها والجدوى منها .ورأت هذه المصادر ان ما عناه نصرالله في الشأن الاقتصادي ما زال مستمرا وسيطل بقوة في الاسابيع القليلة المقبلة.وإذا كان موضوع الحقيبة السيادية التي راج الكلام حول عزم “حزب الله” المطالبة بها لا يزال مطروحا،إلا ان هناك رأيا آخر لدى المصادر ذاتها مفاده ان الحزب يعلم ان هناك حقيبة سيادية واحدة من نصيب الطائفة الشيعية ستذهب الى بري ممثلا بوزير المال علي حسن خليل سيبقى في منصبه بالوزارة الجديدة على ما يبدو، على رغم ان هناك من يتحدث عن خلاف بين الرئاسة الثانية والاولى على هذا المستوى.وعطفا على ما سبق،سيتجه الحزب الى المطالبة بحقبة الاقتصاد لكي يعطي إشارة قوية الى إلتزامه متابعة الملف الاقتصادي وفق ما أعلنه نصرالله قبل الانتخابات.
الاستحقاق الاهم يبقى تعهدات الحكومة في بيانها الوزاري التي تلبي طلبات المجتمع الدولي بشأن السياسة الدفاعية التي يعتزم لبنان إعتمادها .رب قائل،ان البيان الوزاري للحكومة الحالية التي بدأت مرحلة تصريف الاعمال يبقى صالحا لاسيما ما ورد فيه من تعهد إلتزام سياسة “النأي بالنفس”.غير ان مصادر ديبلوماسية قالت ل”النهار” ان المجتمع الدولي صار بحاجة الى تعهد أقوى من لبنان لجهة الالتزام بقرارت مجلس الامن لاسيما القرار الرقم 1559 الذي يشمل ضمنا كل القرارات الدولية السابقة واللاحقة التي تنص على نزع سلاح المليشيات في لبنان ما يعني نزع سلاح “حزب الله” ،المليشيا الوحيدة الباقية في لبنان منذ إتقاق الطائف عام 1989.
في مقال على موقع “العهد” الالكتروني التابع ل”حزب الله” يقول ان ” خطر وقوع الحرب (مع إسرائيل) لم يعد الأمر مجرد فرضية بل صار احتمالا مطروحا وواردا وبدأت ظروفه وعناصره تتكوّن، خصوصا في ظل التطورات والتهديدات الأميركية الأخيرة، إضافة الى التهديدات الإيرانية بالرد على غارات “إسرائيل”. وإذا ما إستعدنا كل كلام نصرالله في الاونة الاخيرة حول ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” يتبيّن ان شيئا لن يتغيّر في شأن وظيفة “حزب الله” الاقليمية المرتبطة بالمشروع الايراني.وذهبت صحيفة “الوفاق”الايرانية في مقال منشور على موقعها الالكتروني الى القول “إذا تخلى الرئيس سعد الحريري عن ربط النزاع مع حزب الله حتى في الملفات الاستراتيجية…ستتعقّد عملية التأليف وربما تؤدي الى إعتذاره!”
في رأي المتابعين للملف الحكومي،ان “حزب الله” يسعى اليوم الى تعديل الصيغة التي سادت لبنان في التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت هناك معادلة الاقتصاد الذي كان بعهدة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والامن بعهدة الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد. وبموجب هذا التعديل سيكون الاقتصاد الان برعاية نصرالله ،والامن الذي يتضمن قرار السلم والحرب بعهدة المرشد الايراني الامام علي خامنئي.هذه هي صورة حكومة لبنان المقبلة إذا ما ولدت!

السابق
الأوروبيون يهربون من إيران
التالي
عادات المسلمين في شهر رمضان.. تحاول مقاومة التغيير