بوتين يرعى خروج ايران من سوريا للإستفراد بالحلّ النهائي

في موقف واضح وصريح، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقائه الرئيس السوري بشار الاسد بالأمس في سوتشي، القوات الاجنبية للخروج من سوريا، فمن هو الطرف المقصود بهذه الدعوة، وما هي مفاعيله السياسية والعسكرية؟

يرى مراقبون ان دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من سوتشي والقاضية بـ”خروج القوات الاجنبية من سوريا للبدء بالعملية السياسية” تحمل رسائل متعددة وفي كل الاتجاهات، وهي موجهة للحلفاء قبل الخصوم، وفي حين يتم وضعها في اطار “استدعاء” الرئيس السوري من قبل سيد الكرملين الذي يملك زمام الامور في سوريا من خلال دعمه المطلق للنظام السوري في مواجهة المجتمع الدولي، فإن هذه “الدعوة” تحمل في طياتها مساعي موسكو لتقويض جنيف لصالح رؤيتها السياسية من جهة، واشارة واضحة باعتبار كل القوات غير الروسية على الاراضي السورية هي بمثابة قوات غير شرعية من جهة اخرى.

اقرأ أيضاً: قراءة هادئة للمشروع الروسي الذي طرحه بوتين في سوتشي

في المقابل، فإن تصعيد الضربات الاسرائيلية ضد ما تعتبره “منشآت عسكرية” ايرانية في سوريا مؤخرا، في ظل تحكم الرادارات الروسية بالأجواء السورية وعدم تدخلها في منع تلك الغارات الجوية ضد حليفها الايراني المفترض، يشكّل مؤشرا واضحا لمشروع روسي بعزل طهران وابعادها عن الصراع العربي-الاسرائيلي من البوابة السورية، وربما يترجم ايضا حماية لأمن اسرائيل، سيما بعد تمدد القوات الايرانية في الجولان المحتل وعلى الحدود الشمالية للكيان الاسرائيلي، فهل تتقاطع هذه الدعوة مع المشروع الروسي هذا؟

الكاتب والمحلل السياسي أسعد حيدر، تحدث لـ”جنوبية” حول لقاء بوتين-الاسد في سوتشي ودعوة بوتين تلك، في مقاربة أكثر شمولية وبأبعاد سياسية مختلفة في اطار حل الازمة السورية.

واذ اعتبر حيدر انه “من الواضح وجود مسار جديد لحل الازمة السورية من خلال الحل السياسي، الذي بدأ مع مؤتمر جنيف ثم آستانا، ومؤخرا أبلغت واشنطن موسكو عن حصر الحل بينهما، ولذلك لم تحضر اميركا في اجتماع آستانا، وذلك يعني استبعاد إيران من الحل وايضا تركيا بطبيعة الحال” اضاف ” يبدو ان ايران هي تشكل مشكلة، ففي اعلان دعوة بوتين خروج إيران وكل المليشيات الاخرى العراقية والافغانية والباكستانية، وهنا اقول ان حزب الله هو مشكلة لوحده فوجوده داخل الحرب السورية، نظرا لاعتباره اكثر تعقيدا وهو يشكل مشكلة اخرى”.

واشار حيدر “عندما نتحدث هنا عن تفاهم اميركي-روسي، فإن روسيا دخلت الى سوريا بطلب من طهران ولم تقم بذلك لصالح احد، وإنما اولا للهدف الروسي ودوره في بناء العالم الجديد، لذلك كلما صغرت حصة إيران من الكعكة السورية فهي ستكون من حصة روسيا بالتأكيد” مضيفا “إذا من مصلحة روسيا ان تُخرج إيران من الساحة السورية، هنا السؤال الذي يطرح نفسه هل سترضى إيران بذلك وكيف سيكون ردها، خاصة مع صرفها لأموال تقدّر بمئات المليارات على مدار سنوات الحرب السورية وايضا الخسائر البشرية التي تكبدّتها، بغض النظر عن ادعاءاتها بخلاف ذلك؟”.

“من جهة اخرى، لا ننسى اسرائيل وشروطها بعدم بقاء قواعد عسكرية إيرانية او لحزب الله في سوريا تهدد أمنها” يقول حيدر ” ومن المؤكد ان تعمد اسرائيل الى ضرب كل تواجد عسكري لتلك الاطراف على الارض السورية، وايضا الاميركيون أبلغوا الاطراف العربية بتلك الخطوة دون ان تؤدي الضربات المتلاحقة الى مواجهة شاملة” وتساءل حيدر “هل ستذهب الامور الى مرحلة لا يمكن لإيران معها ان تسكت، وفي حال عدم سكوتها كيف سترد؟” متابعا” قد لاحظنا في المرة السابقة عندما ردّت ايران في الجولان وقالت ان القوات السورية هي التي ردت وكان الرد ضمن الاراضي السورية ولم تتجاوز ذلك الى الداخل الفلسطيني المحتل، اذا كل طرف يعرف حدود سقفه في المواجهة ولا يسعى الى حرب شاملة”.

اقرأ أيضاً: سوتشي ورأس النظام

ولفت حيدر الى انه “تجدر الاشارة هنا الى وجوب النظر الى سبل الحل الازمة السورية والتساؤلات حول بقاء الاسد كرئيس للدولة السورية الى ما بعد انتهاء الازمة والى الابد، ام سيكمل فترة حكمه ويتنحى؟” مضيفا “لا يمكن التكهن حاليا بأي مسار ولكن الروسي يؤكد ان وضع الدستور الجديد سيأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر الاسد وايضا إيران، ويمكن الحديث هنا عن بدء ارتسام ملامح التسوية عبر اضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، ولا يُخفى هنا خطاب روحاني مؤخرا الذي دعا فيه الى “تواضع الرد” وسط اجواء إيرانية تدعو الى التصعيد”.

ختم الكاتب والمحلل السياسي أسعد حيدر” يجب النظر ايضا الى العقوبات الاميركية وتأثيرها في مسار التسويات وموقف دول الاتحاد الاوروبي، ففي حال عدم وقوع حرب شاملة نلحظ وقوع حرب اقتصادية شاملة ضد إيران، وهنا لا اعتقد ان اوروبا برغم مصالحها الاقتصادية ستعارض تلك العقوبات، لان الهدف اليوم هو اضعاف إيران الى حين تغير المعادلة في الداخل الإيراني”.

السابق
المهندس ​روني لحود​ رئيساً لمجلس إدارة ومديراً عاماً للمؤسسة العامة للإسكان
التالي
نائب رئيس مجلس النواب: «سلطة مع وقف التنفيذ»!