السيد محمد حسن الأمين: السلطة الإسلامية لا تأخذ شرعيتها من رجال الدين

الدولة الاسلامية النموذجية ما زالت المتخيّل الرئيسي للحالمين بحكم الله على الأرض، هذا الحلم جسّده فكر نخبة من المثقفين المتدينين ليحاكي لاحقا خيال عامة المسلمين فتصوّر بعضهم ان القوة هي الوسيلة الانجع في سبيل تطبيق حكم الشريعة، ليتسبب ذلك بمآسٍ جمة ما زالت تعاني منها العديد من بلداننا العربية والمسلمة.

يقول سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين “لا يمكن أن نتصور مجتمعاً إسلامياً أو مسلماً دون أن نقرن ذلك بالتزام هذا المجتمع بأحكام الإسلام، وهذا هو القدر المتيقّن من كون السلطة إسلامية. أما أن تكون السلطة سلطة دينية أي تأخذ شرعيتها من رجال الدين أو الفقهاء، فهو ما نختلف فيه عن الآخرين ونرى أن بالإمكان قيام سلطة اسلامية في دولة مدنية حديثة. أما التشريعات في هذه السلطة، فينبغي أن تكون حرّة وليست خاضعة لمراقبة مجلس ديني وفي هذه الحال، فنحن لا نرى أن هناك حاجة لمن يشرع لهذه السلطة أو يمنحها الشرعية، ذلك أن وسيلة إضفاء الشرعية على السلطة هو مبدأ الشورى، وعندما تقوم السلطة على أساس مبدأ الشورى تغدو أحكامها ملزمة وفي الغالب أن هذه الأحكام في مجتمع إسلامي لا يخش من تناقضاتها مع الشريعة الإسلامية علماً أننا نرى أن أحكامها ملزمة على كل حال، حتى لو كان البعض يختلف في رؤيته لموضوع تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها أو من ناحية الخطأ والصواب في سن الشريعة الملزمة للمجتمع”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: لا مشروع حضاري جديد خارج الهوية الاسلامية

وبرأي السيد الأمين أن “العلمانية المؤمنة يمكن أن تساهم في علاج هذه المسألة. فالعلمانية بهذا المعنى ليست خروجاً على الدين ولكنها تحييد للدين عن الشؤون السياسية التي هي محل اختلاف وصراع بين فئات المجتمع المتعددة، ولذلك فإننا نرى في العلمانية المؤمنة ما يصون الدين عن أي صورة أو شكل من أشكال الاستغلال.

وأما ما يتعلق بالشريعة فإننا نعتبر ما يصدر عن مجلس شورى مسلم لا يمكن أن يكون مخالفاً لقواعد الإسلام، وإن كان الأمر موضع اختلاف في التفاصيل والاجتهادات. وهذه التفاصيل والاجتهادات يرجع بتّها إلى مجلس شورى منتخب بحيث يمثل المسلمين جميعاً، وليس فقط لذوي من يوصفون بأنهم “أهل حل وعقد” فالأمة كلها هي أهل الحلّ والعقد، والعمل خارج الاعتراف بهذه الحقيقة هو نفي لدور المواطن المسلم بوصفه كائناً سياسياً يملك كامل الحقوق ويتحمّل كامل الواجبات التي يتحملها ويمكنها كل فرد من أفراد المجتمع.

فالشريعة الإسلامية يجب أن تطبق بإرادة المسلمين وليس من خارج إرادتهم وبالفرض والقوة”.

ومن ناحية الخشية من الاستبداد باسم الاسلام يقول السيد الأمين أن ” هنلك مفكرون اسلاميون يقولون ان الاسلام لا يعرف الاستبداد المطلق وهو صحيح بالنظر إلى أحكام الإسلام وأدبياته، ولكن يناقض كل التناقض القول بأن هذا الاستبداد لم تعرفه العصور الإسلامية أي الإسلام التاريخي. ونحن نطلب أن يدلنا من يدعي غياب الظلم والاستبداد، على أية سلطة من سلطات المسلمين بعد الخلافة الراشدة لم تكن مليئة بالاستبداد والتحكم بمصائر المسلمين ومصالحهم وفق أهواء السلطة ومصالحها. هل كان ذلك في العصر الأموي؟ أو العباسي؟ أو هل كان في عهد الخلافة العثمانية؟!”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الامين: لا بدّ من التجديد في مناهج العلوم الدينية

وينتهي السيد الامين بقوله: “يؤسفني أن أقول فإن تاريخ الحكم في الإسلام هو حلقات متواصلة من استبداد الحكام وصولاً إلى عصرنا الراهن عندما صارت السلطة غير إسلامية ولا يمكن معالجة موضوع استبداد السلطة إلا الرؤية التي قدمناها، والتي تجعل من السلطة ثمرة لشرعية انتخابها انتخاباً حرّاً يؤدي إلى إنتاج سلطة غير قابلة للتداخل كما هي في بعض دول العالم الثالث ونشك بأن الانظمة الاسلامية الموجودة حاليا حققت قدراً كبيراً من العدالة لسببين هما غياب مبدأ تداول السلطة، وغياب مبدأ حقوق الإنسان.

السابق
«كلنا بيروت»: خضنا هذه المعركة بالسياسة واخترنا نهج المعارضة والمواجهة
التالي
كليب أغنية عن «محمد صلاح » ينتشر بقوّة على مواقع التواصل