التصعيد التركي تجاه اسرائيل ومناورات أردوغان السياسية

وسط صمت عربي ولا مبالاة من قبل المجتمع الدولي والعربي تحديدا، حول المجازر في غزة- فلسطين، اطلق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مبادرة لانعقاد منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول يوم غد الجمعة، بعد ان وصف اسرائيل بأنها "دولة ارهابية"، معتبرا ان ما فعلته قوات الاحتلال الإسرائيلية بحق الفلسطينيين هو "إبادة جماعية".

يعتبر دخول تركيا بقوة الى ملف الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي مجددا، وتصعيد سقف الخطاب السياسي امس للرئيس التركي رجب طيب اردوغان بعد استشهاد عشرات الفلسطينيين في قطاع غزة، بمثابة اعادة احياء للدور التركي على المسرح الاقليمي المتأجج بفعل الحروب المشتعلة، فقد سُجل تراجع الاهتمام التركي بالقضية الفلسطينية مع تفاقم التحديات الخطيرة على صعيد السياسة الخارجية التركية، والتطورات الإقليمية، لاسيما العلاقة مع سوريا وإيران، وانعكاسات الأزمة السورية على الداخل التركي خاصة موضوع حزب العمال الكردستاني.

من جهة اخرى، يرى المراقبون ان العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين تحكمها جملة اتفاقيات عسكرية وعقود اقتصادية ما يفسر افتقاد تركيا الى آليات الضغط الفعالة للتأثير في مسار القضية الفلسطينية دون ان يحدث ذلك أي تعديل على جوهر مقاربتها للملف الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: العلاقات التركية الإسرائيلية.. الماضي والراهن

كيف يقرأ الخبير في الشأن التركي الدكتور محمد نور الدين خطاب اردوغان السياسي وتصعيد مواقفه اتجاه اسرائيل؟

نور الدين اكد انه “لا يمكن مقاربة الموقف التركي الحالي من المجزرة في غزة او من نقل السفارة الاميركية الى القدس من دون ان نضع ذلك في اطار العلاقات التركية الاسرائيلية بشكل عام”.

وفي حين أعاد نور الدين التذكير بالتوترات التي حصلت بين تركيا واسرائيل بسبب حادثة سفينة مرمرة واسطول الحرية في العام في حزيران 2016 ، قال “حينها اعاد اردوغان العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع اسرائيل دون ان يتضمن ذلك الاتفاق تطبيع العلاقات وفك الحصار عن قطاع غزة، وبالتالي لم يدر احد الاسباب التي ادت الى اعادة العلاقات رغم انها لم تلبي الا شروطا مادية لا تأخذ بعين الاعتبار هذه الحوادث المادية بطابعها الاخلاقي والانساني”، مضيفا “عندما قرر ترامب نقل السفارة قبل عدة اشهر الى القدس، دعا اردوغان الى اجتماع قمة بين رؤساء منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول وفي ذلك الاجتماع لم يتخذ أي قرار او أي خطوة باتجاه اسرائيل او الولايات المتحدة من قبل زعماء هذه الدول وتحديدا من قبل تركيا رغم خطابها المرتفع”.

وتساءل نور الدين ” ما الذي تغيّر اليوم حتى تبادر تركيا الى استدعاء السفير التركي والطلب من السفير الاسرائيلي المغادرة مؤقتا الى اسرائيل؟” وتابع “اعتقد انها خطوة ضعيفة جدا ولا ترقى الى مستوى الحدث، وبالتالي هي لا تؤشر الى أي تحوّل في السياسة الخارجية التركية اتجاه اسرائيل، من جهة ثانية هذه الخطوة المتواضعة اتت عشية الانتخابات الرئاسية والنيابية في 25 حزيران المقبل، وهي مرتبطة ببعد داخلي اكثر من أي بعد اخر اسرائيلي او غيره”، معتبرا “ان العالم تعوّد على هذا الخطاب المرتفع من وقت لآخر لاردوغان دون ان يترجم ذلك خطوات عملية على الارض، لا نقول قطع علاقات، ولكن أقله تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية معها حتى لا نقول تجميد بعض الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية، وايضا عندما دعا حتى حزب الشعب الجمهوري في البرلمان التركي الى تجميد الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل فسقط المشروع في البرلمان بأصوات حزب العدالة والتنمية”.

من جهة أخرى أكد نور الدين ان ” قضية غزة وقرار نقل السفارة الى القدس تحوّل الى موضوع للمساومة والمتاجرة بين الدول الاسلامية المتنافسة فيما بينها، فعلى سبيل المثال عندما دعا اردوغان الى قمة او اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في اسطنبول بين اليوم وغدا، دعا ايضا وزراء خارجية الدول العربية الى اجتماع في القاهرة” واضاف ” هي محاولة لرفع السقف للمزايدة او لوضع الحجة على الدول الاخرى التي تبادر الى التطبيع مع اسرائيل وفي مقدمها السعودية والامارات، أي ان الخطوات التركية تهدف في أبعادها الى تسجيل نقاط في اطار التنافس والصراع الاقليمي داخل العالم الاسلامي والسني تحديدا بين تركيا من جهة والسعودية ومصر من جهة اخرى”.

اقرأ أيضاً: مجزرة نقل السفارة الأميركية إلى القدس لم تحرك الضمير العالمي

ولكن هل سوف تصعد تركيا مواقفها ضد اسرائيل خاصة بعد دعوته لتنظيم مسيرات يوم الجمعة المقبل في اسطنبول؟

يجيب نور الدين “استبعد ان يؤدي ذلك الى اتخاذ المزيد من الاجراءات او الخطوات التركية الاقوى، وستبقى في هذا الاطار خصوصا ان الشعب التركي بالإجمال هو مساند للقضية الفلسطينية بخلاف الانظمة التي تتعاقب على تركيا، والتظاهرات التي ستخرج يوم الجمعة المقبلة هاتفة ضد اسرائيل بصورة تلقائية، ولكنه يختلف عن التوجه الاساسي لحزب العدالة والتنمية، وقد اقيم احتفال قبل ايام قليلة من موعد ذكرى الـ70 لتأسيس اسرائيل في السفارة الاسرائيلية بأنقرة، شارك فيه ممثلون عن الرئيس وحزب العدالة والتنمية وكان الجو طبيعي جدا وكأنه لا يوجد مشكلة داخل فلسطين

السابق
الجمعيات الخيرية في لبنان تتكاثر… والفقراء 43%!
التالي
صفارات الإنذار تدوي في سماء الجولان.. طائرة إستطلاع مجهولة تطلق صاروخاً