حسن عزالدين: السلطة منحازة للتعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي

الاستاذ حسن عزالدين
أمضى أكثر من أربعين عاماً في التعليم الرسمي وفي إدارة ثانوية رسمية فامتلك معرفة وخبرة في التعليم الرسمي تجعله عالماً بأوضاعه. وعزّالدين هو خريج كلية التربية في الجامعة اللبنانية وأستاذ لمادة الفيزياء ومدير ثانوية صور الرسمية المختلطة لأحد عشر عاماً إنه حسن عز الدين، الذي ومن خلال تجربته، أكد انحياز السلطة للتعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي.

يقول عز الدين: منذ نشأة الكيان اللبناني وسياسة الحكومات المتعاقبة دعم التعليم الخاص، وأن انحيازها هذا سببه أن التعليم في لبنان بدأ مع الارساليات الأجنبية، وأن جهات سياسية عليا تحميه. لكن الشباب اللبناني خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي ناضل طويلاً من أجل التعليم الرسمي وخصوصاً الجامعة اللبنانية.

ولكن للأسف حالياً وبعد الحروب الأهلية التي عصفت بلبنان فإن نظرة الناس إلى المدارس الرسمية بأنها مكان للفقراء غير القادرين على دفع مصاريف التعليم.

اقرأ أيضاً: نزيه الجباوي: لتعويض المتقاعدين بأساتذة جدد من كلية التربية

الخلل في المناهج

ويعتقد عز الدين أن الخلل الأساس في النظام التعليمي يكمن في المناهج التي لا يتم تطويرها دورياً. “وإذا فكروا بالتطوير أو التغيير، فإن طريقة تغييرهم غير منطقية، فاللجان المشكلة للقيام بهذه المهام غير مختصة ويخضع تشكيلها للمحسوبيات. كما أن المدارس الخاص تستخدم مناهج وكتب أخرى وحسب ما ترتأيه. كما يعمد بعض الأساتذة إلى تدريس التلاميذ من خلال أوراق يحضرها الأستاذ نفسه ويصورها ويوزعها على الطلاب.

وضع الأساتذة

وعن وضع الأساتذة يوضح عز الدين: اتبعت الوزارة سياسة التعاقد مع أساتذة ويجري التعاقد حسب العلاقات السياسية والطائفية وهذه السياسة تقف سداً في وجه أي تطوير فعلي للتعليم الرسمي.

المناهج وموازانة التعليم

وعن المناهج التي أقرت عام 1997، يقول عز الدين: لقد طبقت هذه المناهج عام 2000 وجرى بعد ذلك تقويم خجول لها ولم تسع أي جهة لطرح منهجية لتطوير المناهج. وأعتقد أن البديل عن ذلك هو نسف المناهج ووضع مناهج جديدة تتلاءم مع التطور العلمي الحاصل في العالم. وهذه المناهج التي استندنا عليها وأخذناها من فرنسا، فإن الأخيرة تخلت عنها واستبدلتها وكذلك الأردن.

ويضيف عز الدين: من يراقب موازنة وزارة التربية يجدها تنخفض نسبتها من الموازنة العامة عاماً بعد عام، إلى جانب ذلك جرى إلغاء دور المعلمين وكلية التربية، وكل هذا أدى إلى تدني مستوى التعليم الرسمي وجعله هامشياً في السياسة التربوية.

وعن ارتباط إصلاح التعليم الرسمي بالإصلاح السياسي والإداري، يرى عز الدين: أن هناك ارتباطاً أساسياً “لا يمكن أن نشهد إصلاحاً فعلياً في التعليم الرسمي من دون حدوث إصلاحات سياسية وإدارية على الصعيد العام”.

لكنه يشير إلى تجارب مميزة في التعليم الرسمي وخصوصاً الثانوي، فيوضح عز الدين الأمر قائلاً: نعم هناك تجارب ناجحة لكنها مبادرات فردية وخصوصاً في المرحلة الثانوية وليست مبادرات رسمية. لقد استلمت إدارة الثانوية عام 2006 وكانت عبارة عن حطام بشري وحجري وخلال عامين أي في العام 2008 صارت الثانوية عبارة عن ثانوية خمس نجوم، لقد استطعت الحصول على مساعدة من الحكومة الإيطالية بقيمة 750 مليون ل.ل. لإعادة تجهيز وترميم الثانوية، ولكن للأسف كان دور وزارة التربية معرقلاً لهذا التطوير هذا وخصوصاً إصرارهم على إجراءات روتينية. ومن الحوادث المضحكة المبكية أنه عام 2008 وبعد حصولي على المساعدة الإيطالية وبجهد شخصي، أقدمت وزارة التربية على محاسبتي لشراء إبريق شاي لغرفة المعلمين بمبلغ 17 ألف ل.ل. كما أريد أن أشير إلى تجربة أجريتها في الثانوية وسميت التجربة اليابانية التي تقوم على المشاركة بين الإدارة والتلاميذ للمحافظة على نظافة المدرسة، وأجرت معي محطات تلفاز عدد من المقابلات وكان مطلوباً مني الحصول على الموافقة قبل إجراء المقابلات، واضطررت مرة لإجراء مقابلة بدون الحصول على موافقة مسبقة.

شؤون جنوبية

دور البلديات

وعن دور البلديات يشير عزالدين إلى الدور الرعائي والمادي الذي يفرضه القانون على البلديات، “لكن للأسف فإن البلديات لا تقوم بواجباتها الفعلية، وإذا قامت بها فيخضع ذلك للمحسوبيات وخلال وجودي في موقع إدارة الثانوية حصلنا على مساعدة مالية بقيمة 3 ملايين ل.ل. لمرتين فقط.

وعن إعداد الملاك التعليمي، يقول عز الدين، نادينا وما زلنا أننا بحاجة إلى أساتذة اختصاصيين ومؤهلين للتعليم ولسنا بحاجة إلى متعاقدين، لأن القسم الأكبر منهم يدرسون مواداً تختلف عن اختصاصهم.

ويصف عز الدين الخطط والاستراتيجيات الوطنية الاصدرة عام 2007 باليافطات الإعلانية والتي لم ينفذ أي منها في التعليم الرسمي.

اقرأ أيضاً: رشيد شقير: التعليم الرسمي ميدان لتوظيف الأتباع والأزلام

ويأسف عز الدين للوضع الذي آل إليه التعليم الرسمي “الذي بات متأثراً بالبيئة المذهبية المحيطة به وبالوصاية السياسية التي نخضع لها. وما زاد من انحدار المستوى تأثره بأزمة اللجوء السوري الذي أربك التعليم الرسمي وشكل إعاقة فعلية في تطور التلاميذ، لأن التلاميذ السوريين يختلفون عن ما هو موجود لدينا في لبنان.

ويعود عز الدين ليفصل ما بين المرحلة الثانوية والمراحل الأخرى فيقول: إذا كان بعض الثانويات قد شهر ازدهاراً ما فإن ذلك لا ينطبق على المرحلة الابتدائية والمتوسطة، وأؤكد أن تطور التعليم الثانوي يعود لمبادرات فردية، عندما استلمت الثانوية، أعدتها مختلطة، وكان عدد تلامذتها 27 تلميذاً وصار اليوم 600 تلميذاً وتلميذة، في حين أن مدارس عدة رسمية أقفلت لمصلحة مدارس القطاع الخاص التي ترعاها جهات مذهبية دينية ويختم عز الدين: أحياناً شهدنا بناء مدارس رسمية عدة لكن بناؤها لم يخضع للجدوى التعليمية بقدر ما يخضع لإفادة المتعهدين وخدمة السياسيين.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 167 ربيع 2018)

السابق
من «النكبة»… إلى النكبات
التالي
«آستانة9»: غياب أميركا يحبط مساعي الحل الروسي للأزمة السورية