نزيه الجباوي: لتعويض المتقاعدين بأساتذة جدد من كلية التربية

نزيه جباوي
يبدو أن الممارسة اليومية بالعلاقة مع السلطات المعنية تكشف بشكل واضح المشكلات والمسؤوليات الرسمية تجاه التعليم الرسمي. وهذا ما أظهره اللقاء مع رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه الجباوي.

يقول الجباوي: إن عدم الاهتمام من قبل السلطات المعنية بالتعليم الرسمي هو خدمة للتعليم الخاص، هذا مبدأ صحيح تثبته الممارسات اليومية.

مشكلات التعليم الرسمي

وحول المشكلات التي يواجهها التعليم الرسمي يوضح الجباوي: من المشكلات في التعليم الأساسي إلغاء دور المعلمين التي مهمتها إعداد المعلمين ليكونوا أساتذة يمتلكون مهارات التعليم. لم تضع الوزارة البديل، وأعني كلية التربية. واستعاضوا عن ذلك بالتعاقد الذي أسميه تعاقد فوضوي ليكون أحد الأساليب الأساسية لضرب التعليم الرسمي والذي هو التعاقد غير المؤهل. هناك تعاقد مع الدولة، وتعاقد مع مجلس الأهل، وآخر مع البلديات وهناك بدعة شهدناها أيام الوزير أبو صعب إسمها “مستعان بهم” أنهم لا يملكون أي عقد مع الدولة، منهم من يحمل إجازات وشهادات عالية لكنهم غير مؤهلين للتعليم.

اقرأ أيضاً: محمد مروة: للعودة الى دور المعلمين للنهوض بالتعليم

ويضيف الجباوي: وهاك أيضاً سبب آخر هو عدم تعميم الروضات، ومعظم المدارس يبدأ بالتمهيدي، وإذا بدأ المواطن تعليم ابنه في روضة خاصة يكون من الصعوبة بمكان نقله إلى التعليم الرسمي، حتى وصلت إلى ما نحن عليه، ثلث الطلاب في التعليم الرسمي والثلثين في التعليم الخاص.

ويزيد: أريد أن أسلط الضوء على مشكلة أخرى تساهم في تعميق أزمة التعليم الرسمي، وهي عدم وجود رقابة على المدارس، في لبنان 30 مفتشاً عليهم مراقبة نحو 1600 مدرسة في المراحل التعليمية ما قبل الجامعية. كيف يمكن أن يقوموا بالتفتيش؟ وكيف يمكن ضبط الوضع؟ ذهبوا إلى الإرشاد التربوي. وهذا أمر مفيد لتغطية حالة الخلل، إنهم يلجأون لتدريب الأساتذة مرة شهرياً، هل هذا كاف؟

كذلك هناك شعور من الأساتذة بعدم الإنصاف، لقد جرى تثبيت جزء من المتعاقدين، وبقي القسم الأكبر من دون تثبيت، يعانون من بدل الساعة، لا ضمان صحي ولا خدمات تربوية أخرى. حتى الموجودين في الملاك من العام 1996 إلى العام 2017 لم تصحح رواتبهم سوى مرة واحدة أيام حكومة السنيورة حيث أضيف مبلغ 200 ألف ل.ل. إلى الرواتب، وكأنها دفعة لإسكاتهم.

اللجوء السوري

ويشير الجباوي إلى مشكلة أخرى أيضاً ساهمت في خلال السنوات الأخيرة في تأزيم التعليم الرسمي وهي مشكلة اللجوء السوري، “يوم لجأ آلاف التلامذة السوريين للتسجيل في دوام قبل الظهر مع التلامذة اللبنانيين، وهناك فوارق تربوية واجتماعية وتعليمية ما دفع عدداً من اللبنانيين لإخراج أبنائهم من المدارس الرسمية، وتسجيلهم في القطاع الخاص، ولن أدخل إلى معالجة أوضاع التعليم في دوام التلامذة السوريين، لكن أشير إلى تدني نوعية وجودة التعليم.

ويرى الجباوي أن قسماً من الأبنية المدرسية غير مؤهلة وغير مجهزة لتكون مدارس قادرة على توفير الظروف المناسبة لتعليم التلامذة، ويوضح قائلاً: هناك مدارس في مناطق مختلفة وخصوصاً في منطقة الشمال عبارة عن بيوت مؤجرة لوزارة التربية بإيجارات عالية حسب المحسوبيات ولا تؤمن جواً تعليمياً مريحاً.

ولا ننسى المنح التعليمية التي تعطى لأبناء الموظفين وخصوصاً أبناء العسكريين الذين ينالون 100% من الأقساط المدرسية وهذا ما يشجعهم على نقل أبنائهم من التعليم الرسمي إلى التعليم الخاص.

شؤون جنوبية

ويخلص الجباوي قائلاً: مقابل كل هذه النقاط، لم تمارس الدولة شيئاً جدياً لمواجهة هذه المشكلات، وأريد الإشارة إلى نقطة أخرى، يتقاعد سنوياً في التعليم الثانوي ما بين 200 – 300 أستاذ و700 إلى ألف أستاذ في التعليم الأساس، يعني ذلك أننا بحاجة إلى كلية تربية لتأمين هذا العدد من الأساتذة سنوياً أو كل سنتين. وأعتقد أن لجنة التربية اللبنانية أخذت توجهاً بفتح كلية التربية دورياً.

المناهج التعليمية

وينتقل الجباوي إلى مشكلة أخرى تتعلق بالمناهج التعليمية فيقول: عند بدء العمل بالمناهج الحالية عام 2000 كان من المفترض أن تجري مراجعتها كل خمس سنين. والآن وعليها 18 عاماً، والآن مدعوون للبحث في المناهج التيصارت قديمة، وتحديد المواد التي يحتاجها التلميذ في دراسته بالفرع الذي اختاره. وقد دعونا مؤخراً إلى اجتماع في مركز البحوث لنقاش الموضوع. وعلينا الاهتمام بذلك وبسرعة وخصوصاً بعد تسارع التكنولوجيا وتطور العلوم.

وحول إمكانية إصلاح التعليم الرسمي، يوضح الجباوي: لا إصلاح تربوي بدون إرادة سياسية وهذا غائب عن البلد. وأعطي مثلاً أن التعليم الثانوي يشهد نتائج باهرة في الامتحانات ما دفع الأهالي إلى دفع أبنائهم للالتحاق بالثانويات لكن الإدارة أوقفت التعاقد في هذه المرحلة واستمر التعاقد في المرحلة الأساسية. ولكن استطعنا على الدفع لتوظيف نحو 2170 أستاذاً ثانوياً يتدربون الآن في كلية التربية وقد لعبت الرابطة دوراً أساسياً في ذلك.

وعن الخطط والاستراتيجيات التي تم التوصل إليها عام 2007، فيؤكد الجباوي عدم تنفيذ أي منها، “لأنه لا توجد إرادة سياسية لتطوير التعليم الرسمي، وجل همهم التعاقد مع أساتذة بهدف التوظيف السياسي.

اقرأ أيضاً: قاسم: حذار من الخصخصة في القطاع العام لضرب التعليم

المدارس مساحات طائفية

وعن تحول المدارس إلى مساحات طائفية خالصة يشير الجباوي: بعد الحرب واتفاق الطائف شهد البلد تغييراً ديموغرافياً، فمن الطبيعي أن يصير لكل منطقة مدارسها ذات الصبغة الطائفية الخاصة وبغياب الرقابة لا إمكانية لتصحيح أية ممارسة خاطئة قد تحدث هنا أو هناك.

ويختم الجباوي مشيراً إلى واقع الأساتذة أيضاً فيقول: إننا نعاني من التقديمات الاجتماعية، قسم منا يستفيد من تقديمات تعاونية الدولة وهي ليست بالمستوى المطلوب. وكان هناك مشروع لتوحيد الصناديق الضامنة ولكن قوبل بالرفض ليبقى التفاوت موجوداً بين الموظفين. وهناك متعاقدين مضمونين وآخرين غير مضمونين، فكيف يمكن أن يعملوا بطريقة سليمة؟

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 167 ربيع 2018)

السابق
رشيد شقير: التعليم الرسمي ميدان لتوظيف الأتباع والأزلام
التالي
زياد برجي يبتهج بمريض التوحّد الذي غنّى «شو حلو»!