ما من «تكليف شرعي» في المستقبل: الجمهور يطالب بالمحاسبة.. والحريري يستجيب!

الرئيس سعد الحريري يتسجيب لـ"جمهوره"، ويبدأ عملية المحاسبة والتغيير.

غرّد الرئيس سعد الحريري ليل أمس على صفحته تويتر، معقباً على الإجراءات الأخيرة بالقول:

النظريات والتكهنات حول اللي صار كتيرة، باختصار بقول الاقالات اللي حصلت الها سبب واحد هو المحاسبة. جمهور المستقبل قال كلمته وانا سمعتها، وتطلعات الناس وآمالها ما رح تخيب ابداً. سبق وقلت للكل سعد الحريري ٢٠١٨ غير . وبيبقى كلمة شكر من القلب لجهود نادر الحريري.

هذه التغريدة، وما تضمنته من تأكيد على أنّ سعد الحريري “نموذج” 2018، لن يخيب الآمال، إن كان لها من دلالة، فهي أنّ رئيس تيار المستقبل قد قد أجرى مطالعة جدية لما جاء في صناديق الاقتراع، ولنسبة المقاطعة المرتفعة التي سجلتها الدوائر التي تحسب انتخابياً على التيار الأزرق.
ومما لا شكّ فيه أنّ الانتخابات النيابية، أسست لمرحلة جديدة في تيار المستقبل، مرحلة سيعمل من خلالها الحريري على إعادة هيلكة بيته السياسي، فوعي الناخب المحسوب على “التيار” كان هو الحاضر الأوّل في المعركة الانتخابية، فلا الشعارات الطنانة، ولا العاطفة، ولا الوعود، رفعت من نسب التصويت بل على العكس كان الاعتكاف هو الرسالة القاسية التي شددت على أهمية الفعل والتغيير والمحاسبة!

مشهدية الوعي التي رسختها الحاضنة المحسوبة على “تيار المستقبل”، أكّدت أنّ الناخب البيروتي والبقاعي والطرابلسي هو صاحب صوته، وأنّ في هذه البيئة ما من تكليف شرعي، وما من سطوة على القرار.
في المقابل، كانت المبايعة هي النموذج الذي عكسته بيئة حزب الله، بما حملته من تكليف شرعي، واستحضار لعناوين عديدة مثل “نصرة الحسين”، و”المقاومة” و “الشهداء”، بل وصل الحد إلى البعض اعتبار التصويت للوائح المنافسة للثنائية أمراً منافياً للدين!

في هذا السياق يؤكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد لـ”جنوبية” أنّ “القرارات التي صدرت فيما يتعلق بالمنسقيات تحديداً تؤكد أنّ هناك محاسبة في تيار المستقبل، ومحاسبة قاسية لم يكن فيها مراعاة للذين أصابهم القرار”.
لافتاً إلى أنّ “القرار الحاسم يشعر الرأي العام بأنّ ملاحظاته واحتجاجاته وتقييماته قد لقيت صدى عند صاحب القرار الذي هو الرئيس سعد الحريري”.

وأشار فايد إلى أنّ “القرار قد تخطى الهيكلية، بما معناه أنّ الرئيس لم يلجأ إلى إحالة الأشخاص الذين تمّت تنحيتهم إلى لجنة الإشراف والرقابة، وذلك لوجود قرار داخلي قد اتخذ قبيل الانتخابات النيابية يفوض بموجبه المكتب السياسي الرئيس سعد الحريري اتخاذ ما يراه مناسباً في كل المواضيع التي ترتبط الانتخابات وتطرأ على هامش الانتخابات، وبالتالي الرئيس الحريري قد تصرف بموجب هذا التفويض المعطى له من المكتب السياسي”.

 

معتبراً أنّ “ما يحدث هو مظهر من مظاهر الديمقراطية، ويدل على مدى إصغاء رئيس التيار لما يتفاعل معه الرأي العام وتحديداً في تيار المستقبل، فتيار المستقبل يريد في إطار ديمقراطي واضح أن تتغير بعض المواقع لأنّه يجب أن يكافأ من أحسن العمل وأن يعاقب من أساء التمثيل، مع تقديري واحترامي لكل الأشخاص الذي شملهم قرار حلّ المنسقيات”.

وشدد فايد أنّه “في تيار المستقبل ما من شيء اسمه تكليف شرعي ولا تفويض إلهي، وبالتالي الناس حرة في قراراها والالتزام الحزبي هو التزام مع المبدأ وليس مع الشخص، فالناس لا يهمها من يكون في الموقع بقدر ما يهمها كم هؤلاء الأشخاص في مواقعهم مخلصين للأهداف التي يسعى إلى تحقيقها تيار المستقبل وطبعاً رئيس تيار المستقبل”.

إقرأ أيضاً: استقالة نادر الحريري وحل المنسقيات: تيار المستقبل نحو «مستقبل» جديد!

وختم الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد بالتأكيد أنّ “ما حصل ويحصل يعكس الوعي السياسي والنضج لدى جمهور المستقبل، فحتى انكفاء البعض عن التصويت والامتناع عن المساهمة في الاقتراع، هو احتجاج واضح وبالتالي الرئيس قد استجاب لهذا الاحتجاج ولهؤلاء المحتجين. مع العلم أنّ هناك محتجين قد صوتوا للوائح تيار المستقبل إلا أنّ ذلك لم يمنعهم من إبداء ملاحظاتهم”.

هذا فيما يتعلق بالانتخابات في دوائر “تيار المستقبل”، فماذا عن حزب الله والتكليف الشرعي؟!

يؤكد الباحث والمحلل السياسي ومدير جمعية “هيا بنا” الأستاذ لقمان سليم في حديث لـ “جنوبية” أنّه “بناء على النتائج التفصيلية للانتخابات النيابية الأخيرة، ومع أنّ الثنائي الشيعي يقول أنّه قد انتصر، إلا أنّه لا يمكن مقارنة “انتصار” حزب الله، بانتصار حركة أمل، فحزب الله أراد من خلال هذه الانتخابات أن يثبت بأنه هو أيضاً الحزب القائد للثنائي، وهذه هي الخلاصة الأولى”.
متابعاً “أما فيما يتعلق بالخلاصة الثانية فإنّه في حالة العراء السياسي التي يعيشها اللبنانيون الشيعة وفي غياب الدولة، فإنّ من يصوّت منهم لا سبيل له إلا التصويت لحزب الله وحركة أمل أي للوائح الثنائي بقيادة الحزب”.

لقمان سليم

ورأى سليم “أنّه في نهاية المطاف، ما من خلاص، فعندما تنعدم الخيارات لا يستطيع الناخب اختيار إلاّ الضرورة، وحزب الله بالنسبة إلى الشيعة هو مثل الضرورة التي تقع ولا يمكن إلاّ مسايرة وقوعها”.

معتبراً أنّه “ليس هناك من يسعى إلى إنتاج خيار جدي، فالكلام عن المعارضة والشيعة المستقلين لا يؤتي ثماره. الناس لا تصوّت لأفكار وإنّما تصوّت لمصالحها، والناس دائماً أقرب إلى الجيوب في ظلّ غياب الدولة التي تمنح الناس القدرة على الاختيار من خلال توزيعها الطبابة والتعليم على الكل بالتساوي مما يمنع وقوع المواطن رهينة لأي حزب أو تنظيم”.

إقرأ أيضاً: اتفاق انتخابي ملغوم مع «القوات» يتيح لهنري شديد القفز نحو «المستقبل»

وأكّد الباحث والمحلل السياسي لقمان سليم في الختام أنّه “في ظلّ غياب الدولة وفي ظلّ غياب أيّ مشروع جدي مضاد للثنائي بقيادة حزب الله، فإنّ هذه النتائج التي شهدناها طبيعية.. والآتي أعظم”.

السابق
الجيش:توقيف 2851 شخصاً من جنسيات متنوعة خلال شهر لتورطهم بجرائم مختلفة
التالي
الإنتخابات العراقيّة ومفاجأة «طفرة» الصّدريين!