إيران سترد على «رذالة» أميركا في لبنان فهل سيسبقها عون  بالاستراتيجية؟

احمد عياش

قبل ان يعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن إنسحاب بلاده من الاتفاق مع إيران ,كانت هناك قناعة واسعة عند المراقبين ان طهران لن تجد ساحة أفضل من لبنان لكي تتصدى لواشنطن التي  تستعد للذهاب نحو تنفيذ خطة إعادة الجمهورية الاسلامية الى بلادها.كذلك لن تجد إيران أفضل من لبنان ساحة لكي تحفظ ماء وجهها بعد الضربات المتلاحقة التي وجهتها إسرائيل الى قوات الحرس الثوري في سوريا.

اوساط سياسية توقفت عند الكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غداة الانتخابات النيابية والتي تعهد فيها الدعوة إلى “حوار وطني لاستكمال تطبيق الطائف … ووضع إستراتيجيا دفاعية تنظم الدفاع عن الوطن وتحفظ سيادته وسلامة أراضيه”.وقارنت بين هذا الموقف وبين الحوار الذي رعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري عام 2006 والذي توقف بعد جلسات عدة بعدما أخذ “حزب الله” لبنان الى حرب تموز عام   2006 على رغم ان الامين للحزب السيد حسن نصرالله أعطى من خلال مشاركته شخصيا في الحوار تطيمنات ان لا حرب ستقع مع إسرائيل داعيا اللبنانيين الى الاستمتاع بصيف ذلك العام!

وتستدرك هذه الاوساط بالقول ان هناك فارقا بين العام 2006 وبين 2018 هو ان الاجواء الراهنة مشحونة بالتوتر في المنطقة ولن تنفع معها التطيمنات من أية جهة أتت .ولفتت الى ان حرب 2006  مهدت لها إيران على خلفية الملف النووي, وهي اليوم امام ملف مماثل بفعل الموقف الاميركي الجديد.لكن السؤال المطروح الان:هل سينجح الرئيس عون في منع لبنان من الانزلاق الى حرب جديدة من خلال  بلورة إستراتيجية دفاعية تلزم “حزب الله” عدم توريط لبنان في حرب جديدة ضد إسرائيل؟

من يراقب المشهد الجديد بعد الانتخابات النيابية يدرك ان حسابات إيران قد تعزّزت في لبنان بفعل ما حققه حزبها من نتائج. فالمشهد الذي رافقت إنتصار المحافظين في إيران في الانتخابات العامة عام 2009 والتي أدت الى سحق الثورة الخضراء تكرر في لبنان في 6 ايار الحالي وما رافقه من مظاهر في اليوم التالي سواء في المواقف التي أطلقها الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله أو في المظاهر الاحتفالية لميلشياته في بيروت والتي هي نسخة طبق الاصل عن “الباسيج” الايراني شكلا ومضونا.

غداة الانتخابات الاحد الماضي أعلن  نصرالله عبر الشاشة في “خطاب النصر” أن تركيب المجلس النيابي الجديد، “يشكل ضمانة وقوة كبيرة لحماية المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة … في الظروف الحالية والأوضاع الحالية في المنطقة” وقال :” أنا كنت أتابع كل يوم ماذا يحكي الاسرائيلي وماذا يهدد ويتوعد باتجاه لبنان وباتجاه سوريا، والمشكل بين اسرائيل وايران…نحن لا نعرف المنطقة إلى أين ذاهبة…”

ما لم يقله نصرالله بالعربية قالته وسائل إيران بالفارسية: فأعتبرت وكالة “مهر” ان “النتيجة الانتخابية بـ”7 أيار البرلماني”، شبيهة  بأحداث السابع من أيار عام 2008، حين تحرّك “حزب الله” عسكرياً ضد خصومه، لا سيما “تيار المستقبل”، في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية.”

إقرأ أيضاً: إلغاء الاتفاق النووي يهدد بعودة شبح الحرب إلى لبنان والمنطقة

من ناحيته أكد  مستشار قائد الثورة الاسلامية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، “ان انتصار تحالف حزب الله في الانتخابات النيابية جاء استكمالا للانتصارات العسكرية اللبنانية بقيادة حزب الله في مواجهة الكيان الصهيوني”.أما رئيس مجلس الشّورى الإسلامي علي لاريجاني فقال “أن أصوات الشّعب اللبناني في الانتخابات النّيابية الأخيرة شكّلت ردًّا على الرّذالة الاميركية والصّهيونية في المنطقة”. ووصف المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي الانتخابات في لبنان ب”الملحمة”. وأعلن المساعد الخاص لرئبس مجلس الشوری الإسلامي للشؤون الدولية  حسين امير عبد اللهيان ان “المقاومة تقف في ذروة النمو السياسي والصمود.”وكتبت صحيفة “كيهان” تقول:”نستطيع ان نقول ان حزب الله وحلفائه اكتسحوا الساحة اللبنانية …وبهذا الفوز اصبح شوكة في عيونهم ليؤدي دوره كما فعل في العراق وسوريا كقوة اقليمية ولاعب مهم فيها.”

في الجانب الاخر من الصورة الاقليمية التي تمثل إيران إحداها تقف إسرائيل التي توقعت دورا أساسيا ل”حزب الله” في الرد الايراني على إسرائيل وفق ما ذكر الموقع الاسرائيلي الالكتروني “المصدر” .إذ قالت “جهات إسرائيلية” للموقع ان  قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم  سليماني “يسعى إلى العمل في سوريا وفق “النموذج اليمني” والذي ستطلق فيه مليشيات شيعية تعمل في سوريا صواريخ ضد إسرائيل … ومنذ الأسابيع الماضية هناك استخدام واسع لقوات حزب الله.” وتشير التقديرات بحسب الموقع الاسرائيلي  إلى” أن الأيام القريبة قد تكون خطيرة جدا.”

إقرأ أيضاً: إيران وتجرع السُم الكوري

في التجارب ما يكفي من شواهد ان إيران تجد في لبنان من خلال “حزب الله” ضالتها لشنّ حروبها خصوصا في ضوء تهديد إسرائيل بالقضاء على رئيس النظام السوري بشار الاسد في حال إنطلقت الصواريخ الايرانية من سوريا نحو الدولة العبرية.وهذه المرّة سيكون الاستعمال الايراني للبنان مزدوج الهدف:الثأر من إسرائيل ومواجهة “الرذالة” الاميركية نوويا.فهل سنحمي لبنان ب”إستراتيجية دفاعية قبل فوات الاوان؟

 

السابق
لبنان سيترحم على حرب 2006!
التالي
انتهت الانتخابات.. بدأت المبارزات