انتخابات العراق: تنافس حاد بين الكتل الشيعية وشعبية العبادي تتقدّم

ينتظر العراق في 12 من شهر ايار الحالي استحقاقا انتخابيا، وسط مشهد ازدحام التيارات وتحالفاتها في صورة سوريالية تعكس واقع حال الانقسام والمحاصصة بين الكتل السياسية، في وقت لا يزال تنظيم الدولة الاسلامية " داعش" يعصف بالبلاد.

يعيش العراق على وقع حماوة انتخابية حادة، وتفصله مسافة اسبوع واحد عن موعد الانتخابات النيابية المقررة في 12 من ايار، والتي تكرّس ولاية المجلس العراقي الذي يضم 328 مقعداً لأربع سنوات مقبلة ، كان آخرها في 30 نيسان 2014 .

ويراقب العالم باهتمام هذا الاستحقاق لما سيكون لنتائجه من تأثيرات محلية ودولية مؤثرة، بحيث ستكون كل اطراف المعادلة والصراع القائم في المنطقة امام اختبار التوازنات الجديدة، وما ستؤول اليه الاوضاع خاصة مع عزم الرئيس الاميركي ترامب نقل السفارة الاميركية الى القدس بعد يومين من الانتخابات العراقية، وما سيترتب على ذلك من ردود فعل واسعة الاستنكار في الدول العربية والاسلامية.

اقرأ أيضاً: العراق ـ لبنان… وحدة المسار والمصير

ويتوقع المراقبون تراجع التحالفات والتيارات الحزبية المرتبطة بإيران والمدعومة من الحشد الشعبي، وعلت اصوات عراقية شيعية لتتهم الجهات المناوئة لها بأن مركز قرار الانتخابات هو في “دبي” وليس في بغداد!

في المشهد الشيعي تبرز ثلاث تحالفات اساسية، يتصدرها في المرتبة الاولى “تحالف النصر والاصلاح” الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وقوة دفعه تعتمد على الانتصارات والانجازات التي حققها عهده من دحر التنظيمات الارهابية وعلى رأسها “داعش” من معظم المناطق العراقية وتحجيمها،وسيطرته على كركوك وطرد البيشمركة الكردية منها، وكذلك الحملة الاصلاحية التي اطلقها في آب 2015.

التحالف الثاني ضمن قائمة التحالفات الشيعية هو المسمى “دولة القانون” والذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، وهو على الرغم من تجربته السيئة في الحكم التي انتهت بفشل ذريع مع سيادة الفساد المالي والاداري وعودة الارهاب منتصف عام 2014 مع احتلال “داعش” لشمال العراق والموصل والأنبار، قبل ان ينجح العبادي بدعم دولي ببناء الجيش واستعادة الاراضي المحتلة، فان المالكي يعوّل على طبقة سياسية وبيروقراطية وعشائرية استفادت في فترة حكمه من فساده، كما يعوّل على ماكينة انتخابية متقدمة عما عداها، ولا يخفى طموحه باستعادة دوره كلاعب اساسي على الساحة العراقية.

وثالث ابرز التحالفات هو تحالف “الفتح المبين” الذي يرأسه زعيم كتلة “بدر” هادي العامري ويضم شخصيات انشقت عن الحشد الشعبي لتشكل عنصر قوة يضاف اليه، وهو لا يخفي دعم ايران له مالا وسلاحا.

اما في التحالفات السنيّة فلم يجر الحديث عن اي تغييرات او شخصيات جديدة لها ثقل “يكسر” المألوف وتبدو توجهات المحافظات السنيّة اقرب الى الاعتراف بالجميل لقوات الجيش العراقي لـ “تنظيفه” مناطقهم من ارهاب “داعش” مع اختلاطه بهاجس فكرة “المؤامرة”، ويمثلها:

تحالف التضامن العراقي: شكله السياسي العراقي ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي لخوض الانتخابات البرلمانية برئاسة أخيه أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، ويضم التحالف 11 كيانا سياسيا، بينها كتلة المشروع العربي التي يتزعمها السياسي ورجل الأعمال خميس خنجر، وكذلك حزب الحق بزعامة النائب في البرلمان أحمد المساري.

ائتلاف الوطنية: يضم 26 كيانا سياسيا، بينها قوى سنية بارزة، أبرزها الأحزاب التي يتزعمها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ورئيس الكتلة العربية في البرلمان صالح المطلك ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وتم تسجيل التحالف رسميا لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
ويتزعم الجبوري (سني) حزب التجمع المدني للإصلاح، في حين يتزعم المطلك (سني) الجبهة العربية للحوار، ويتزعم علاوي حزب الوفاق الوطني العراقي.

ورغم أن علاوي شيعي ليبرالي فإنه دأب على خوض الانتخابات البرلمانية في العراق ضمن تحالفات مع القوى السنية منذ إسقاط النظام العراقي السابق في 2003.

اما المكون الثالث الذي يتشكّل منه النسيج الاجتماعي والسياسي العراقي هم الكرد، في ظل هيمنة الثنائي الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارازاني الرئيس السابق لكردستان العراق، وجزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة آل طالباني، وبرغم غضب الشارع الكردي بعد فشل “استفتاء الانفصال” في ايلول 2017، فان حزب “التغيير” الذي يحظى ب20 بالمئة من المقاعد الكردية في البرلمان لن يكون له دور كبير في المستقبل.

البرلمان العراقي

وفي بلد تنشط فيه الاغتيالات والتفجيرات وعمليات القتل والخطف، وتغيب فيه الخدمات من كهرباء وانترنت وغيرها، ويعمّ الفساد والمحاصصة، وتتقاذف فيه المرجعيات الدينية التي تستأثر بالشارع العراقي المسؤوليات، وتسعى لاستثمار طرد الارهاب المتمثل بـ”داعش”، متعلقة بدعم قوى خارجية، كما جاء على لسان المرشح عن تحالف “الفتح” في بغداد الإعلامي وجيه عباس امس على كثرة الجدل الذي حصل بسبب زيارته لإيران بالقول ” لولا إيران لما كان لكم وجود”.

وقد اثار كلام الإعلامي عباس ردود أفعال متباينة من قبل العراقيين على وسائل التواصل الاجتماعي، مذكرين اياه بأن “القوات الأمنية العراقية وقوات الجيش أي القوات المشتركة والحشد الشعبي هم من حرر ارض العراق من داعش نيابة عن العالم، وليس إيران”.

هذا وترتفع اصوات المجتمع المدني في العراق، مطالبة بكف ايادي رجال الدين والتوقف عن جرهم البلاد الى مزيد من التدهور بعد تجربة 15 سنة من التراجع والفوضى، وسط مخاوف من تقسيم البلاد واعطاء نفوذ لقوى خارجية تستفيد من مقدراته النفطية وتعمل على مصادرة قرارها السياسي.

هذا وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، الجمعة 4 ايار 2018، أن حكومته تتجه لمعركة الاعمار والاستثمار بعد أن انهت معركة مصيرية ضد تنظيم “داعش”، فيما اشار الى أن العراقي لايقبل بالظلم وان تتسلط عليه عصابات اجرامية.
وقال العبادي في كلمة له القاها أمام تجمع عشائري في كربلاء ، إن “الصيحة العلوية السيستانية في الجهاد الكفائي وهبة عشائرنا وقواتنا الامنية وتوحدنا حققت النصر على عصابات داعش الارهابية”، مؤكدا “أنهينا معركة مصيرية والان نتجه لمعركة الاعمار والاستثمار”.

اقرأ أيضاً: العراق وتجاذبات «الكتل» على نار الصراع الايراني الأميركي

موقف المرجعية:

و أكدت المرجعية اليوم الجمعة، أنها لا تساند أيّ شخص أو جهة أو قائمة على الإطلاق، فالأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم بعد الفحص والتمحيص. فالعبرة كل العبرة بالكفاءة والنزاهة، والالتزام بالقيم والمبادئ، والابتعاد عن الاجندات الاجنبية، واحترام سلطة القانون، والاستعداد للتضحية في سبيل انقاذ الوطن وخدمة المواطنين، والقدرة على تنفيذ برنامج واقعي لحلّ الأزمات والمشاكل المتفاقمة منذ سنوات طوال.

وختم بيان المرجعية “ان الطريق الى التأكد من ذلك هو الاطلاع على المسيرة العملية للمرشحين ورؤساء قوائمهم ـ ولا سيما من كان منهم في مواقع المسؤولية في الدورات السابقة ـ لتفادي الوقوع في شِباك المخادعين من الفاشلين والفاسدين، من المجرَّبين أو غيرهم”.

وفي الختام يؤكّد مراقبون متابعون للشأن العراقي ان حظوظ كتلة رئيس الوزراء حيدر العبادي هي الاوفر في الاستحواذ على أكبر عدد من النواب بما يزيد عن 50 مقعدا، وذلك بسبب تقدمه في ملفات الأمن والاقتصاد ومكافحة الفساد بعد نجاحاته الأمنية والسياسية التي تجلت بالانتصار على داعش وتصديه لاستفتاء الدولة الكردية وافشاله، ثم سيطرته على الاراضي المتنازع عليها الغنية بالنفط في كركوك.

السابق
هيئة المبادرة المدنية – عين داره.. المقاطعة ليست الخيار الوحيد في 6 أيار
التالي
مكاتب متقابلة… أدّت لوقوع اشتباكات وسقوط جرحى بين «المستقبل» و«الاحباش»!