فلسيطنيو «اليرموك» من منفى الى آخر: مأساة أعمق من ارهاب داعش

مخيم اليرموك
لم تنته معاناة "مخيم اليرموك" للاجئين الفلسطينيين في "منفى" الدمار على امتداد الازمة السورية، من حصار وجوع وسيطرة متشددين، فمنذ الخميس الماضي بدأت القوات السورية وحلفائها عمليات عسكرية لطرد "داعش" من الاحياء التي يتواجد فيها جنوب العاصمة دمشق.

يُعدّ “اليرموك” واحياء محاذية له اقرب نقطة وصل اليها “تنظيم الدولة الاسلامية” (داعش) من وسط دمشق، ومن الممكن منه رؤية قصر الشعب الرئاسي، وفي اطار العمليات العسكرية التي يقودها الجيش السوري لاستكمال سيطرته على محيط دمشق في ” اليرموك” والقدم والحجر الاسود والتضامن، وذلك بعد “تنظيف “الغوطة الشرقية من المعارضة وترحيلهم الى ادلب وحماه مع عائلاتهم، والحديث عن عن فرار 140 الف فلسطيني والاف السوريين من المخيم في تقرير نشرته امس الامم المتحدة، فان المرصد السوري لحقوق الانسان يقدّر عدد مقاتلي تنظيم “داعش” في تلك الاحياء بأكثر من الف.

اقرأ أيضاً: خفايا معركة مخيّم اليرموك

وفي حين يلفّ الغموض اسباب فشل المفاوضات وعدم موافقة تنظيم “داعش” على الشروط التي وضعتها الحكومة السورية، يبقى مصير “اليرموك” ووضع العائلات فيه رهن التطورات الميدانية والسياسية.

وفي حديث اجرته “جنوبية” مع الناشط والاعلامي السوري وليد الآغا من ريف دمشق، وصف فيه الوضع الانساني داخل المخيم، ومجريات الاحداث هناك.

الصحافي الآغا اشار الى ان ” اعداد المدنيين في المخيم تتراوح بين 500 و1000 شخص، وهو رقم غير دقيق طبعا، نظرا لانعدام وجود المؤسسات الانسانية المخوّلة اجراء الاحصاءات، وسيطرة تنظيم داعش من جهة اخرى” واضاف “الوضع الانساني داخل المخيم مأساوي للغاية، بعد مرور 14 يوما على بدء الحملة العسكرية من قبل النظام على مخيم اليرموك والحجر الاسود والتضامن والعسالي، وبالتالي فالوضع الطبي على الاخص متدهور بحيث ينعدم وجود مشفى طبي ميداني لديهم، وايضا المستلزمات الطبية فقيرة واي حالة جريح او مصاب تتحول الى شهيد”.

وحول عمليات النزوح اكد الآغا ان ” المخيم مكتظ بالسكان في بداية الثورة ولكن مع تتالي الاحداث العسكرية وخاصة في اواخر العام 2012 ودخول الجيش الحر الى المخيم، خرج منه الاف النازحين باتجاه مناطق اخرى او خارج البلاد، والنزوح الثاني كان في العام 2015 بعد سيطرة “داعش” وادى الى افراغ المخيم من معظم سكانه، وحاليا مع بدء العمليات العسكرية منذ 14 يوما هناك حركة نزوح كبيرة الى المناطق المجاورة، ولكن لا يتم التداول بهذا الموضوع بسبب تهديد النظام وروسيا بقصف المناطق المجاورة اذا ما استقبلت هؤلاء النازحين من المخيم باعتبارهم محسوبين على داعش، وقد توزع سكان “المخيم” قبل بدء العمليات العسكرية وخلالها على بيبلا ويلدا وبيت سحم”.

الآغا اشار الى “سيطرة داعش على 70% من المخيم والقسم المتبقي منه مع القوات السورية، اضف الى منطقة صغيرة تدعى “الراجي” وهي تحت سيطرة هيئة تحرير الشام او جبهة النصرة سابقا”.

واذ اكد الآغا ان لا اتفاق بين النظام السوري وتنظيم داعش حاليا، اشار الى “مفاوضات جرت سابقا بين الطرفين ولكنها تعرقلت ثم فشلت لأسباب عدة، اهمها الشروط التي وضعتها الدولة السورية لخروجهم من المخيم ورفضها مقاتلي التنظيم، وعلى الاثر شنّ الجيش السوري حملته العسكرية في هذه المناطق”.

من جهة اخرى، تحدّث الآغا عن أسباب أعمق مغايرة وبعيدة عن الأسباب التي تحول دون التوصل الى الاتفاق، وهي تدفع باتجاه تصعيد الوضع العسكري، وتتمثل بـ”المصلحة الاسرائيلية التي تسعى الى تدمير المخيم الذي يمثّل عاصمة الشتات الفلسطينية، وعدم عودة اهله اليه، وايضا الحجر الاسود المجاور للمخيم، وهو يحوي اهالي الجولان الواقع حاليا تحت سيطرة اسرائيل هو الآخر يتعرض للتدمير”.

“أسباب أخرى اقتصادية تتعلق بمسألة اعادة الاعمار وسعي النظام الى الحصول على أموال من الدول المانحة” يقول الآغا ” حتى انه يُحكى عن مشاريع طرحتها محافظة دمشق وهو مشروع “باسيليا سيتي”، وهو ضمن المخيم والمنطقة المحيطة به، والمشروع يقضي بهدم الابنية في المنطقة بالكامل واعمارها من جديد”.

اقرأ أيضاً: حلب.. والمدن التي دمرها آل الأسد

يذكر ان مخيم اليرموك نتيجة المعارك المتواصلة خلال الازمة السورية، وسيطرة الفصائل المعارضة والحصار الذي فرضته قوات النظام السوري، كل ذلك أدى إلى ازمة انسانية حادة طاولت آلاف المتبقين فيه، وجرى تداول تقارير حول أطفال يأكلون الورق وعائلات تعيش على أكل الحيوانات، فضلاً عن تفشي مرض التيفوئيد.

وفي كانون الأول من العام 2014، انتشرت صورة نشرتها الأمم المتحدة تظهر حشوداً كبيرة تخرج سيراً على الأقدام بين الأبنية المدمرة بانتظار الحصول على المساعدات، وتعتبر من أكثر الصور تعبيراً عن مآسي المدنيين في النزاع.

تجتمع كل الاسباب المذكورة لتشكل منطلقا لدمار مخيم “اليرموك”، ولكن الاهم مصير هؤلاء الفلسطينيين اللاجئين وملاذهم الاخير من منفى الى اخر، في ظل حسابات ومصالح دول كبرى، فهل سيتم استخدامهم ورقة للتفاوض والضغط ام تصفيتهم تمهيدا لالغاء وجودهم ومطالبتهم بحق العودة؟

السابق
مرشح المقاومة يُهين عبد الناصر
التالي
«لائحة العزم»: مهرجان طرابلس لم يكن ردا على الحريري