وليّ فقيه بلا_فقاهة..؟!

هذه هي مُشكلتنا الكُبرى، ومأساتنا العُظمى، وهي أنْ يوضع مصير كل الأمّة بيد إنسان لا فقاهة له، فيتحكم بالدماء والأعراض والأموال، ومصائر شعوبٍ بأكملها.

في طهران يجلس جماعة ممن لا يملكون نصيباً من الفقاهة، وليس في عقولهم وخواطرهم إلا شيء واحد وهو نهب تراث هذه الأمّة، وتسليم مُقدّراتها بيد إنسان هو نفسه اعترف بأنه ليس فقيهاً، وغير مؤهّل لاستلام منصب يوصف بأنه إلهي باعتباره امتداداً لخط المعصومين من آل بيت مُحمّد (ص).

فبعد نقاش طويل واعتراضات من قبل بعض أعضاء مجلس خبراء القيادة ـ #مجلسخبرگانرهبري ـ على تولي خامنئي لموقع #الوليالفقيه بعد وفاة #السيدالخميني، انتهوا إلى أخطر قرار في تاريخ الثورة، سينعكس حروباً وويلات على كل الأمّة الإسلاميّة ـ والتشيّع بشكل خاص ـ وهو أن يكون خامنئي هو المرشد الأعلى للثورة، رُغم أنّ الشروط الموضوعية الواجبة في الولي الفقيه لا تتوفر في الرجل إطلاقاً، وباعترافه..!!

والآن لأنقلكم إلى قاعة مجلس خبراء القيادة في طهران عام 1989 ولنستمع إلى هذا النقاش:
#الشيخهاشميرفسنجاني يستدعي #السيدعليخامني إلى المنصّة، لأنّه طلب مُسبقاً الحديث إلى أعضاء المجلس، ويبدو أنه كان مُعترضاً على ترشيحه إلى موقع القيادة، وهو ما بدى واضحاً من كلام رفسنجاني، فبينما كان خامنئي في طريقه إلى المنصّة يقول له رفسنجاني: (يا سيد خامنئي نحن صادقنا على القرار وأنت لا يُمكن أن تُعارض ذلك، إن أردت أن تقول شيئاً خلافاً لرأي المجلس فلا تستطيع فعل ذلك، والآن تفضل إلى المنصّة).

إقرأ ايضا: خفايا حياة خامنئي (2): فريق حمايته وأسفاره وتجاراته

خامنئي: اسمحوا لي بأن أتحدّث أولاَ، ويمكنكم بعد ذلك الإدلاء برأيكم: بسم الله الرحمن الرحيم
في البدء يجب علينا القول أنّ علينا أن نبكي دماً على المُجتمع الإسلامي إذا ظهر ولو احتمال لترشيح شخص مثلي لمنصب القائد..!!

أنا لا أريد التحدّث حول هذا الموضوع، فهذه القضية لا تصلح للتداول فيها، لأن فيها نواقص أساسيّة وجذريّة، ولقد تقدّم السيد هاشمي بهذا الاقتراح لي منذ أسبوع، أو أسبوعين، وأنا قلتُ له حينها إنني لن أقبل أبداً بهذا العرض، وبغض النظر عن أنني لا أستحق ـ في الواقع ـ تولّي هذا المنصب، وأنا أعلم ذلك، وأنتم تعلمون ذلك، فإن ترشيحي له يحتوي على إشكالية أساسيّة.
إذا توليت هذا المنصب فستكون قيادتي للبلاد شكلية لا حقيقيّة، بالتأكيد قولي ليس حُجة على العديد من السادة من حيث الدستور، ومن حيث الشرع.

فأمّا هذه القيادة ـ إسمحوا لي أن أكمل كلامي ـ ينص الدستور على أن يكون القائد مرجعاً من حيث مكانته (وهنا يقصد فقيهاً جامعاً للشرائط). وأيضاً من حيث أقواله، أي يكون مرجعاً بمعنى الكلمة (وهنا يقصد أن أوامره هي فتاوى واجبة التطبيق).

وإذا غضضنا الطرف عن ذلك فعلى القائد الذي يُنفّذ كلامه أن يعتبره الآخرون فقيهاً صاحب رأي في أمور الدين، وقد قال بعض السادة في هذه الجلسة أنني لستُ صاحب رأي، وعلى سبيل المثال قال السيد آذري ذلك في هذه الجلسة، وقد ذكر اسمي لأول مرّة، فهل سيقبل السيد آذري الأحكام التي أصدرها..؟ لن يقبل ذلك بالتأكيد.

يقوم #الشيخواعظطبسي ـ أمين عام #العتبة_الرضويّة ـ ليُسكت خامنئي ويرفض تبريراته مؤيداً ترشيحه للولاية، الغريب أن طبسي هذا نشب فيما بينه وبين خامنئي ـ فيما بعد ـ خلاف أدّى إلى تنحيته من الأمانة العامّة، حيث أنّه قال له:
(انتخبناك لتكون مُرشداً، فعرضت نفسك مرجعاً للأمّة، فمتى نلت الاجتهاد لتكون مرجعاً..؟!)

المُهم.. ينهض الشيخ واعظ فيقول: المسألة ليست مسألة التقليد، بل مسألة الحُكم والقيادة..!!

وهذا تناقض كبير وخطير فالحُكم والقيادة أخطر من التقليد، فالتقليد يُمكن أن يقوم به أي فقيه من الفقهاء باعتبار أنّه يخص العبادات والمُعاملات التي غالباً ما يحتاج فيها الفرد إلى رأي الشريعة، أما القيادة والحُكم فمعناها أخذ قرارات صعبة في الحرب والسلم، وهذا يعني مصير الأمّة، والقرارات التي تنتج عن القيادة ربما تؤدي إلى الدخول في حرب تُهدر فيها الدماء وتهتك الأعراض كما حدث ويحدث في المنطقة وبتدخل إيراني أساسه المصالح القوميّة لإيران ـ وهو ما صرّح به الكثير من جنرالات إيران ـ وليس مصالح #الإسلام العُليا، وهنا تكمن الخطورة.

خامنئي: هذه ولاية فقيه لا مجلس قيادة.

وينهض #الشيخمحمدإمامي_كاشاني ليُكمل المشهد ليقول له: ما المُشكلة فنحن ننتخبك كمرشد لفترة مؤقتة..!!
وهنا يُشكك خامنئي بأنّه لن يحظى حتى بالأصوات الكافية ليكون عضواً في مجلس قيادة، لا أن يكون هو القائد والولي الفقيه، فيقول: (أنا أظن أنني لن أحظى بالأصوات الكافية لأكون عضواً في مجلس القيادة أيضاً)..!!

فينبري رفسنجاني ليقطع نزاع القوم، ويقول: (أنا كُنتُ أريد مجلس قيادة، ولكن عندما قال الغالبية ولاية فقيه فلا مجال للنقاش، والآن لنصوت ولكن قبل ذلك سأتحدث ببعض الكلمات رداً على السيد خامنئي:
في البداية أنا والسيد خامنئي كُنّا زميلين مُنذ فترة الشباب في الحوزة العلميّة، وكان يطرح بعض المسائل على الدوام، وأنا أعتبره صاحب رأي في القضايا الفقهيّة. ولكن لا أقول أنّه عالم بكل المسائل الفقهية، ثم إذا حصلت مشاكل في البلاد وأراد خامنئي أن يُدلي برأي فقهي فسيواجه مشكلة، ويمكنه حينها أن يستعين ببعض الفقهاء العالمين بالمصادر الفقهية، لأنه لا يكون لديه وقت للمُطالعة والإلمام بكل الأمور الفقهية)..!!!

إقرأ ايضا: خفايا حياة خامنئي (5): نجله مجتبى …الأغنى والأقوى

أقول: إذا كان عليه الرجوع ـ في المسائل ـ إلى الفقهاء العاملين إذن فهو ليس بفقيه ولا يحق له أن يكون وليّاً لأمر المُسلمين، ومن تبعه أو قلّده إنما هو تابع ومُقلد لإنسان لا يملك الفقاهة، كما اعترف هو بلسانه، والاعتراف ـ كما يقولون ـ سيد الأدلة.!!
أكتفي بهذا وللحديث تتمّة.

السابق
المشنوق: بيروت في خطر وخطر وخطر… والتصويت يحميها
التالي
حملة حزب الله الانتخابية: شعارات مذهبية واستغلال للشهداء!