حزب الله يمارس ترهيبا على المرشحين الشيعة للانتخابات البرلمانية

نجل مفتي صيدا يطالب الرئيس اللبناني بحمايته بعد قيام أكثر من ثلاثين عنصرا من حزب الله بالاعتداء عليه بقريته في الجنوب.

يعكس الاعتداء على الزميل علي الأمين صاحب موقع “جنوبية” والكاتب السياسي في صحيفة “العرب” ونجل مفتي صيدا الشيعي السيد محمد حسن الأمين، مدى انزعاج حزب الله من أي صوت شيعي معترض على توجهاته.

وذكرت مصادر مقربة من الأمين المرشح للانتخابات النيابية اللبنانية للمقعد الشيعي في بنت جبيل، أن أكثر من ثلاثين عنصرا من حزب الله اعتدوا على الأمين في قريته شقرا، ونقل على إثرها إلى مستشفى تبنين للمعالجة بعد تعرضه لجروح وكسور في أسنانه وظهره.

ونشر الأمين فيديو يتحدث فيه عن تعرضه للاعتداء من قبل عناصر حزب الله وبدت عليه علامات الكسور في أسنانه.

وطالب في الفيديو المسجل الرئيس اللبناني ميشال عون بتحمل مسؤولية حماية المرشحين بعد تعرضه لاعتداء في وضح النهار.

وقال مصدر سياسي إنّ مثل هذا الاعتداء على شخص مسالم رشّح نفسه للانتخابات النيابية، وكان يعلّق بنفسه صوره في بلدته شقرا الواقعة في جنوب لبنان، يؤكد رغبة في الهيمنة المطلقة على الطائفة الشيعية في لبنان.

وأوضح المصدر في تصريح لـ”العرب” أنّه في حين لا يستطيع الحزب اللجوء إلى مثل هذا النوع من الممارسات في منطقة البقاع حيث للمجتمع الشيعي طابع عشائري قبل أي شيء آخر، لا يسمح بالمسّ بأي من أفراد العشيرة، فإنّه يعتبر أرض الجنوب أرضا مستباحة له، خصوصا في ظلّ امتلاكه السلاح والتفاهم القائم بينه وبين حركة أمل التي يتزعمّها رئيس مجلس النواب نبيه برّي.

وذكر أن المجتمع الشيعي في الجنوب يتوزع على قرى وعائلات كبيرة، لكنّ صعود حزب الله وحركة أمل أدى إلى إلغاء هذه العائلات الإقطاعية التي كان لها وجود تاريخي على الخارطة السياسة اللبنانية. ومن أبرز تلك العائلات، الأسعد والزين وعسيران والخليل وشرف الدين.

وصار على هذه العائلات، التي كانت تمثل في الماضي الزعامات الجنوبية، الالتحاق بلوائح أمل وحزب الله في حال أرادت أن يكون لأحد أعضائها مقعد في مجلس النوّاب.

ويرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني محمد قواص أن هذا التطوّر يكشف “انتقال أدوات حزب الله من مرحلة التعايش مع حالة الاعتراض داخل الطائفة الشيعية إلى مرحلة التصادم العلني والمكشوف، ما يعكس ضيق الحزب من الخطر الحقيقي الذي باتت تشكله لوائح المعارضة الشيعية في قلب دوائر جنوب لبنان”.

وتوقع قواص في تصريح لـ”العرب” أن يكون للاعتداء على الزميل الأمين ردود فعل لصالح هذه المعارضة ليس في الجنوب فقط بل في البقاع أيضا وخصوصا في دائرة بعلبك الهرمل، التي يخشى حزب الله من نجاح تلك المعارضة في تسجيل اختراق لافت للوائحه.

ولاحظ المصدر السياسي أن عائلة الزين، على سبيل المثال، ستغيب عن مجلس النواب الجديد بعد إبعاد أي مرشح من أبنائها عن لوائح الثنائي الشيعي وذلك للمرّة الأولى منذ إجراء انتخابات في لبنان في العام 1920.

ويظلّ لعائلة الأمين وضع خاص في جنوب لبنان، على الرغم من أنّها ليست عائلة إقطاعية. وهذا عائد إلى كبر العائلة من جهة وإلى أنّ لديها عددا كبيرا من علماء الدين والفقهاء لعبوا دورا مهمّا في نشر المذهب الشيعي في المنطقة انطلاقا من جبل عامل.

إقرأ أيضاً: رسالة مفتوحة إلى علي الأمين

وأضاف قواص في تصريح لـ”العرب” أن الحزب “حرص على عدم المسّ مباشرة برموز الاعتراض الشيعي لا سيما الذين ينتمون إلى عائلات كبرى تمثل ثقلا وحضورا في حاضر وتاريخ الطائفة الشيعية في لبنان”.

وأوضح أن هذا الحرص كان سببه عدم شعور الحزب في السابق بأي تهديد على موقعه داخل الطائفة الشيعية ولا سيما في جنوب لبنان، وأن “أمر الاعتداء على الزميل علي الأمين يكشف عن قوة الخطاب المعارض داخل الطائفة كما عن سعي ليس فقط لإرهاب مرشحي المعارضة بل إرهاب الناخبين أيضا، وبالتالي فرض أمر واقع الحزب بالقوة المباشرة”.

وكانت المعارضة التي مارسها الأمين علنية منذ سنوات ومن قلب البيئة الشيعية ومن قلب الجنوب، وأنه في اعتراضه بقي متمسكا بتواجده سكنا وعملا وحركة ونشاطا داخل المناطق الشيعية في الضاحية والجنوب اللبناني، وأن أمر ترشحه ورفاقه لخوض الانتخابات التشريعية داخل لائحة معارضة للحزب أمر منطقي يتسق مع مسيرته وخطابه الداعي إلى قيام الدولة اللبنانية ومحاربة “الدويلة” التي يعمل على أساسها والحاجة لديمومتها حزب الله.

إقرأ أيضاً: علي الأمين… أنت متهم؟

وذكّر قواص أن حزب الله سبق في السنوات الأخيرة أن اتهم الأمين وكافة شخصيات الاعتراض الشيعي بأنهم عملاء للخارج مطلقا عليهم وصف “شيعة السفارة” في غمز من قناة السفارة الأميركية في بيروت.

وأردف أن الحزب استطاع التعايش مع حراك الاعتراض الشيعي أثناء مشاركته في الحرب في سوريا معوّلا، على ما يبدو، على ما يمكن أن يحققه وراء الحدود اللبنانية لفرض أجندته داخل هذه الحدود، مضيفا أن “عودة الحزب للتعويل على حضوره البرلماني القوي في لبنان يعكس إدراكا لديه بأن (انتصاراته) السورية لن تحميه في لبنان، وأن حضوره في البلد يتطلب كافة الوسائل، بما في ذلك التعرض لمرشحي المعارضة الشيعية وإرهاب البيئة الشيعية الناخبة”.

السابق
«سكايز» يستنكر الإعتداء على الأمين
التالي
مقتل نائب وستة من أسرته بحادث سير مروّع