عدوى «التكليف الشرعي» تُصيب «زي ما هيّ» و«القسم» الانتخابي

لم يعد التكليف الشرعي محصورا بحزب الله، الحزب الديني، الذي يسيّر جمهوره بناء على فتوى من المرشد الديني للجمهورية الاسلامية في ايران بصفته الولي الفقيه، فيتبعه المؤمنين دون جدل او نقاش. بل اجتاح جميع القوى السياسية.

لكن في لبنان، وعلى عادة كل شيء جديد فيه، تم تقليد هذه الطريقة الشيعية البحتة، بطريقة اخرى، وتحت مسميّات جديدة، بعد ان كانت محصورة بحزب الله وكانت منتقدة من اخصامه السياسيين، سواء الاقربين او الابعدين.

إقرأ ايضا: سيلفانا اللقيس خارج «هيئة الإشراف على الإنتخابات»: لانعدام الدور والنزاهة

فتيار “المستقبل” الذي لا لطالما انتقد حزب الله على تكليفه الشرعي الفاعل، إلتجأ الى هذه الفتوى إنما باسلوب مدنيّ من خلال كلمة لبنانية محلية قريبة ومتداولة باتت عنوانا للتيار، وهي “زي ما هيّ”، حيث أتت على لسان الرئيس رفيق الحريري في آخر انتخابات له قبل اغتياله في بيروت عام 2004  حينما حوصر بقانون انتخابي تقسيمي لبيروت.

اضافة الى التيار الازرق، ظهر فيديو لشيخ من حركة أمل يتلو بيان القسم على مجموعة من الانصار من اجل انتخاب كامل لائحة الحركة، وقد بدا الحضور كطلاب المدارس الذين ينشدون نشيد الصباح.

ويستعاد اليوم “فيديو” لمناصرات لحزب الله حول تكليفهن بانتخاب مرشح القوات اللبنانية إدمون نعيم في انتخابات عام 1996 عن دائرة بعبدا، حيث تجلس سيدتين خلف “بوستر” كبير لبشير الجميل، حيث اكدتا ان القيادة السياسية لحزب الله تعرف اكثر منهما!.

إذن، العدوى انتشرت بين جميع مكونات الشعب اللبناني، فماذا يقول كل من المحامي حسن بزي عن هذا الامر، لـ”جنوبية”: “على المستوى الديني سبق للسيد محمد حسين فضل الله ان قال انه لا شيء اسمه “تكليف شرعي” بفتوى صريحة، منذ عشرات السنين، وعلى المستوى الديني يجب انتخاب الصالح الذي سيحاسب عليه المرء، فلا أحد سيحمل عن غيره الاثم بانتخاب غير المناسب تحت عنوان “التكليف الشرعي”.

“فهذا تعطيل للارادة، لذا اخترعوا ايضا “القسم”، واللعب على الطائفية، والغرائزية، والمذهبية، وكل ما يلزم للفوز. حيث يسير الناخب على هذا النمط، وهو كسر لارادة المحازبين سواء أكانوا في حركة أمل أو في حزب الله”.

لكن”هذا الامر لا يفلح لدى المستقلين وخاصة عند الفئة الصامتة، التي لن يغرّها بعد اليوم الشعار الاعلامي”.

ويشدد “من يحمي المقاومة هم الناس فهم سلاحها، حيث لو اجتمع العالم كله ضدها فلن يستطيع كسرها. فعندها خرجت المقاومة للدفاع عنا لم يكن هناك نواب ولا حكومة وعندما تحررت الارض لم يكن هناك ايضا نواب ولا حكومة”.

ويختم المحامي والناشط الحقوقي حسن بزي، بالقول “المقاومة بمفهومها الاوسع والاشمل تطال كل القضايا، فما يجري على الناخبين هو تعدٍ على حرية الافراد. لذا واجب علينا مقاومة الفساد، فالكل شارك بالفساد، ويجب علينا مقاومته من خلال اللوائح مضادة للوائح السلطة. ويجب علينا انتخاب الصالح والوطني والمقاوم”.

من جهة ثانية، يرى الكاتب نصري الصايغ، تعليقا على الموضوع، ان “لست املك اي احساس تجاه اي موضوع لبناني او اية قضية لبنانية، المهم بالنسبة لي هو عدم حصول حالات عنف بين اللبنانيين، ولا هم لي سوى فلسطين”.

ويؤكد “أنا لست لبنانيا، لم انتخب يوما، طالما انه هناك طائفية، انا اكتب كخبير أجنبي. والمشكلة بالنسبة لي ليست بالقانون النسبي او الاكثري، بل بالقاعدة الطائفية التي هي الاساس، فأنا لا استمع لنشرات الاخبار، ومتوقف عن الكتابة منذ خمس سنوات”.

ويختم “ما يهمني هو الموضوع الاسرائيلي، لانه على صلة تامة بفلسطين. ففي كتابي “لبنان في مئة عام: إنتصار الطائفية” يعبّر عن صورة لبنان منذ تأسيسه”.

في حين يرى، المحلل السياسي الشيخ عباس الجوهري، أنه ” تعودنا في الحياة السياسية اللبنانية ان الفكرة النبيلة تؤثر في محيطها، والفكرة الخبيثة ايضا، ومع الاسف اننا نتأثر بالافكار الدونية والسطحية، والسخيفة كالتكليف الشرعي، وهو اسلوب دنيء وحقير وسخيف، وهو عكس ما يريده الشرع الحنيف لأمر محترم، فاستعماله من قبل جهلاء في الشرع دعا الى تقليد من هم اجهل من الصنف الاول الذي ابتدعه”.

ويشدد الجوهري، قائلا “نقول ان العملية الانتخابية تناقض التكليف الشرعي، فكيف يمكن استخدامها بالانتخابات. لقد شهدنا تفاهة ورخصا لدى جميع الاطراف، وهذا التكليف جعل المرشح لا يعرض برنامجه، بل يعرض التحريض ضد الاخر، ويستعمل الحرم الكنسي، والاخراج الشرعي، والتكليف، في الانتخابات”.

ويرى، رئيس تحرير موقع (لبنان الجديد) المعارض، انه “في الحياة السياسية اللبنانية استعمل سرطان التكليف الشرعي، حتى اصبحنا نشهد انتخابات غبّ الطلب لشخص هنا او هناك. وبتنا نستعمل الايمان المغلّظة لسلب الناخبين حريتهم”.

إقرا ايضا: علي أبو دهن: من لم يدعم قضية المعتقلين في السجون السورية لن ننتخبه

ويختم، المرشح المنسحب، الشيخ عباس الجوهري، بالقول “فالقسم” المنسوب لأجل هذه التفاهة يرجع الحياة السياسية الى الخلف، حيث اننا نشهد أزمة أخلاقية، وتراجعا الى الخلف، اذ فرضت الخلافات على الناخب، وانعدمت الرؤية، فلا نشهد خطابا سياسيا، بل خطابا داخليا يُخيفنا من الاخر. وما حديث المرشحين عن الفساد الا من نافل القول، حيث انهم يتحالفون مع الفاسدين، ويدللون في خطاباتهم التحريضية على الانفصام في الحياة السياسية، التي هي في أتعس احوالها، حيث اننا نسير نكوصا الى الخلف”.

 

السابق
المرشح علي الامين: تمزيق لافتات «شبعنا حكي» قد يكون اعتداءا فرديا
التالي
ريفي: مشروع حزب الله يقتل البلد، ولن نسمح لأي شخص ينتمي إلى المشروع الإيراني بأن يمثلنا