حصرم البلديات يُضرس المرشح الشيعي في جبيل

الانتخابات النيابية
تُشكّل الانتخابات في النظام الديمقراطي سلسلة لا تنتهي من الاستحقاقات التي تؤدّي إلى تطوير التجربة السياسية والإدارية للجماعة، وتعالج الأخطاء التي توقع فيها الممارسة الميدانية، وتحافظ على النظر إلى الغايات والمصالح العامة بقدر الإمكان، لأنّ من المنطقي أنّ الناس تطلب في العادة حقوقها الطبيعية والإنسانية والقانونية التي تجعل الحياة البشرية أقلّ سوءاً ومعاناة وفساداً.

البعض يرفض في كلّ مرّة أن يراعي المعايير، فينساق وراء أوهام القوة أو يخطئ في تفسير السلوك الاجتماعي… فيتّخذ خطوات ومواقف تكلّفه آجلاً الكثير من الخسائر. ولذا لا ينبغي للمسؤول المجرّب أن تخدعه الظروف الآنية عن إدراك العلاقات المستقرّة في المجتمع، كما لا ينبغي له اعتبار المتحوّل من العلاقات قاعدة كيلا يقع تحت طائلة عقاب المجتمع.

هذا ما يحصده المرشّح الشيعي اليوم!

في الانتخابات البلدية والاختيارية المنصرمة ـ لا صرم الله حبل المودة بين المتحابّين ـ شعر المسؤولون في القوى السياسية بقدرة فائقة على تشكيل اللوائح، وجلس مهندسوهم على دكّة القضاء، وأخذوا يوزّعون مقاعد غيرهم، ويقولون: “هذا المقعد للعائلة الفلانية… هذه العائلة تتمثل بعضو التنظيم خاصتنا…وذاك…”، وهدفهم تكريس عناصرهم محاور اجتماعية في البيئات المحليّة، بتجاهل للمعايير والمؤهلات الاجتماعية لأولئك العناصر. ثم انتهت الانتخابات قبل أن تبدأ، بل قبل أن يجرى حساب يُبيّن حصيلة المرحلة السابقة بما لها وما عليها، وانصاع من لا يملك حولاً ولا قوة، وقُضي الأمر.

اقرأ أيضاً: مرشح «البارشوت» عن «حزب الله» يثير النقمة في جبيل: من يهمّشنا هم الثنائية الشيعية

لم يلتفت المهندس غير الديمقراطي إلى دورة الحياة الانتخابية في الحياة الديمقراطية، وغفل عن استحقاق سيأتي لاحقاً، وسَعُد بيومه الفائت، فيما أقام الجبيلي ينتظر سداد الحساب في يوم قريب، وهو يرى المجالس التمثيليّة تغرق في فشلها، وتفتقد أيّ مشروع استراتيجي يُعيد للمجموعة السكانية حيويتها المفتقدة، أو يُعطيها مبرراً للاستمرار، بعد عقود من الإهمال والتراجع في إطار الشراكة الوطنية على مستوى القضاء. لم يكن عمل “مجالس التزكية”ـ والتزكية تستبطن غياب الرأي والتعددية ـ غير صرف المال في المجالات الكماليّة، بعيداً عن أيّ تفكير جدّي في الانخراط في دورة إنتاجية حقيقية تُطلق ديناميات المجتمع المحلي، التي لا غنى عنها لاستمراره. وكانت صناديق البلديات ذات الصفة التمثيلية الواهنة تُبذّر على الزينة والاحتفالات وتأهيل الطرقات الرئيسية ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في الوقت الذي لم تدخل مجالات أخرى في نطاق الرؤية البلدية “التزكوية”، ومثال ذلك المسح العقاري ومشاكله والمياه والصحة والتعليم والطرقات الداخلية…. ولم تكلّف “مجالس التزكية” نفسها عناء ملاحقة شيء من تلك الأمور لدى الإدارة الرسمية، بل انصرفت إلى التنعّم بميزة التمثيل، وظنّها أنّ “التزكية” ستُتيح لها فرصة تأطير الرأي العام في سياق الموالاة والنصرة وميزات السلطة.

اقرأ أيضاً: شيعة جبيل والبقاع الغربي: لماذا مرشحو النيابة من خارج مناطقهم؟

ثم أتى الاستحقاق النيابي بصوته التفضيلي، وبات المرشحّ الشيعي بحاجة إلى أصوات الجماعة التي مثّلها، وكان من المنطقي أن “الاكتساح” المتحقق سيؤمّن لأيّ مرشّح منها الفوز السهل واليسير، بما تشكّله الجماعة على مستوى القضاء والدائرة الانتخابية، وبما تمثله البلديات من إجماع مفترض…. لكن المفاجأة أن المرشح اضطرّ إلى الانخراط في حملة من العلاقات العامة لامتصاص ردّة الفعل الرافضة للترشيح، وتبيّن له أن لو كانت التزكية تعبيراً عن الرضا لما واجه المرشّح ما واجه، كما لم تكن تعبيراً عن اضمحلال الآراء المختلفة ضمن الجماعة الشيعية، فيما لم تستطع لاحقاً تلقف “الانتصار” إنمائياً لتبرّر للمواطن الجبيلي سوء التزكية، بل فاقمت الوضع سوءاً بأدائها الفاشل، وبمستواها التمثيلي الواهن والهزيل، في وقت رأى المواطن أن مهندس هذه “التزكية” قد نال ثناءً بدل محاسبته على إجهاض الدينامية الاجتماعية الجبيلية التي تقوم على مبادئ تمثيلية تراعي تاريخياً توازنات عائلية وشخصيات لها حيثياتها الاجتماعية. ولم تفلح التوازنات التي سعى المهندس لإرسائها في تحقيق مفاعيل معتدّ بها، وهو الذي جلّ همّه ونظره أن يكون له فيها اليد العليا، وهيهات!

اليوم، لا حصرم فيأكله المرشّح الشيعي ، بل جمهور له في ذمّة المهندس والمرشّح دين سيستوفيه بالتي هي أحسن!

السابق
نوال برّي تؤكد دعمها لجيسيكا عازار: خصمك بالسياسة.. عدوك!!
التالي
جريمة دوما… الخلفيات والأهداف