بيان «منظمة العمل الشيوعي».. وجدل إدانة أميركا ونظام الأسد

حزب الشيوعي
"منظمة العمل الشيوعي" تاريخ من النضال السياسي والعسكري اللبناني المناصر للقضية الفلسطينية وللقومية العربية واليسار العالمي، لمع نجمها ونجم امينها العام السيد محسن ابراهيم خلال الحرب الاهلية التي اندلعت عام 1975، أمس وبعد عقود خمود السياسي، اصدرت بيانا مثيرا للجدل، يتطرق لما أسمته العدوان الغربي على سوريا، ولشرعية النظام الذي يقمع شعبه.

لطالما مثّلت منظمة العمل الشيوعي التي برزت كتنظيم سياسي عسكري خلال الحرب الاهلية ذاكرة طيف من اللبنانيين ومن الجنوبيين منهم تحديدا، وكان شخص امينها العام “الجنوبي” السيد محسن ابراهيم الذي كان يلقب بعقل “الحركة الوطنية”، يفرض احترامه وحضوره على الساحة السياسية في لبنان، وهو الذي اتخذ قرارا عمليا بتجميد العمل السياسي للمنظمة اثر تفكك “الحركة الوطنية” ونهاية دورها وسيادة الاحزاب الطائفية، عقب مرحلة الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982.

لذلك فقد تفاجأ اللبنانيون بالبيان الذي صدر أمس عن قيادة منظمة العمل الشيوعي، وظهر كأنه اعادة لإحياء دورالمنظمة واستنهاضها في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة التي تمر بها المنطقة ويمر بها لبنان.

اقرأ أيضاً: ضربة تقنية تبحث عن معنى

“جنوبية” وقفت على نص البيان لأهميته لناحية التوقيت والمغزى، فماذا يقول “اهل البيت” اليساري حول مضمون البيان؟

فتحت عنوان: منظمة العمل الشيوعي تدين الهجوم الأميركي – الغربي وتحمّل النظام مسؤولية المجازر في سوريا قال البيان:

تعقيباً على الهجوم الأميركي البريطاني الفرنسي على الأراضي السورية، صدر عن منظمة العمل الشيوعي في لبنان البيان الآتي:

أولًا ــ لم يكن لجوء النظام السوري إلى استخدام الأسلحة الكيماوية في مدينة دوما الأول من نوعه، بل سبقه أكثر من خمسين هجوماً، في ظل تغاضي المجتمع الدولي عن المجازر المرتكبة في سوريا. إن استخدام الحلف الأميركي الغربي حجة السلاح الكيماوي للهجوم لا يهدف إلى إنقاذ الشعب السوري، بل يأتي في سياق الخطة الأميركية المتواصلة منذ انطلاق الانتفاضة، في تدمير سوريا، كياناً ومجتمعاً وقوة عسكرية، وإنهاء موقع سوريا ودورها، خدمة للمشروع الصهيوني.

ثانيا ــ يأتي الهجوم في سياق مخططات التلاعب الأميركي بكيانات المنطقة العربية وإدارة حروب أهلية فيها، والسعي لتصفية القضية الفلسطينية، وتأبيد أنظمة الاستبداد الحليفة وفي مقدمتها النظام السوري، الذي كان ساعياً دوماً إلى اعتراف أميركا به، والعامل دوماً على خدمة مخططاتها في المنطقة.

ثالثا ــ لقد سعى النظام السوري منذ إعلان الانتفاضة في العام 2011 إلى قمعها وتصفيتها بشتى الوسائل، فكان مسؤولاً عن رعاية وتسهيل إنشاء التنظيمات الإرهابية وتحويل الانتفاضة إلى حرب أهلية بذريعة محاربة الإرهاب، وتبرير استخدام شتى أنواع وسائل العنف والتدمير التي يمتلكها بما فيها السلاح الكيماوي، من أجل تلقين الشعب السوري درساً في الخضوع والإذلال لسطوته، ومنع أي معارضة من الوقوف في وجهه.

رابعا ــ إن النظام السوري يتحمل المسؤولية عن تحويل الأرض السورية إلى ساحة حروب إقليمية، عبر استقوائه بالخارج لحماية نظامه. وهو ما جعل سورية أرضا محتلة من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا، تتصارع على تقاسم مناطقها وتنفيذ عمليات التهجير والتغيير الديمغرافي، وتدمير كل الموروث الاجتماعي والعمراني والحضاري للشعب السوري. أفقد هذا الاحتلال سوريا استقلالها، وساهم في تدمير بناها، وتشريد نصف سكانها، وقتل نصف مليون مواطن وجرح مئات الآلاف. تتمسك هذه القوى المحتلة ببقاء النظام السوري ورئيسه، وتشكل له حاضنة وحماية لأنه يسبغ الشرعية على وجودها.

خامسا ــ يدفع الشعب السوري وحده أثماناً باهظة من هذا الاحتلال المتعدد الأوجه، ويعاني يومياً من البراميل المتفجرة التي يطلقها النظام، ومن الغازات السامة التي يستخدمها لمنع كل اعتراض. كما يدفع هذا الشعب ثمن الصراعات الدولية والإقليمية على أرضه من دون حساب.

سادساً ــ إن منظمة العمل الشيوعي في لبنان تدين الهجوم الأميركي الأخير، كما تدين سياسات قوى الاحتلال الأخرى المسيطرة حاليا على سوريا، وممارسات الميليشيات التي تدور في فلكها. كما تندد بالمجازر التي يرتكبها النظام يومياً ضد هذا الشعب. وتدعو المنظمة إلى وقف هذه الحرب وتحقيق تسوية سياسية، شرط نجاحها إنهاء هذا النظام ورئيسه، وإقامة حكم ديموقراطي يعترف بحقوق مكونات الشعب السوري، ويتيح الحرية السياسية لجميع الأحزاب والقوى. وتسجّل المنظمة تضامنها الكامل مع نضال الشعب السوري ضد نظامه ومواجهة سائر القوى الدولية والإقليمية التي تحتل أرضه وتعبث بمصير سوريا.

جابر: النظام السوري فتح صندوق “باندورا” وسمح بخروج الشياطين

عضو منظمة العمل الشيوعي احمد جابر، اكد لـ”جنوبية” ان “البيان اصدرته الهيئة القيادية لمنظمة العمل الشيوعي، وهو موقف متمايز للمنظمة تعتمده منذ انطلاقة نشاطها ولديها تحليلها ومواقفها الخاصة بشأن الوضع اللبناني الداخلي وايضا الوضع العربي، هو ايضا موقف مستقل، يأتي في اطار البحث عما هو جديد في المواقف بالمعنى السياسي والفكري والعملي بما يتجاوز الخطاب السائد اكان على ضفة اليمين او اليسار”.

اما بخصوص مضمون البيان المتعلق بسوريا والعدوان “اقول نحن لدينا موقف مبدئي، فعندما تحصل ضربة اميركية لاي دولة عربية لا يمكنني ان اكون محايدا وفي نفس السياق ارفض اي ضربة تركية او التدخل الايراني وارفض حتى التدخل اذا صدر من لبنان لسوريا”.

من جهة اخرى قال جابر “انا ادين هذا النظام الذي يرد على مطالب شعبه المحقة بالحديد والنار، وتصرف النظام السوري هو الذي فتح المجال امام كل التدخلات الخارجية وهو الذي رد على الهتافات الديموقراطية بالرصاص الحي ثم بالمدافع، اي هو الذي جرّ الوضع السوري الى العسكرة وبذلك هو سمح بظهور قوى التطرف على الساحة السورية، وبتنا امام قوى خرجت من كهوف التاريخ على طريقة النصرة وداعش” واضاف “، هذه الجماعات المتطرفة وجدت من يمولها وفُتح الباب امام كافة التدخلات الخارجية وكما تقول الاسطورة هذا النظام هو الذي فتح صندوق باندورا لتخرج منه كل الشياطين، لذا لا يمكنني هنا ان ادين العدوان واضع نقطة على السطر ولا يمكنني ان اقول انه بريء كبراءه الذئب من دم يعقوب ويشبه ذلك وضعنا اللبناني والذي بفضل عبقرية الطبقة السياسية الحاكمة التي جلبت السوري وثم الاسرائيلي، ارى ان العرب يكررون تاريخ بعضهم البعض وفي ظنهم ان الخارج يقدم خدمات مجانية”.

اقرأ أيضاً: الأسد بين الفكين الأمريكي والروسي ..

مقلد: ما يحصل في سوريا هو مسؤولية النظام وليس اميركا

الباحث في الشأن اليساري الدكتور محمد علي مقلد، رأى ان “هذا البيان يعبّر عن حالة تصدر عن مجموعة من الشباب المناضل في منظمة العمل الشيوعي بمواجهة ازمة اليسار المستفحلة والمستعصية، ومحاولة منهم لاعادة الاعتبار لتنظيمهم، ولعله الاطار المناسب لاعادة صياغة مواقفهم مؤخرا والتي تعكس رغبتهم باعادة تشكيل التنظيم ومحاولتهم لحل الازمة”.

الا ان مقلد رأى من جهة اخرى ان “هذا البيان يناقض نفسه فهو يحوي فكرتين احداها تدين النظام وارتكاباته، والاخرى تدين اميركا باعتبارها رأس الامبريالية. هذا المعطى صحيح ولكن مجرد وضعهم جانب بعضهم البعض تضيع المسؤولية الاساسية، وهنا لدي موقف مختلف في هذا الاطار ومع تقديري لجهود رفاقنا في منظمة العمل الشيوعي واعتبار مواقفهم متقدمة اكثر من مواقف الحزب الشيوعي” واضاف ” نحن الماركسيون نصنف الامور بما هو اساسي وآخر ثانوي ونعتبر ان الخطر الاساسي هو داخلي اكثر مما هو خارجي والاستعمار يسعى الى تحقيق مصالحه فقط من بيع الاسلحة وتأجيج الصراعات ولكن في المقابل نحن لا نعمل بما يتناسب ومصالحنا.”

وختم الدكتور مقلد ” نحن في الحزب الشيوعي عملنا لمصلحة الفلسطينيين، والكتائب عملوا لمصلحة الاسرائيليين والان حزب الله يعمل لمصلحة ايران، وهنا اشدد ان ما يحصل في سوريا هو مسؤولية النظام وحده ولم يعد مقبولا ادانة الامبريالية وهي تقوم بتنفيذ اجندتها بافضل ما يكون وارى ان العطب الاساسي لدينا و”دود الخل منو وفيه”.

السابق
بطولات «الانذار الخاطىء»
التالي
في الجنوب… حملات ابتزاز انتخابية تطال لقمة العيش