الضربة الأميركية ضد سوريا: نجاح عسكري وفشل في تغيير المعادلات

بعد اتهام النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في دوما، هل حققت ضربة اميركا وحلفائها أهدافها في سوريا؟ وهل كانت حجم الضربة التي شاركت فيها ثلاثة دول كبرى بحجم نتائجها؟

شهدت الأجواء السورية فجر اليوم (السبت) ضربة ثلاثية شاركت فيها جيوش الولايات المتحدّة الأميركية وفرنسا كما بريطانيا، واستهدفت فيها قواعد ومقرات عسكرية في دمشق ومحيطها بحوالي 100 صاروخ كروز وتوما هوك .

وفيما أعلنت دول التحالف الثلاث بعد إنتهاء العملية العسكرية على سوريا، أن الهدف من هذه الضربة “المركزة والمنسقة” والتي إستمرت لمدّة 50 دقيقة هو إستهداف القدرات العسكرية الكيميائية للنظام السوري في إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية، فان ما نُشر من معلومات اكد ان النظام السوري احتاط واستغل التحذيرات الاميركية التي صدرت قبل ايام، وقام بإفراغ المطارات الرئيسية والقواعد العسكرية تحسبا لضربات الصواريخ الجوالة.

فهل كان حجم الضربة التي شاركت فيها ثلاث دول كبرى بحجم نتائجها؟

في هذا السياق، رأى المحلل السياسي والصحافي مصطفى فحص في حديث لـ “جنوبية” أنه “من المبكر أن نحكم على نتائج الضربة، لكن أهم ما في الأمر أن لا نتعاطى بما يقوله النظام والمدافعين عنه بجدية لأن الضربة هذه تختلف عن ضربة الشعيرات. فهي ليست طويلة لكن يبدو أنّها قاسية. بإنتظار الأيام للكشف عن حجم المواقع التي إستهدفت التي يقال أنها تجاوت العشرة ما هي؟ وما الأهداف من وراء ضربها؟”.

مصطفى فحص

 

وأكّد فحص أن “أهمية الضربة بمعناها السياسي وليس العسكري، بملاحظتين أساستين: فبالرغم من أن الدول الثلاث التي اشتركت بالضرية قال رؤساؤها إنهم لا يسعون إلى تغيير النظام، لكن يسعون إلى تأديب النظام فيما يتعلّق بالموضوع الكيماوي، لكن هذه الضربة عملت من ناحية ثانية على إنهاء فكرة إعادة تعويم بشار الأسد، خصوصا أنه قبل إستخدام الكيماوي وبعده كان هناك حديث جدي عن بقاء الأسد وإحتواء الوضع وإجراء تسويات. ولكن بعد الآن لا تستطيع أي دولة التحدث عن بقاء الأسد”. أما الملاحظة الأخرى هي إعادة تذكير وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس خلال مؤتمر صحفي بمقررات “جنيف”، أي أن الضربة الاميركية اعادت إحياء محادثات “جنيف” حول الازمة السورية، مشيرا إلى أن جميع المؤتمرات البديلة الخاصة بسوريا مثل “أستانة وسوتشي” وغيرها ليس لها قيمة، فالفعالية الحقيقية هي لمؤتمر جنيف 1 الذي يعني تأسيس هيئة إنتقالية لإنهاء حكم بشار الأسد”.

ورأى فحص أن الفضيحة الأكبر هي أن “روسيا لا تستطيع حماية النظام السوري، فهي تحميه بشخص الأسد إلا أنها لا تحمي النظام. متسائلا “أين الكلام العنجهي عن الدفاعات الروسية وصواريخها؟”

ولفت أن السؤال الأهم هو “هل ضُرِبت مواقع أخرى ليست للنظام السوري؟ وإذا صحّ هذا الأمر لماذا المناطق التي استهدفت لم تردّ بعد؟ وإذا ضُرِبت هذا معناه أنه بدأ التأسيس لمرحلة جديدة في سوريا، فما جعل الضربة “محدودة” هو الخلاف بين البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي من جهة، والبنتاغون من جهة ثانية خصوصا ان الأخير إشترط على الإثنين أن الضربة الموسعة التي تطلبان تنفيذها تتطلب إستراتيجية سياسية مختلفة، بوقت ان ترامب يطالب بالإنسحاب بعد 6 أشهر من سوريا. فلا يمكن أن تظهر أميركا متناقضة لهذه الدرجة”.

ولفت فحص الى احتمال “ان الولايات المتحدة ستبلور أمرا جديدا فالأيام سوف تثبت ذلك. مؤكدا أن المعركة لا تكون طويلة الأمد من دون تفاهم أميركي- تركي، وأميركي سعودي وهذا الأمر لم يحدث حتى الآن ما يعني أننا لا نزال في الجزء الأول لتأسيس لبلورة مشروع جديد الذي من الممكن أن لا يتبلور”.

إقرأ أيضاً: أميركا وحلفاؤها نفذوا الضربة المدروسة في سوريا.. و«لمرة واحدة»!

من جهة ثانية، كان لـ “جنوبية” حديث مع المحلل السياسي سمير الحسن الذي اكد من وجهة نظره “انها محاولة لضربة محدودة ولكن نجحت الدفاعات الجوية السورية بإرتكاب مجزرة بحق الصواريخ، فمن اصل 120 أسقطت 72 صاروخ وهو ما أبطل كل مفاعيل العدوان”.

وأشار إل ى أنه “بالرغم من أن هذا التهويل سبقه عرض عضلات وحرب نفسية، إلّا أنه فشل ولم يعد بمقدور الغرب المزيد من التهويل ولا التهديد”. مؤكد أن هذا عدوان موصوف وخارج إطار مجلس الأمن ويهدد السلم الأهلي”.

ولم يرَ الحسن “ابعادا لهذه الضربة أكثر مما جرى، مشيرا أنه “فيما تتحدث الدول الكبرى الثلاث عن إستهداف مواقع ومراكز عسكرية، فان معظم الصواريخ التي أطلقت إلى أماكن إستراتيجية كقاعدة الكسوة ومطار ضمير العسكري وكذلك مطار المزة أسقطت “. خاتما “نحن الآن أمام مشهد سقوط ترسانة الغرب العسكرية”.

إقرأ أيضاً: الضربة العسكرية الثلاثية تستهدف «حزب الله» في القصير وتوجه رسالة قوية إلى إيران!

وبالنهاية يبدو جليا ان الضربة الاميركية على سوريا التي شاركت فيها فرنسا وبريطانيا نجحت عسكريا وتكتيكيا، باختراق الدفاعات الجوية والصاروخية الروسية والسورية وضرب الاهداف المرصودة، غير انها لم تنجح في تغيير المعادلة التي رسخها الروس في المنطقة منذ دخولهم الى سوريا نهاية عام 2015، والتي ترتكز على توازن دقيق يبقي نظام بشار الأسد ولو مرحليا، على راس النظام.

السابق
باسيل يهدد أهالي رميش: لا تقرعوا أبواب وزاراتنا في حال لم تصوتوا للوائحنا!
التالي
برّي لأهل البقاع وعكار: لن يكون الآتي كما في السابق معكم وخصوصاً في ما يتعلق بالعفو