الحوزات العلمية الشيعية.. هل تمنع النساء من نيّل الاجتهاد والمرجعية؟

طيلة 1439 عاما لم نسمع باسم امرأة مرجع ديني يُصدر الفتاوى، فما هو السر؟

يلفت الانتباه ان المراجع الدينية لدى الشيعة هم دوما من الرجال رغم ان العلم الديني متاح امام الذكور والاناث. فكيف يتخرج طالب العلم ويصل الى مرتبة المرجعية، ولا تصل المرأة طالبة العلم ايضا الى المرتبة الاعلى لدى الشيعة في العالم. مع الاشارة الى ان الكتب التي يدرسها الطرفان هي نفسها، في كافة المراحل. فما هو السبب. حيث نجد من الرجال مراجع ووكلاء مراجع، وشيخ، وعالم دين، وعلاّمة، وآية الله، والمقدّس، وكل انواع الرتب العلمية تمنح للرجل ولا يمنح ايّ منها للمرأة.

اقرأ أيضاً: «قم» مدينة الحوزات الدينية في قبضة المحتجين الايرانيين

وفي لقاء مع الدكتورة فاطمة فرحات، استاذة الفلسفة الاسلامية في احدى الجامعات في لبنان وطالبة العلوم الدينية، في مرحلة المقدمات والسطوح، اي (عالمة) او(شيخة) اوضحت السبب في هذه العقبة الملفتة فقالت لـ”جنوبية”: “لا شروط لطلاب العلم، ندرس جميعنا دراسة حوزوية واحدة كما هي حال الدراسة الاكاديمية، فلا تفرقة. فلا ذكورة او أناث في هذا المجال”.

و”لكن كل انسان يدرس بحسب وظيفته الاجتماعية، فالرجل يتمكن من أمور هي مجال اهتمامه. ففي العلوم العصرية هناك دراسة ميكانيك وهو امر ليس ممنوعا على النساء، لكن بسبب بنية الرجل الجسدية نعتقد انه يختص به، في حين ان اعمال النساء يتم اختيارها بحسب الرغبة. والتوجه نحو الشأن الثقافي يعود للطاقة الايجابية نحو العلم، فثمة أفراد يأنسون بالعلم لأن العلم حاجة نفسية،ولا حدود له”.

وردا على سؤال حول عدم وصولها الى مرحلة الاجتهاد والمرجعية، اكدت فرحات، ان “المرأة هي السبب في هذا الموضوع، كونها اقتنعت بدورها الحالي، ورضيت به، ولكن اذا اكملت فلن يمنعها أحد”.

وللتذكير، لفتت الى ان ابنة الشهيد الاول السيدة فاطمة وصلت الى مرتبة الاجتهاد. وكانت تلّقب بـ”ست المشايخ”، حيث أورثها مكتبته. وكانت “مجتهدة”، وكانت الألوف في بلاد الشرق ترجع اليها”.

“وفي ايران هناك مجتهدات، لكن لم يتم الترويج لهن بما يكفي. علما انه هناك مراجع تمنع مرجعية المرأة، ومسألة المرجعية متفق عليها، كحال الدولة اللبنانية التي تسير بالعرف وليس بالقانون، فيما يخص رئاسة الجمهورية. فالتوافق في الحوزة هو الذي يسير لا الشروط. وهو غير موجود في النصوص، بل نص وضعي لا قرآني، اتفق عليه العلماء، وهو شرط عرفي غير مكتوب”.

وتؤكد “وظيفة المجتهد ان يرجع الى العالم، والا لماذا نرجع الى الاختصاصي في حال الكفاءة. فالشرع لم يخص العلم بالرجال”. و”ايضا الكنيسة لا تعطي المرأة الصفة الكهنوتية التي تعطيها للرجل”، وهم بحسب الدكتورة الشيخة، “الله سبحانه شخّص ورسم معالم الطريق، وعلى المسلمين ان يحصلوا هذه المرتبة”.

وختمت الشيخة فاطمة فرحات “هذا الكلام ليس عبارة عن مثاليات، بل ان المسلمين لا يرجعون الى القرآن، ولا الى الرسول، ولا الى السنة النبوية في هذا المجال. بل انهم يؤسسون لقضايا ومفاهيم ويسيرون وفقها ويعتبرونها مقدسة”.

و”على مستوى الحوزة العلمية، وصلتُ الى مرحلة الاصول واللمعة، ولم اتابع. ولكن من تصل تبرز بالتأكيد. السبب ان لا رغبة لدى المرأة في الاجتهاد والمرجعية، فهي ليست ذات طموح. لذا يجب ان يحصل نوع من الضغط من اجل الا تستسلم المرأة للواقع. فالرجال يفرحون عندما تتوقف المرأة عن الدراسة. فمنذ التسعينيات دخلت عالم الحوزة، حيث بدأنا نسمع عن مطالب نسائية داخل الحوزة في هذا الاطار. ففي ايران تكمل الطالبة الى المراحل العليا، فنرى المرأة في مكاتب المرجعية. لكن لا مرجع عيّن وكيلة عنه في لبنان او ايران او غيرها من الدول. فقط انها تعمل في مجال نقل الفتاوى. لكن اذا قصدت الوصول الى اعلى المرتب فلا بد انها ستصل. وعلى امتداد 1400 عام كان هناك سيدات مراجع والتاريخ تحدّث عنهن”.

من جهة ثانية، قال الشيخ حسين الخشن، مدير المعهد الشرعي الاسلامي، “لا اعتقد ان ثمة قصورا في عقل المرأة يُعيقها عن الوصول الى مرحلة الاجتهاد، وحتى عن المرجعية، أو أن تشكّل مرجعية للنساء. مع ان الباب مفتوح لها لتكون مرجعا للطرفين، لكن الامر الذي يعيق ذلك هو عدم وجود جدية وعناية بالدراسة النسائية الحوزوية، اذ لا تزال الدراسة الحوزوية النسائية هامشية، وربما تكون الذكورية في مجتمعنا هي التي تعيق وصولها وانخراطها في العمل الحوزوي”.

اقرأ أيضاً: المؤسّسة الدينية والعصر1: شيوخ دنيا أم شيوخ آخرة؟

لكن “الرأي العام لا يقتنع أن المرأة قد تكون مجتهدة، حتى النساء انفسهن. لذا لا بد ان نشير الى الكثيرات، ومنهن فاطمة “ست المشايخ” التي مشى في جنازتها 60 مجتهدا. وفي ايران شهدنا بعض المجتهدات، لكن الاعلام لم يسلط الضوء عليهن، كـ”أمينة الاصفهانية” العالمة التي منحت اجازة لأحد العلماء ليكون وكيلا عنها في احد البلاد، لكن لم ينتشر اسمها كثيرا”.

“ولا تزل الحوزة النسائية العلمية في لبنان، دون المستوى المطلوب، لذا يجب تعزيزها، وان كنا غير راضين عنها، بمعنى الطموح، ونرجو الا تبقى على الهامش”.

فهل سنبصر مرجعية دينية نسائية يوما ما؟ او ولية أمر المسلمين مثلا؟!

السابق
المرشّح فادي سلامة: نحن نمثّل مقاومة حقيقية في «شبعنا حكي»
التالي
عقوبات جديدة على ايران… وبإجماع دولي!