هل سيصعد نصرالله إلى سفينة «سيدر-الحريري» فيما تغرق «تايتانيك» خامنئي؟

احمد عياش

ما حصلت عليه  “النهار”  من وقائع حول مؤتمر سيدر الباريسي يوم الجمعة في السادس من نيسان الحالي كشف عن أبعاد لم تكن معلومة حتى عند أعضاء بارزين في الوفد المرافق لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري  .ولكن أهم ما في هذه الوقائع التي سبقت المؤتمر ورافقته وتلته ان “حزب الله” كان شريكا غير مباشر في إنجاح المؤتمر .هل هذا ممكن؟ لنترك الوقائع تتكلم.

في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في قصر بعبدا تحضيرا لمؤتمر سيدر لم تكن الرياح مواتية بصورة كاملة للمشروع الذي كان رئيس مجلس الوزراء يعتزم الذهاب به الى باريس.ولاحظ وزراء تحدثت اليهم “النهار” ان فريق وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الوزاري لم يكن على موجة الحريري الى درجة ان باسيل إعترض بالجملة على المشروع داعيا الى منح لجنة وزارية فرصة 48 ساعة لكي تعد مشروعا جديدا للمؤتمر.لكن ردود فعل أكثر من وزير خالفت موقف وزير الخارجية. وتساءل احدهم بصوت عال:”كيف يمكن إعداد مشروع جيد في 48 ساعة فيما نحن أمضينا أكثر من سنة كي يكون لنا هذا المشروع المطروح أمامنا؟”فكانت النتيجة سقوط إقتراح باسيل وإقرار مشروع الحريري.

في موازاة هذا المشهد,وبحسب مصادر وزارية ,فإن الحوار الذي جرى في الجلسة بين وزير الصناعة حسين الحاج حسن وبين مستشار الرئيس الحريري لشؤون النازحين الدكتور نديم المنلا الذي كان حاضرا في الجلسة بصفته خبيرا ماليا إنطوى على دلالات .ففي هذا الحوار الذي بلغ مسامع بعض الوزراء قال الوزير الحاج حسن الذي هو وزير “حزب الله” في الحكومة لمستشار الحريري:”نحن ضد مشروعكم ,بس راح نمشي فيه,لأن بيئتنا لم تعد قادرة على تحمّل الضغط الاقتصادي!”

ر ب قائل :هل يشبه ما قاله وزير “حزب الله” ما ورد في الخطاب الاخير  للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله يوم الاحد الماضي,أي بعد يوميّن من مؤتمر باريس, عندما خاطب أنصاره في مهرجان النبطية عبر الشاشة قائلا:”ايها الشعب اللبناني أنتم ذاهبون ليصبح خلال سنة أو سنتين الدين العام الخاص بكم 100 مليار دولار!” بالتأكيد لا,فهناك بون بين كلام نصرالله وكلام وزيره.لكن,في رأي خبراء ,لا بد من أخذ عوامل عدة في الحسبان ليس أهمها التعبئة الانتخابية في مهرجان هو مخصص لهذه الغاية.ومن بين العوامل التي لن يجاهر بها نصرالله اليوم,واحد يتعلق بالحصة من الكعكة الاجمالية لمشاريع سيدر في السنوات المقبلة. ويشير هؤلاء الخبراء الى ان “حزب الله” سيسعى الى المطالبة بحصة وازنة إنطلاقا من العدالة  تقضتي الاخذ بالاعتبار واقع المناطق تاريخيا بما يعني تجاوز المساواة فيما بينها عند توزيع المنافع عليها.

إقرأ أيضاً: «سيدر 1»: 12 مليار دولار قروض مشروطة.. هل سينجح لبنان بالإختبار؟

قبل أن يجف حبر الجدل الداخلي حول مؤتمر سيدر قفز فجأة الى واجهة الاهتمام التراجع المفاجئ وفي وقت واحد لسعر صرف عملات ثلاثة دول رئيسية في الحرب السورية هي إيران وروسيا وتركيا.لكن التراجع الاكثر وطأة كان في سعر صرف الريال الايراني إزاء الدولار الاميركي,ما أثار هلعا في إيران عموما بعدما فقدت عملتها الوطنية نحو ثلث قيمتها في غضون ثلث ستة أشهر. ومن الشهادات المعبّرة على واقع الريال الايراني ما ورد في تغطية موقع ال بي بي سي الالكتروني باللغة العربية.فقد قال إسماعيل كاظمي أحد مستوردي القهوة “نجلس هنا بلا حراك ننظر لصعود الأرقام. لا تستطيع إجراء صفقات تجارية حين تبدأ اليوم بسعر وتنهيه بسعر آخر. الأفضل ألا تفعل شيئا لحين انقشاع العاصفة”.

في إيران برز الى الواجهة تأكيد النائب الاول لرئيس الجمهورية الاسلامية اسحاق جهانغيري من “ان الحكومة ستقوم بتنفيذ سياسة توحيد صرف العملة الصعبة بحزم” معتبرا “التعامل بالعملة الصعبة خارج منظومة البنك المركزي تهريبا وسيتم التصدي له” وفق ما أفادت به وكالة “أرنا” الرسمية.ولم يكتف التبرير الرسمي الايراني بما قاله جهانغيري,بل ذهب أبعد من ذلك على لسان محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف الذي إعتبر ” أن الضجة التي أثيرت حول العملات الأجنبية في ايران كانت نتيجة الاشاعات التي روجت في وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما تطبيق التلغرام وفق ما ورد في وكالة مهر للانباء الايرانية.

إقرأ أيضاً: بعد «سيدر1»: تحدي الإصلاحات يفرض نفسه على حكومة ما بعد الانتخابات

بالعودة الى لبنان,وتحديدا الى محضر مؤتمر سيدر,يتبيّن ان الرئيس الحريري حرص فور إنتهاء المؤتمر الى الاتصال برئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري ليزف لهما النتائج التي فاقت التوقعات .لكن الحريري لم يتصل أيضا بالطرف الذي يمسك بزمام المبادرة داخليا على أكثر من صعيد أي نصرالله. وكأنه أكتفى بما قاله الوزير الحاج حسن لمستشار رئيس الحكومة  محددا أين يقف “حزب الله” في هذا المنعطف المالي المهم  للبنان.ويبقى هناك سؤال لن يكون عليه جواب حاليا هو:هل يقرر نصرالله في ظل ما تمرّ به جمهورية ولاية الفقيه الامام علي خامنئي من صعوبات جمّة الصعود الى سفينة “سيدر-الحريري” فيما يشاهد كيف تهوي الى الاعماق “تايتانيك” إيران  المالية والاقتصادية؟

السابق
قائد «جيش الاسلام» غادر الغوطة
التالي
عمال ومياومو الكهرباء يعتصمون امام مدخل القصر الجمهوري