أصحاب الهمم: خروج من سجن الجسد.. وطاقة قوامها الإرادة والتصميم!

لفتة صغيرة تحيي المرء، وكلمة قاسية تقتل الأمل، أصحاب الهمم "الضوء" الذي أنار طريق العديد من الأشخاص!

هي شابةٌ، تفيض بالحيوية، لديها الحلم والطموح، ترسم الحياة بأناملها وتعانق كل تفاصيلها، لا مكان للأسى على وريقاتها. فالأمل والغد هما رهن إشارتها.
ذات صباح، شربت قهوتها، قادت سيارتها كالعادة على دندنة فيروزية، تماشت مع الأغنية رقصت عيناها على نغم “عودك رنان”، فداهمتها شاحنة، أجلستها في المستشفى لأيام عصيبة بين الموت والحياة، لتنتصر أخيراً دقات القلب على خيوط الكفن الذي سرق منها قدميها!

على كرسي متحرك، قتلها المجتمع وهي التي لم تقلتها الحادثة. “معاقة”، “يا حرام”، “بعدها صغيرة”، “مين بدو ياخدها”، “خلصت حياتها”، كلمات كالسم هوى سوطها على جسدها المدمى، فباتت سجينة غرفة باردة الجدران فيها أكثر إنسانية من الألسنة، وأكثر ألفة من الشفقة التي باتت لازمة في كل النظرات!

“هي”، كما الكثير، شبان وشابات، أطفال وكبار، عزلهم المجتمع ولم تعمل لا الجمعيات ولا وسائل الإعلام في تقديم الدعم لهم كما يلزم، ولا في إخراجهم من الدائرة المفرغة التي باتوا أسرى ضبابيتها.

بَيْد أنّ لا قاعدة معممة، فالسواد يزول بخيط نور ضعيف، وشمعة صغيرة قد تضيء ألف قلب وقلب، هذه الشمعة حملتها قناة “سكاي نيوز عربية” تحت عنوان #لأصحاب_الهمم، وهي حملة أشرقت في ربيع آذار، وتضمنت 31 تقريراً لـ31 حالة من لبنان والعالم العربي، تحدت واقعها، شطبت من قاموسها كلمة “إعاقة” وأبدلتها بكلمة “طاقة” و”إبداع”.

التحديات الجسدية التي عرضتها التقارير لأصحاب الهمم، جعلت من كلمة “أستطيع” الأولوية في أفق كل إنسان واجه نكسة ما أو حادثة ما، وأسقطت بالتالي كلمة “حرام” من معجم عنوانه الإرادة.

قصص النجاح العديدة التي عرضتها حملة “سكاي نيوز عربية” أكدت أنّ الموهبة لا يحدها خسارة طرف، والعطاء لا يحده “البصر”، نماذج مختلفة شاهدناها طيلة شهر آذار لكل منها حكاية ورسالة، لكل منها صوت يقول للمجتمع الذي لا يعرف إلا الشفقة والاستسلام “اصمت”.

إقرأ أيضاً: إنتصار الدَّنّان: على المرأة الفلسطينية أن تتميّز بدور إبداعي أفضل

عبر شاشة سكاي نيوز، وفي سياق حملة “أصحاب الهمم” أطلت الشابة شيماء حدشيتي التي يبلغ طولها 80 سنتمتراً. شيماء التي تشغل منصباً في قسم التسويق في مؤسسة شبابية، لا تأسف لنفسها ولا تأبه لكل العوائق التي يحاول البعض أن يحدها بها، فتمضي بثقة بقوة وشعف لتحقيق طموحها.

وإن كانت شيماء قد تحدت بإرادتها الجبارة النظرة النمطية للمجتمع، فإنّ نسرين ركضت بكل طاقتها إلى الحياة بقدمها التي بترت إثر رصاصة طائشة أصابتها وهي طفلة، طامحة لأن تكون أول مدربة كرة سلة بساق اصطناعية، وهي التي لديها هوس الرياضة.

الشابة دنيا “فقدت البصر لا البصيرة”، فها هي تذهب كل يوم إلى عملها دون حاجتها إلى معين. دنيا التي تشغل حالياً منصب مديرة مدرسة خاصة تضم أكثر من 150 طالبا من اللاجئين السوريين والأطفال اللبنانيين في البقاع الغربي، تؤكد أنّ القوي هو قوي بإرادته وعقله وتصميمه.

ويبقى التحدي الأكبر لطبيب الأطفال جميل زغيب، الذي لم يعد قادراً على الحركة أو النطق نهائياً. زغيب الذي بات أسير فراشه لم يترك مجالاً أن يتسلل إليه أي شعور بالاستسلام، لتتحول عيناه بالتالي إلى أداة للتخاطب عبر جهاز خاص يتتبع كتابة العينين، فيكتب الكلمات ويحولها إلى نص مقروء.

إقرأ أيضاً: «مجلس المرأة العربية» عقد مهرجان «المرأة العربية 2018» رافعاً شعار «معاً نبدع»

هذه النماذج ما هي إلا بعض مما عرضته شاشة “سكاي نيوز”، في مبادرة رداؤها الإنسانية وعنوانها الأمل.. فهل تمتد هذه المبادرة لبنانياً؟ وهل تدعم وسائل الإعلام والمؤسسات الاجتماعية على حد سواء، أصحاب الهمم الذين تحولوا في لحظة ضعف إلى ضحايا مجتمع يدعي المثالية..

السابق
«كلنا وطني» تُطلق لائحتها في بعبدا تحت راية مواجهة السلطة ومحاربة الفساد
التالي
مقاتلون ديموقراطيون في بعلبك بلا سلاح