التجديد في الفكر الإسلامي: موجباته وآلياته

افتتحت حوزة الإمام السجاد العلمية سلسلة ندواتها الشهرية الفكرية تحت عنوان: "التجديد في الفكر الإسلامي: موجباته وآلياته" بمحاضرة للمفكر الإسلامي العلامة السيّد محمّد حسن الأمين، بحضور عدد من الباحثين.

قدّم للمحاضرة مدير الحوزة الشيخ محمد علي الحاج العاملي، معتبراً أن الوقت لم يعد متسعاً للإنكباب على ورشة عمل إصلاحية في الفكر الإسلامي لتدارك ما يمكن تداركه حفاظاً على مكانة الدين في مجتمعاتنا، حيث تزايد حالات الإلحاد والإبتعاد عن الدين في ظل الأداء السلبي للتيارات الإسلامية..

اقرأ أيضاً: «الفساد الأسريّ» في المجمع الثقافي الجعفري بين الخليل وصليبا والحاج

العلامة الأمين

ثم كانت كلمة العلامة الأمين الذي عرض لوجهة نظر الإسلام والدين في حق الإختلاف، معتبراً أن إصلاح الفكر الإسلامي يبدأ من التمييز بين الإلهي والبشري في أدبيات الدين؛ الذي هو المدخل الطبيعي والتلقائي لمعرفة المقدّس من غيره..

كما وركّز على أهمية توسيع دائرة الحرية في الفكر الإسلامي، ومما قاله: (إن “حق الاختلاف” لا يمكن تأصيله في الاجتماع والاجتماع السياسي الإسلامي إلا بتحرير البنية الفكريّة العقائدية التي تنتج نقيضه، وتحرير هذه البنية من فكرة سلطة الحق الإلهي لا يتحقق إلا بتفكيك الالتباس بين البشري والإلهي فيما يعود إلى مسألة السلطة، ولا بد من الإقرار بصعوبة هذا الالتباس إسلامياً، بالمقارنة مع المسيحية القائلة بالتمييز بين حق “الله” وحق “القيصر”، ومن وجهة نظرنا فإن لهذا الالتباس مصدرين في الفكر الإسلامي:

أولهما: الإيمان الإسلامي بالهيمنة الإلهية الكاملة على الحياة والكون والإنسان، إذ لا يوجد في العالم ولا في المجتمع سلطة مماثلة أو موازية أو مزاحمة لسلطة الله تعالى، وبالتالي فإن الإسلام لا يقر بسلطة “القيصر” موازية لسلطة الله ومستقلة عنها.
ووفق هذا الإيمان نشأ الالتباس لدى البعض، وظنّ أن معيار شرعية السلطة على الأرض هو في انقيادها إلى السلطة الإلهية، الأمر الذي يترتب عليه أن شرعية السلطة على الأرض، وبين البشر، إنما تقوم على الاعتراف بالسلطة الإلهية العليا، وعلى تمثيل هذه السلطة، إذ لا سلطة لمن لم يحكم بما أنزل الله، أي لا شرعية لسلطة لا تقيم شرعيتها على تمثيل الهيمنة الإلهية، وبالتالي، فإن انبثاق السلطة من المجتمع وتمثيلها إرادته لا يؤسسان لشرعية السلطة ما لم تقم على التزام حكم الله تعالى.
فإذا قامت السلطة على التزام حكم الله لم تعد في حاجة إلى أي شرعية أخرى، بما فيها انتخاب المجتمع لها، من هنا، أي من هذا المعيار الوحيد لشرعية السلطة، تسللت إلى مؤسسات السلطة الإسلامية فكرة: السلطة باسم الحق الإلهي، وساهم ضعف الفقه السياسي الإسلامي – وانصراف الفقهاء عن منح مسائله الدرجة التي تستحقها من البحث والاستنباط والتدقيق التي عرفتها أبواب الفقه الإسلامي الأخرى – في ترسيخ شبهة السلطة باسم الحق الإلهي في الوعي الفكري السياسي للمسلمين، وحتى في وعي النخب الفكرية الإسلامية المميزة.

أما المصدر الثاني للالتباس، المؤدي إلى شبهة الحق الإلهي فيما يعود إلى وظيفة السلطة إسلاميا – وهو أيضاً أحد النتائج المؤسفة لتهميش الفقه السياسي ومسائله – ، فهو في ضعف الفصل والتمييز، وانعدامه أحياناً، بين كل من “الشريعة” وسلطة الحكم. فكلتاهما شأن إلهي !! ومصدر الشبهة هنا هو كون الشريعة شأناً إلهياً، أي منزَّلة من الله تعالى، ولا يحق للبشر – وفق العقيدة الإسلامية – أن يشرعوا لأنفسهم بما يتناقض معها أو يخالفها. ولما كانت سلطة الحكم تدور مدار الشريعة، تطبيقاً وتنفيذاً، فلا بد لها – أي للسلطة – من مصدر إلهي يعطي أحكامها صفة الإلزام بما هي أحكام إلهية، والراد عليها راد على الله تعالى.

وفق ما تقدم، لنا أن نستنتج أن الإسلام – بحسب المنظور المتقدم – لا يعرف مبدأ حق الاختلاف، لا ذلك فحسب، بل أيضا يغدو هذا الحق – وكذلك وفق هذا المنظور – عدواناً على الحق الإلهي ونقضاً له.

حوار مفتوح

بعدها كانت عدّة مداخلات، حيث توالى على الكلام كل من: المهندس راشد صبري حمادة، الدكتور علي خليفة، الدكتور محمد علي مقلد، الشيخ محمد فارس، الدكتور أياد علي الخليل، السيد حسن علي الأمين، الشيخ عبد اللطيف اللحاف.

السابق
جعجع يخسر.. والقوات تربح؟
التالي
منصّة صواريخ … لا دولة!