رنا عيد أم جبران باسيل؟

جبران باسيل ضرب مجدّداً. وزير خارجيّتنا ورئيس أحد أحزابنا وصهر رئيس جمهوريّتنا والمرشّح، لا سمح الله، لرئاسة الجمهوريّة، أعلن أنّه سيتقدّم بمشروع قانون خطير: اللبنانيّات اللواتي تزوّجن بأجانب يمنحن الأبناء جنسيّتهنّ. لكنّ هذه العدالة مشروطة بأن لا يكون الآباء من دول الجوار.

المقصود، كما لاحظ المغفّل قبل الذكيّ، أن لا يكون الأب سوريّاً أو فلسطينيّاً. بلغة أخرى: أن لا يكون مسلماً.

الاقتراح الباسيليّ ضربة مُعتَبرة لـ «العيش المشترك» ولفكرة المساواة أمام القانون. ما يجعله أسوأ ممّا نفترضه فيه أمران: أنّه يُطرح عشيّة انتخابات عامّة. وأنّه لن يُجاز برلمانيّاً لقيامه على تمييز علنيّ فادح ومُحرج حتّى لنعمة الله أبي النصر أو نقولا فتّوش، كي لا نتحدّث عن النوّاب المسلمين.

لا يتبقّى من الأمر إذاً إلّا تأجيج العصبيّات والشعبويّات على أنواعها، على أمل أن يحصد باسيل منها – وهو الوزير الطامح لأن يكون نائباً – مقعداً في البترون.

اقرأ أيضاً: استراتيجية دفاعية أم نزع سلاح حزب الله؟.. ما هو الجواب الدولي؟

فيما كان باسيل يقصف اللبنانيّين باقتراحه، اتّجهت أنظار أخرى إلى خطر تجسّده… السينما. علق في الرقابة فيلم «واجب» للسينمائيّة الفلسطينيّة آن ماري جاسر لأنّه تطبيعيّ! حتّى جريدة «الأخبار»، وهي «الدالول» على الفنّانين، استفظعت الأمر. علق أيضاً فيلم «بانوبتِك» لمهندسة الصوت والسينمائيّة اللبنانيّة رنا عيد.

عيد – وبعد سنوات من الاشتغال على فيلمها – وجدت نفسها مُطالَبةً بالاشتغال على قَصّه. هناك من يريد حذف 27 دقيقة. هناك من يريد 17. هناك من يريد 7. هناك من يريد تغييب وجه. هناك من يريد تغييب وجهين… تعدّد الأجهزة والرؤوس ممّا رأيناه في فضيحة زياد عيتاني حضر هنا أيضاً.

الحكمة الضمنيّة تقول: مَن يفعلها مع المسرح، لماذا لا يفعلها مع السينما؟

فيلم رنا عيد، وفي موازاة حوار مع الأب، نزولٌ إلى تحت الأرض. نزول إلى عالم العتم الذي ينبغي أن يُضاء وأن يُرى. ينبغي نقله إلى العالم المنظور.

ربّما فكّرت رنا عيد – التي يعلن الفيلم حبّها لبيروت – في أنّ تحويل غير المرئيّ مرئيّاً، والقبض على الأسباب غير المنظورة للحرب، هما ما يطردان الحرب من حياتنا.

أصحاب الأمر والنهي لهم رأي آخر: أن نعرف النتائج من دون أن نعرف الأسباب. أنّ يظهر السجن، شرط أن لا يظهر وجه للسجّان والسجين. والله، طبعاً، على كلّ شيء قدير.

رنا عيد، صاحبة الفيلم الذي عُرض وسيُعرض في العالم، خطر على السلم الأهليّ. جبران باسيل الذي سيُحتفل بمشروعه في قرى مقطوعة عن العالم، وزير خارجيّتنا إلى العالم.

السابق
تيمور جنبلاط يعلن لائحة الشوف وعاليه بالتحالف مع كل من القوات والمستقبل!
التالي
ماذا يعني أن تكون «مرشح شيعي معارض»؟