… عن سلبيات حزب الله

السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) في كلامه حول سلبيات {حزب الله} بعد المؤامرة على ثورة الجياع التي كان سماحته (رحمه الله) أحد قادتها.

في عملية رصدنا لتجربة الحركة الحزبية في العالمين العربي والإسلامي رأينا أن هذه التجربة قد خاضت في الكثير من السلبيات والأخطار التي جعلت الصورة الحزبية صورة قاتمة ومشوهة ويشوبها الكثير من السقطات، بفعل التراكمات والأخطاء التي ارتكبها المنتمون لهذه الأحزاب إن على مستوى القمة أو حتى القاعدة.

ولعل أبرز هذه السلبيات يتمثّل بابتلاء هذه الأحزاب بمرض الشخصانية والفردانية التي جعلت رئيس الحزب يختصر الحزب بشخصه من خلال مصادرته للقرار الحزبي، ما يؤدي إلى بروز ظاهرة الانتهازيين والمتزلّفين الذين يعملون على محاباته والتقرّب منه، ليكون ذلك على حساب الأفراد الصالحين الذين يتمّ إقصاؤهم ومحاصرتهم لأسباب متعددة، من بينها، مجاهرتهم بنقد رئيس الحزب وسلوكه أو تصدّيهم لأسلوبه الديكتاتوري في معالجة الأمور داخل التنظيم، الأمر الذي ينعكس بشكل بديهي على الأداء الخارجي لهذا التنظيم.

إن الانطباع الأساسي عن النظام الحزبي أنه ولد في رحم الأجواء الديمقراطية ليكون برهاناً على التنوع في داخل المجتمع، وليعمل على نشر الحريات التي من شأنها أن تساهم بقوة في بناء الدولة وتقديم النموذج الأصلح لقيادة الأمة، لكن المفارقة العجيبة أن غالب الأحزاب في العالم العربي والإسلامي انقلبت على هذه الأجواء لتمارس الديكتاتورية الداخلية وتسحق الآخر، بحيث تغدو أحزاباً حديدية مقفلة تمنع الإصلاح في الداخل، في الوقت الذي تقدّم نفسها على أنها البديل الأصيل لعملية الإصلاح في الأمة فتكون بمثابة المصداق للمثل القائل: “طبيبٌ يداوي الناس وهو عليل”.

إقرأ أيضاً: محبو السيد محمد حسين فضل الله: نرفض تشويه صورة السيد من مؤسسات تابعة لإيران

ولا شكّ في أنّ ظاهرة الشخصانية والديكتاتورية الداخلية التي برزت في معظم الأحزاب العربية والإسلامية قادت إلى وقوعها في فلك العنف وسفك الدماء، ليعمل كل فرد حزبي عندما يصل إلى موقع متقدم في السلطة على رجم رفاقه القدامى واتهامهم بالخيانة، ومن ثم العمل على تصفيتهم معنوياً ومادياً، كذلك تحولت مسألة التنوع الحزبي إلى صراعٍ دائم على السلطة، بدلاً من أن تنطلق في إطار حضاري في بناء الدولة والمجتمع.

وعلى الأقل فإن التعبّد للحزب الذي برز في كثير من أدبيات الأحزاب في واقعنا، جعل التقاتل والاصطراع ينشأ على حساب التنافس الطبيعي المطلوب، فكان هذا الواقع شبيهاً بالمدلول القرآني للآية الكريمة: {كل حزبٍ بما لديهم فرحون} وثمة سلبية أخرى ظاهرة للعيان ابتلت بها أحزابنا، بل إنها ليست ببعيدة من الأحزاب الغربية أيضاً، وتتمثل بالعصبية الحزبية التي تجعل الشخص الحزبي مشدوداً إلى حزبه ولو على حساب المبادىء والقيم وإحقاق الحق، لتتحوّل الأحزاب إلى أصنام متخشبة والهة تُعبد من دون الله.

إقرأ أيضاً: فكر السيد محمد حسين فضل الله

وقد وجدنا أن هذه الآفة امتدّت إلى الأحزاب الإسلامية بالطريقة التي حالت دون التطور والتجدد الداخلي الذي من شأنه أن يعطي حيوية للحزب ويبثّ فيه دماً جديداً، ليساهم هذا الجمود الحزبي في جمود الدولة والأمة معاً.

ولذلك، فإن المطلوب من أحزابنا أن تعمل باستمرار للسعي إلى الخروج من دائرة الجمود والتكلّس السياسي والفكري بإفساح المجال للعنصر الشاب ـ بما يمثّل الشباب من حيوية وبما يحمل من آفاق وتطلّعات ـ للمشاركة الفعلية في القرار الحزبي، لأننا نرصد شيخوخة مميتة في غالب الأحزاب في العالم العربي والإسلامي.

السابق
الشيوعي يحسم مرشحيه في الجنوب الثالثة ويضم عيسى ويفشل مع الخطيب
التالي
بالفيديو: لبنانية تلتقي أفيخاي أدرعي في اسرائيل!