الأيوبي: أدعو الإخوان إلى سلوك طريق أردوغان والغنوشي

الاخوان المسلمين
"حان وقت التغيير والإنخراط في العمل السياسي بعيدا عن قيادة المرشد العام ودمج الجماعة في العمل السياسي". هذا ما أنتهى اليه حديث الخبير بالحركات الاسلامية أحمد الايوبي لـ"جنوبية". وذلك ردا على سؤال ماذا يقصد وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، من نيّته محاربة الإخوان المسلمين؟

أعلن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، أنه سيقضيّ بالكامل على ما تبقى من “فكر جماعة الإخوان المسلمين” الذي غزا المدارس السعودية. فالمدارس السعودية تعرّضت لغزو من عناصر لجماعة الإخوان المسلمين، ولا يزال البعض منهم موجودًا، ولكن في القريب العاجل سيتم القضاء عليهم نهائيًا، وهذا الفكر يرجع إلى عام 1979 حين ظهر ما عُرف حينها بـ”تيار الصحوة”، الذي ذهب جيل من الشباب ضحية لأفكاره. فهل ان الفكر الوهابيّ أقل تشددا مقارنة بفكر الإخوان المسلمين؟

وفي اتصال مع الخبير بالحركات الاسلامية، أحمد الأيوبي، تعليقا على التصريح الرسمي السعودي، قال لـ”جنوبية” “في مقاربة أوليّة للفكرة هناك تحوّل مستمرّ لنظرة للحكم السعودي تجاه الإخوان المسلمين، بإعتبارهم المنطلق الفكري لجماعات التطرف. رغم أن الاخوان في السعودية كانوا معتمدين ويعملون بحرية ويتسلمون ادارات ومؤسسات دون وجود كيتن تنظيمي لهم في السعودية”، وقد حصل “التدّفق الكبير للإخوان الى السعودية أيام عبدالناصرعام 1979 و1981 من سوريا إثر مجازر حماة، وهو التاريخ الذي قصده بن سلمان حين ذكر 1979”.

وأوضح الأيوبي أنه “في قراءة جديدة للأمور في السعودية، أقول انها ستشهد تحوّلات كبيرة على جميع المستويات، وهي تطورات مترتبطة بما جرى ويجري في مصر بشكلٍ خاص، ثم في بقية الدول العربية التي شهدت تحوّلات في الحكم إثر الربيع العربي”.

ورأى الأيوبي أن المسار التاريخي والواقع الذي وصلت إليه جماعة الإخوان المسلمين، يستوجب من قياداتها إعادة النظر في مجمل المسار والمشروع الذي تعتمده الجماعة، وفي جدوى هذا المسار، لافتاً إلى أن الإخوان أمضوا قرابة السبعين عاماً في السجون والحظر، ثم جاءت الثورة المصرية ووصلوا إلى الحكم، وتم إسقاطهم في خطوة لم تكن منسجمة مع المسار الديمقراطي، لكن الإخوان لم يستطيعوا مواجهة حكم الرئيس السيسي، نظراً لإنفراط عقد الشراكة الوطنية الكبرى التي أوصلتهم للحكم وتخليهم عن شرائح القوى الإعتراضية المتنوعة المنتجة للثورة”.

وأضاف الأيوبي “إن إشكالية وجود مرشد عام للإخوان ورئيس منتخب، وإدارة تنظيم له فروع في العالم العربي، طرح إشكاليات كبرى، أثارت الهواجس وتحرّكت القوى المضادة، وجعلت دول الخليج تتأبط قلقاً من تقدّم الإخوان كمشروع سياسي”.

وتابع الأيوبي “وصلنا اليوم إلى حصار جديد للإخوان قد يمتدّ سنواتٍ وعقوداً طويلة، وهذا ما يجعل ملايين المسلمين في حالة جمود وقعود وفقدان للإنتاجية السياسية والفكرية والتنموية والسياسية، ومع تمسكنا بضرورة عودة الديمقراطية بأفضل وجوهها إلى الدول العربية، إلا أننا نرى أن الإخوان المسلمين مطالَبون بتغييراتٍ جذرية جريئة، توفر على المسلمين مراحل ممتدة من الصراع”.

ويلخّص الأيوبي رؤيته بضرورة تحوّل الإخوان إلى أحزاب سياسية فاعلة، وأن تتخلى عن فكرة وجود المرشد والإدارة المركزية، أو ما يسمى إصطلاحاً بالتنظيم الدولي، وأن ينشئ الإخوان شراكات وطنية تدخل في عمق النظم القائمة في الدول العربية، مستفيدين من تجربة حزبي العدالة والتنمية في تركيا والمغرب، ومن الخطوات الإصلاحية المتقدمة التي أطلقها الشيخ راشد الغنوشي، الذي إستطاع إنقاذ تونس من إرتدادات الثورة المضادة في بلاده، وتمكن من ترويض “النهضة” على التنازل مقابل السلم الأهلي، معلناً فك الإرتباط بين الجانب الدعوي والعمل السياسي في حزب النهضة.

وأشار الأيوبي إلى أننا “أمام مسارين، مسار الأنظمة التي ترفض فكرة تنظيم عابر للدول، وهذه الفكرة ثبت أنها تشكّل خطراً على وجود الإخوان الذين لم يكونوا قوة إنقلاب، لكنهم لم يتمكنوا من الإنخراط في الشرعية الوطنية القائمة، ولم يراعوا وجود دولة عميقة لا تزال تتحكم في الكثير من مفاصل العالم العربي، ولا يمكن إحداث التغيير فيها بمجرد موجة من الإحتجاجات رغم أحقية مطالب التغيير التي حملتها الجماهير”.

وفي موقف لافت قال الأيوبي إن “الإخوان مدعوون للتخلي ثوب الاخوان التاريخي بعد أن وصل إلى أفق مسدود، وهذا الأمر ليس طعناً بقدر ما هو تقرير واقع، وطالما أن قيادات الإخوان يعتبرون الجماعة وسيلة لخدمة الدين، وبالتالي، فليس هناك ما يمنع تغيير الوسيلة، رغم أنه كان لهم الفضل في مجال الدعوة والفقه. لذا يفترض ان تتم المراجعة فهذه المرحلة انتهت”.

ويؤكد أحمد الايوبي أنه “لا شيء ثابت غير الإسلام نفسه بثوابته وأركانه، وعدا ذلك حتى المذاهب الإسلامية نفسها فيها إجتهادات، وليس هناك ما منع إتخذ خطوة جريئة تفتح أفقاً جديداً أمام المواطنين في العالم العربي.

ونبّه الأيوبي إلى أن كلامه ليس مرتبطاً بالنظرة إلى الأنظمة التي تحمل إشكالاتها المعروفة، رغم أننا نؤيد التوجه العام للمملكة العربية السعودية ومساعي قيادتها للتحديث والتطوير، إلا أن إشكالية مشروع الإخوان يجب أن تأخذ مداها الفكري والسياسي كمدخل لتغيير المعادلة الداخلية وللحفاظ على الطاقات الكبرى التي تختزنها الحالة الإسلامية”.

وعن وضع الإخوان في لبنان قال الأيوبي إن “القيادة الحالية للجماعة الاسلامية واعية لخطورة التغييرات الحاصلة في المحيط، وتمتلك مرونة كبيرة، لكنها لم تفعّل حزبها السياسي (الإصلاح والتنمية) الذي أسسته منذ العام 2006، وهذه ثغرة كبيرة كان يمكن أن تكون مدخلاً لتجربة جديدة منفتحة وقادرة على إقامة شراكة وطنية وتنخرط في عمق العملية السياسية ونسيج النظام اللبناني”.

ويختم الأيوبي، بإختصار، “المطلوب الذهاب الى مرحلة جديدة”.

اقرأ أيضاً: بن سلمان يتوعّد بردّ نووي على ايران اذا فعلتها

من جهة ثانية، يقول المحلل السياسي، فيصل عبد الساتر، أنه “ليس هناك من جديد في هذا الكلام السعودي، في محاربتها للاخوان المسلمين، وهي لها موقف تاريخي منهم”.

و”بالتالي ان رفع الصوت الآن، وبعد الزيارات الخارجية لولي العهد السعودي نرى ان تصريحه هو تأكيد المؤكد. لكن كيف سيحارب الاخوان، هذه هي المسألة التي ستطرح، فهل يقصد حركة حماس خاصة بعد محاولات اغتيال رامي الحمدالله، وخطاب ابو مازن العنيف ضد حركة “حماس”، ام بعد الانتخابات المصرية. وهل سيكون هناك موقف آخر من مصر، ام سيحارب اخوان قطر، من خلال الاضاءة على خطرهم، حيث تتجه السعودية الى الاضاءة عليهم؟”.

وختم فيصل عبدالساتر تعليقه بالقول “لم يجبنا ولي العهد على هذه الاسئلة، فهو يترك مضامين تصريحه لما يقصد بنفسه والايام ستظهر ذلك”.

السابق
القوات والمستقبل يفترقان حبيًا ويجتمعان انتخابيا في بعلبك الهرمل
التالي
الرقم التسلسي للوائح الانتخابية يهدد سرية الاقتراع