من هم الشيرازيون؟

احدثت الأزمة مع النظام الإيراني وعيا لدى الشيعة ما جعلهم يكتشفون الكثير من الحقائق التي كان خصوم الشيرازي يطمسونها. وكما يرى المراقبون السياسيّون والإعلاميّون على المستوى العالمي والإقليمي أنّ ايران خسرتْ معركتها مع الشيرازيين الذين نشروا عنها أسرارًا لم يتوقّعها خصومهم.

هم من الشيعة الإثني عشرية الذين يقلّدون المرجع السيد محمد الشيرازي المتوفى سنة 2002 في ايران (قم) وُلِد في النجف ونشأ في كربلاء وهو من أسرة عريقة في العلم والجهاد والأخلاق، كان وقّاد الذهن قد حَفَظَ القرآن وهو ابن سبع سنين ثم بَرَعَ في الإجتهاد بروايات العترة النبويّة وقدّم بنبوغه الكثير للإسلام والأمّة، فحَسَده جمعٌ وجَهَله آخرون حتى اجتمعتْ كلمتُهم على محاربته منذ ستّ عقود، ولكنّه كسب المعركة بقوّة شخصيّته وحكمته وخُلُقه الرفيع. وهذا هو سرّ نجاحه والتفاف محبّيه حوله.

إقرأ ايضا: «التيار الشيرازي» في لبنان ينتشر في الضاحية وفي الجنوب

هل مرجعية الشيرازي تؤيد ياسر الحبيب؟

كلّا، بل تُعارِضه بشدّة ولكن عبر نشر الفكر البديل لا بإصدار بيانٍ ضدّه ولا ضدّ غيره، لأن هذا ليس من أسلوبها ولا في مستواها. والعقلاء يفهمون هذا الأمر ويحسبونه من الحكمة، والذي لا يريد أن يفهم فليعالج مشكلته مع نفسه! وأين ياسر الحبيب من فكر الإمام الشيرازي الذي يقول في كتابه {اللاعنف منهج وسلوك} (ص/62): “الاصطدام مع الآخرين نتيجةٌ لقلّة الوعي وضيق الأفق”.

لماذا يسمّي الإعلام الإيراني المرجعية الشيرازية بـ”الفرقة”؟

لأن النظام لا يتحمّل التنافس الشريف، فيخشى من ظهور الشيرازي بين المسلمين على حقيقته كمرجعٍ كبيرٍ بآلاف كتبه وتلاميذه ومئات المؤسسات والمدارس وملايين المقلّدين والأنصار، وقد ساهم في ثورتهم قبل انتصارها بقرابة 15 عامًا يوم كان حلفاءها اليوم أعداءها أو متفرّجين. وقيل لولا ذهابه إلى مراجع النجف في الستينيات لإستصدار خطاب إلى الشاه لكان يعدم السيّد الخميني. هذا ما يعرفه أركان النظام جيّدًا ويعرفون أن مدرسة الشيرازي مشروع متكامل الجوانب وليس فيه من الشذوذ الذي عند غيره. فلم يحصلوا في قاموس فجورهم غير هذه الكلمة لإبعاد الناس عنه. حقًّا إنّ الثورة قد أكلتْ أبناءها وهذا الجيل منها جيل غير صالح

هل مرجعية الشيرازي تؤمن بالسياسة؟

تؤمن بها وتمارسها ولقد نظّرت فيها بأطروحات علمية وتأصيلية وتحرّرية وقدّمت للحكم العادل خطة عمل ومناهج في التنظيم والحقوق والإدارة والقضاء. وأعطت هذه المرجعية شهداء منذ ستينيات القرن الميلادي السابق وسُجِنَ كثيرون من أتباعها في مختلف البلدان. ولكنّها تنسحب حينما ترى الصراعات السياسية تتطلب المكر والخداع والنفاق.

ما هو شكل العمل السياسي المعارض في فكر المرجع الشيرازي؟

يقول في موسوعته الفقهية. كتاب: الفقه السياسة (ص/399): “وأهم الشرائط في هذه القوى الضاغطة استخدام الضغط بدون عنف… ولا تستعمل هذه القوى الضغط بتحطيم الأملاك الحكوميّة ولا الخاصة ولا عرقلة المواصلات وارهاب الناس.. ولا حرق المباني ونهب الحوانيت والقتل والجرح.. وأن يكون في خطوط مدروسة، لفترة معيّنة”.

لماذا لا نعلم عن مرجعية الشيرازي إلا الشعائر الحسينية؟

لمرجعيّتنا الرشيدة اهتمامات أخرى كثيرة، فلو يفتح الباحث قناة “المرجعيّة” وقناة “الحوزة العلميّة” مثلًا، فسيخرج عن إطار التعتيم الإعلامي الذي فرضه النظام الإيراني وأتباعه الإقصائيّون على أنشطة المرجع الشيرازي وبياناته وفعاليات أتباعه. وهنالك سيعرف الباحث كلّ الحقيقة، ثم يعرف لماذا لا تنقل القنوات المخالفة للشيرازي الصورة كاملةً!

هل مرجعيّة الشيرازي تدعو إلى الخرافة وتكرّس التخلّف وتكفّر المسلمين؟

الخصوم غير الشرفاء حيث نسوا التقوى يقولون ذلك، ولكن حينما تطالبهم بالدليل يتهرّبون منه ويلصقون بهذه المرجعية النزيهة أمورًا لا علاقة لها بالشيرازي. إنّهم لا يفترون على منافسيهم إلا ويعلمون أنّ كذبتهم تنطلي على جمهورهم مادام نجحوا في غسيل أدمغتهم بالتنظيم الحزبي ونثر المال والعوطف العمياء فصاروا لا يفكرون إلا حسب الإملاءات، وخاصة فيما يتعلّق بالكراهيّة ضدّ الشيرازي. والله من فوقهم.

هل مرجعيّة الشيرازي- كما يقولون- ضدّ الوحدة الاسلامية؟

هي رائدة في الدعوة إلى وحدة المسلمين، وللشيرازي كتبٌ وكلماتٌ حول الوحدة وله محاضرات صوتيّة في لَـمّ الشمل وحرمة التفرقة، ولكنّه لا يؤمن بوحدةٍ فيها تنازل عن معتقدات أئمة أهل البيت أو إفراط في دعم الآخرين وتفريط في دعم الأقربين. وهذا ما يمارسه دعاة الوحدة المخالفون للشيرازي. لذلك يقولون أنه ضدّ الوحدة! نعم هو بالفعل ضدّ وحدتهم هذه!

هل مرجعية الشيرازي ضد سياسات النظام الإيراني مطلقًا؟

ضدّ سياساتها الخاطئة فقط، فمثلًا تنصح النظام بتفادي حكم الإعدام قدر الإمكان، وتنصحها بتقديم العفو عن السجناء على إبقائهم في السجون فضلًا عن تعذيبهم لانتزاع الاعتراف منهم. وتنصحها بتوزيع الثروة على الفقراء. وتنصحها بعدم فرض رأيها على مراجع الدّين وسلب استقلال حوزاتهم عن الدولة. وتنصحها بأمور لا يرتضيها النظام وتحسبها عداوةً لها.

ما هو السبب الذي جعل السيد حسين الشيرازي يقول بأن ولاية الفقيه أشبه بالفرعون؟

تراكمات الظلم على عمّه المرجع السيد محمد وأبيه المرجع السيد صادق.. بدءً من مصادرة أموال وإغلاق مؤسسات واعتقال الأتباع.. إلى أن تمادت الحكومة الدعوجية هناك فنشرتْ صور والده المرجع أنه عميل الإنجليز ومرجع للتشيّع الإنجليزي. لقد سكت السيّد النجل حتى انفجر في وجه الظلم وسكوت المتفرّجين. ما لهذه الحكومة لا تتحمّل كلمةً قالها المظلوم. ساعد الله قلبك يا مرجعي كيف تحمّلتَ الهتك والتشهير طيلة سنين؟

لماذا مراجع الدين لم يتدخّلوا دفاعًا عن المرجع الشيرازي ويطالبوا بإطلاق سراح ولده السيد حسين؟

بعضهم ربما تدخّل بعيدًا عن وسائل الإعلام كما هو طريقتهم (حفظهم الله). وبعضهم لم يتدخّل لأنه متأثّر بالرواية الإيرانية التي ينقلها إليهم مقرّبوهم المرتبطون بالنظام.  وبعضهم يخافون على أنفسهم ومصالحهم إنْ تدخّلوا. وبعضهم ربما يكون “زعلانًا” من الشيرازي إذ لم يردع ياسر الحبيب علنًا لمّا تكلّم عليهم!!

 لماذا لا يتفق الشيرازيّون في موقفٍ واحد لنصرة نجل مرجعهم وانقاذه من السجن؟

نأسف على التمزّق الذي نعيشه نتيجة الضربات المتتالية من الحكومة الإيرانية على امتداد 37 عامًا ومعها ضربات حلفائها وفي مقدّمتهم قادة حزب الدعوة العراقي وتيّاره المنتشر في كل بلد ولديهم المال والإعلام والجمهور.

نعم.. نحن غير متفقين بيننا ولكنّنا أقوياء بمظلوميّتنا فكيف لو كنّا متفقين؟

يقولون أنها حكومة إسلامية وتجب طاعتها، وخاصة أنّها تقاوم مخطّطات اليهود والنصارى وأذنابهم، فلماذا الشيرازيون يخالفون؟

الإسلاميّة بأفعالها لا بأقوالها، هذا أولًا وأمّا ثانيًا الشيرازيون لهم فكرهم المتوقّد وتاريخهم المشرّف ولا يحتاجون إلى من يملي عليهم أوامره. إنّ مشكلة هذا النظام أنه يريد أنصارًا كالعبيد لا أحرارًا ناصحين. ثم إنّ الحكومة الإسلاميّة التي يرأسها الإمام المعصوم طاعتها واجبة وليست الحكومة المليئة بالظلم والأخطاء.

إقرأ ايضا: لا حرمة لرجل الدين في إيران.. اعتقال آية الله حسين الشيرازي

ما هي قراءتكم لمستقبل هذا الصراع بين الشيرازيّة والحكومة الإيرانيّة بعد هذا التصعيد الأخير؟

لا يعلم الغيب إلا الله، ولكـنّ الأمل به كبير وهو أرحم الراحمين. كما لا نخيّب ظنّنا في الإمام المهدي صاحب الزمان. وعليه فإنّنا ننصح النظام الإيراني أن يتخلّى عن كبريائه، فالثورة ودماء الشهداء كانت للتقوى والعدل والإصلاح لا لممارسة القمع الذي يجعلها والحكومات الأخرى في خانةٍ واحدة. فليستحوا وقد جلبوا بظلمهم لأسرة الشيرازي وغيرها من المنتقدين عارًا للشيعة وسرورًا للأعداء!

السابق
رياح السعودية هبّت كما تشتهي سفن الحريري
التالي
زياد عيتاني الى الحريّة: تكريم من الحريري والمشنوق يطلب الاعتذار