السياسة الهجومية الأميركية تُستكمل بعد إقالة ترامب لتيلرسون

تيلرسون
كيف سوف تؤثر إقالة الرئيس الاميركي ترامب لوزير خارجيته تيلرسون وإستبداله بوزير خارجية أكثر تطرفا على السياسة الأميركية ؟

بتغريدة “تويترية”، أطاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوزير خارجيته ريكس تيلرسون ومعاونيه في الوزارة. ليكون تيلرسون رقما جديدا من بين الرؤوس التي أقالها في فريقه. وإضافة إلى طريقة الإقالة المهينة كان اللافت خيار ترامب إذ عيّن ‏بديلا له مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، وأسند إدارة الوكالة الى نائبة بومبيو، جينا هاسبل، العاملة ‏فيها منذ 30 عاماً.

وقد اثارت هذه الخطوة مخاوف لدى كثيرين، خصوصا أن بومبيو عضو متشدد عن الحزب الجمهوري بالكونغرس الأميركي مدير سابق لوكالة سي آي إيه، ومعروف عنه معارضته الشرسة للاتفاق النووي، كما أنّه يعدّ من أشدّ الموالين لترامب.

ذهاب الرئيس الأميركي نحو الخيار المتشدد والمتطرف، دفع بتساؤلات جمّة عن تأثير هذه الخطوة على منطقة الشرق الأوسط عموما، لجهة ربط ترامب ربط خطوته هذه بعدم وجود إتفاق بين وبين تيلرسون في ما يتعلّق بالملف النووي الايراني، وهو ما يشير إلى أنّ الادارة ‏الاميركية ستعاود فتح هذا الملف مجدداً، ما يؤسّس لفترة مضطربة ستشهدها المنطقة.

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع مدير مركز المشرق للشؤون الإستراتيجية الدكتور سامي نادر الذي رأى “أن خطوة ترامب لم تكن مفاجئة فمنذ العام الفائت يتم الحديث عن هذا الأمر. بعدما ظهر بشكل واضح تباينا متزايدا بين ترامب وتيلرسون بأكثر من ملف بدءا بكوريا الشمالية إنتهاءا بالملف السوري ومرورا بالملف النووي. فكان هناك فروقات أساسية أدت إلى إقالة وزير الخارجية”.

وقال “على الرغم من مجيء تليرسون من القطاع الخاص ومن خارج السلك السياسي إلّا أن سياسة الوزارة الخارجية بعهده كانت معتدلة وعنوانها عدم إتخاذ مواقف متطرفة كما الموقف الذي إتخذ من القدس وكوريا الشمالية، أي بتغليب لغة الحوار والواقعية”. لافتا إلى أن “سياسة ترامب مغايرة تماما، فمنذ تسلمه الحكم إتخذ قرارات حازمة وقوية.”

وعلى سبيل المثال أوضح الدكتور نادرإنّه “خلال جولة تيلرسون على الشرق الأوسط قبل أسابيع وتحدثه عن “حزب الله” في الأردن بأنه جزء من التركيبة البنانية. سارع إلى تغيير خطابه رأسا على عقب في لبنان ليؤكّد أن الحزب منظمة إرهابية، عدا عن موقفه من روسيا، إذ معروف تيلرسون بقربه منها لأنه عمل معهم في مجال النفط، واليوم العقيدة الدفاعية الأميركية تعتبر روسيا خصم عاد لمنطق الحرب الباردة”.

وأضاف نادر أن “وصف تيلرسون لترامب بـ”الأحمق” بعد اجتماع عقد في شهر تموز الماضي في البنتاغون كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير خصوصا أن تيلرسون لم ينكر وحتى لم يعتذر عما قاله “.

كما أشار الدكتور نادر إلى أنّه “مع إنضمام بومبيو إلى فريق ترامب مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أصبح الفريق الذي يصنع السياسة الخارجية والدفاعية أكثر تجانسا ويجب أن نتوقع سياسة اكثر هجومية وبالتالي إتضحت الرؤية فيما يتعلّق بمسألة الملف النووي”.

ولفت إلى أن “الأوروبيين إذا ما قاموا بدور تكبيل لهذا الإتفاق من ناحية الحدّ من إطلاق الصواريخ الباليستبة والتخفيف من نفوذ إيران، يتوقع عندها أن يتملص ترامب من الإتفاق وعدم إعادة التوقيع على تمديد لرفع العقوبات”.

من جهة ثانية، أشار الصحافي والكاتب السياسي جورج علم إلى ” لا شك أن خروج رموز الإعتدال من الإدارة الأميركية خصوصا على مستوى المكاتب التابعة للبيت الأبيض وأيضا على مستوى وزارة الخارجية، ظاهرة أصبحت مؤكدة وبالتالي العودة إلى المتطرفين الذين يؤيدون إسرائيل بدون شروط أصبح أمرا واضحا”.

وبالعودة إلى اقالة تيلرسون قال إنّه “وقف بوجه ترامب في الكثير من الملفات. فكان له دور كبير بعدم إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي لأنه ضد المصالح الأميركية، كما هو هندس إلى الحوار الدبلوماسي مع كوريا الشمالية فيما كان ترامب يهدد بالقوة، تيلرسون كان الوحيد الذي وقف ضد قرار ترامب وقال إن الحل يجب أن يكون بالطرق الديبلوماسية ويبدو أن هذا الحل نجح بدليل أن هناك حديث عن ترتيبات قمّة بين ترامب والزعيم الكوري”.

لافتا إلى “الحرب التجارية التي أعلنها ترامب منذ أيام عندما رفع الرسوم الجمركية على الألومنيوم والصلب وهو بطبيعة الحال يهدد بحرب تجارية بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي إضافة إلى الصين وبالطبع كان تيلرسون ضدّ هذا الأمر”. وتابع “إنطلاقا من ذلك نرى أن ترامب يتخذ فريق عمل متطرف ربما ينصاع إلى نزواته المتطرفة”.

ومن حيث التأثير على الشرق الأوسط قال علم إن “الأبواب مفتوحة بمعنى أن الملف اليمني والسوري لم ينتهِ. إضافة إلى الوضع بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي يشكل الشغل الشاغل للإدارة الأميركية وترامب سوف يستقبل ولي العهد السعودي في العشرين من الشهر الجاري”.

اقرأ أيضاً: «دبلوماسية الرياضة» نجحت ولقاء مثير في أيار بين ترامب وكيم

وأضاف “التهديد الأميركي لإيران لا يزال قائما على وتيرة عالية، كذلك الروس يتحدّون اليوم ترامب بأن أي عمل عسكري ضد النظام السوري سوف تردّ عليه بالقوةّ”. ومن هنا ترى أن الملفات الساخنة في الشرق الأوسط لا تزال مفتوحة”. وتساءل “هل سيذهب ترامب إلى معالجة هذه الملفات عن طريق مزيد من الحروب والعسكرة؟ كل الإحتمالات واردة والتعيينات التي تحصل تميل من حيث التحليل إلى إمكانية الذهاب إلى القوّة بدل الدبلوماسية “. لافتا إلى أنه “ليس هناك من معطيات حتّى الساعة يمكن البناء عليها حقائق ثابتة حول الخطوات المقبلة “.

وفي الختام، شدّد علم أن “إسرائيل قد تستفيد من هذه الحلقة داخل الإدارة الأميركية والبيت الأبيض بعودة الشخصيات المتطرفة والمتطابقة معها وهذا من شأنه تغليب الخيارات العسكرية على الدبلوماسية”.

السابق
اطلاق الرصاص العشوائي: مزيد من ضحايا وقانون لا يطبّق
التالي
لماذا فرّ المطلوب محمد حمد من المستشفى؟