رياح السعودية هبّت كما تشتهي سفن الحريري

احمد عياش

كان لا بد من مرور وقت كاف للاحاطة بكل المعطيات التي أحاطت بالزيارة الرسمية الاخيرة التي قام بها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري للرياض  والتي حظيّ خلالها بإستقبال مميز من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قبل ان يستقبله ولي العهد الامير محمد بن سلمان .الزيارة  فتحت صفحة جديدة في العلاقات الثنائية “طوت كليا” ,وفق مصادر ديبلوماسية, كل المرحلة التي مرت بين 4 تشرين الثاني الماضي, عندما قدّم الحريري في الرياض إستقالته من رئاسة الحكومة ليعود عنها في 22 من الشهر نفسه في بيروت, وبين 28 شباط الماضي عندما عاد الحريري الى المملكة زائرا حظيّ  خلالها بكل بتكريم لافت ودعم مهم.

علمت “النهار” من هذه  المصادر ان  الطريقة التي إستقبل بها الملك سلمان رئيس الحكومة يجب التوقف عندها .فقد قرر العاهل السعودي أن يجلس الحريري  في كرسيّ على خط مستقيم مع كرسيّ الملك ,علما ان هذا تقليد يجري إتباعه مع الزعماء الكبار وآخرهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب.وقد شارك في اللقاء ثلاثة وزراء هم وزير الداخلية الامير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز ووزير الدولة مساعد بن محمد العيبان ووزير الخارجية عادل الجبير والمستشار في الديوان الملكي نزار بن سليمان العلولا وسفيرا المملكة ولبنان وليد اليعقوب وفوزي كبارة.

تنتقل المصادر الى اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري والامير محمد بن سلمان فقالت ان الود الذي أحاط بهذا اللقاء تختصره شكلا صورة السيلفي التي أخذها الحريري مع ولي العهد ومع شقيق الامير محمد بن سلمان السفير السعودي  في الولايات المتحدة الاميركية خالد بن سلمان.أما في المضمون فقد تركز على ما ينجزه ولي العهد السعودي من مشاريع طموحة لاسيما مشروع “نيوم” العملاق الذي يقع على أراضي ثلاث دول هي السعودية ومصر والاردن وتصل إستثمارات المشروع الى خمسمئة مليار دولار.ولم يجر التطرق نهائيا الى مرحلة إستقالة الحريري.بل تمت  مقاربة ما يتطلع اليه لبنان على صعيد مؤتمرات الدعم الثلاثة في روما وبروكسل وباريس في آذار الحالي ونيسان المقبل.وأكد الجانب السعودي الاستعداد للمساهمة في دعم لبنان في هذه المؤتمرات وبالاخص في مؤتمر “سيدر 1″ في باريس في 6 نيسان المقبل.وكشفت المصادر ل”النهار” ان الرياض ودولة الامارات ستمنحان لبنان هبة مقدارها 600 مليون دولار أميركي وهو مبلغ سيوفر  للبنان إمكانية  الاستفادة من قروض ميسرة من الصناديق العربية مقدارها ملياران و400 مليون دولار أميركي على قاعدة ان كل دولار منحة يعادل أربعة دولارات قرضا ميّسر .ومن المتوقع, بفضل هذه المساهمة المالية من الرياض والامارات  أن يتبلّغ مؤتمر باريس الذي ستشارك فيه  50 دولة ومنظمة عالمية وأقليمية إشارة مباشرة  حول الاحتضان الخليجي عموما والسعودي خصوصا لمسيرة النهوض في لبنان بقيادة  حكومة يترأسها الحريري.

إقرأ أيضاً: هل سيعود الحريري من السعودية بتموضع جديد؟

وما يوازي الدعم المادي ,سمع الحريري كلاما سياسيا ينطوي على دلالات ذات مغزى وفق المصادر ذاتها.فقد أكدت الرياض لرئيس الحكومة انها ستتعاطى عبره  من الان فصاعدا  مع لبنان.وفي ترجمة لهذا التوجه قررت المملكة إستدعاء سفيرها في لبنان وليد اليعقوب لكي يبقى في الرياض حتى 7 أيار المقبل كي تبعد نفسها عن أي دور مباشر في المرحلة الممتدة حتى 6 أيار المقبل موعد إجراء الانتخابات النيابية,على ان يكون هناك  خلال غيابه قائم بالاعمال  هو الوزير المفوّض وليد البخاري الذي سبق وكان في هذا المنصب قبل تعيين اليعقوب سفيرا لبلاده في لبنان.

في إطلالته الاخيرة للاعلان عن مرشحي تيار “المستقبل” الى الانتخابات قال الحريري :” نحن لدينا مشروع للبنان سنأخذه معنا، بدءا من هذا الأسبوع، على ثلاثة مؤتمرات دولية، جمعنا العالم فيها، من اجل حماية لبنان وأمانه واستقراره، وللنهوض باقتصاده وتخفيف الأعباء عنه.”.مثل هذا الكلام لا يدع مجالا للشك في أن الحريري عائد الى قيادة الحكومة التي  ستنبثق عن الانتخابات المقبلة.ولا يرى الدكتور نديم المنلا مستشار الحريري لشؤون النازحين في مقابلة تلفزيونية ان هناك” تغييرا دراماتيكيا ” ستنتهي اليها الانتخابات مشيرا الى ان هناك “توافقا داخليا “على بقاء الحريري في السراي.

إقرأ أيضاً: بعد عودة الحريري من السعودية.. عودة حرارة التحالفات بين القوات والمستقبل

من يراقب كيف يمضي التحضير الداخلي لمؤتمر “سيدر 1” على صعيد الموازنة العامة ,وكيف كان تجاوب رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الاتصال الذي أجراه الحريري به من أجل مبادرة البرلمان لإقرار إصلاحات تحضيرا لهذا المؤتمر ,والحشد غير المسبوق في المؤتمر الاخير في بيروت تحت عنوان “الاستثمار في البنى التحتية في لبنان” يعلم ان هناك فعلا رياحا قد هبّت بدءا من الرياض لطالما إشتهتها سفن الحريري ستأخذ لبنان الى مسار 17 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة ما يعطي هذا البلد ضوءا في آخر نفق الاعوام العجاف التي بدأت قبل 13 عاما في 2005.

السابق
عالم الأزياء يودّع المصمم الفرنسي «جيفنشي»
التالي
من هم الشيرازيون؟