محميّة وادي زبقين– العزّية مهدّدة بسبب شق طريق لأراضي أحد المسؤولين!

شكلت اثارة جمعية "الجنوبيون الخضر" لملف وادي زبقين- العزية التساؤلات حول الجهة التي تقف وراء السعي للقضاء على آخر المساحات الخضراء في جنوب لبنان، ومن له مصلحة بذلك؟

تدنت نسبة الغطاء الحرجي الأخضر في لبنان، لتصبح 13% فقط. ولم يفلت من هذه الآفة الجنوب، حيث تتشعب أحراج وادي زبقين– العزية فتمتد إلى وسط صور وبنت جبيل على مساحة تتعدى الـ20 كيلومتر مربع، وتصل الى حدود بلدتي علما الشعب والناقورة.

إقرأ ايضا: شوقي بزيع على المنبر الحسيني: بعض المعمّمين مقاولون لـ«اقتصاد الموت»

ويشكّل وادي “زبقين- العزية” نظاماً بيئياً متكاملاً من خلال خصائص عدة فيه، منها الأنواع النادرة من الأشجار، والحيوانات البرية، والطيور، والينابيع والأنهار والمغاور والكهوف، غير ان مشروع شق طريق معبّدة تخترق هذا الوادي أثار غضب شريحة واسعة من أهل المنطقة، سيّما منهم المهتمين بالشأن البيئي.

وفي اتصال مع رئيس بلدية زبقين، علي بزيع، أبو فراس، يقول لـ”جنوبية” حول قضية محمية وادي زبقين “انا بصراحة كرئيس بلدية معنيّ بالحفاظ على حقوق الناس، والطريق التي ستمر في املاك الاهالي، حيث ستقتطع منهم مساحات كبيرة، وبالتالي ستسير السلطة بحسب القانون، وستعوّض على اصحاب الاملاك”.

و”بحسب القانون هناك حوالي 28 عقارا سيذهبون في مهب الريح بالكامل. ومن المفترض على السلطة اللبنانية ان تعمل وفق الاصول القانونية، اي ان تعد ملفا للدراسة، وهذه الدراسة تقول انه في الوادي ملكيات خاصة. لان في الموضوع شقين، شق بيئي لمنطقة فريدة بتنوعها، وشق استملاكي”.

مع العلم ان المجلس البلدي لبلدية زبقين تبنى اقتراح جمعية “الجنوبيون الخضر” التي عملت عليه منذ منتصف 2015، بإعلان الوادي محمية طبيعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لدى السلطات المختصة.

وقال رئيس بلدية زبقين، “اتخذت قراري منذ سنة تقريبا بانشاء محميّة في المنطقة، ومنذ 3 أشهر تقدمت بورقة لدى وزارة البيئة للعمل على انشاء محمية في هذه العقارات الى وزارة البيئة، وعلى وزارة البيئة ان تكمل بالملف وفق مرسوم جمهوري. وقد حصلت على تواقيع الاهالي، وهم يستفيدون من ارضهم في قانون المحميات، لكن لا يمكنهم البناء عليها”.

ويشير بزيع “اليوم إلتقيت بمتعهد طريق صور، فقال لي قريبا سنكون عندكم. نحن مسلحون بحق الناس، وحكما سيقف الناس بوجههم”.

وردا على سؤال، يقول بزيع “لا علم لي من هو السياسي الذي يسعى لشق طريق وادي زبقين، ولكن وزارة الاشغال هي من ألتزمت شق الطريق، لذا مطلوب من كافة وسائل الاعلام المساهمة بالاضاءة على الملف”.

ويختم “سيؤدي ذلك الى خلل بيئي ضخم، وهي اصلا في منطقة لا تصلح للسياحة، لانها واد سحيق”.

من جهة مقابلة، يرى الناشط السياسي، حبيب بزيع، انه لا عمل لأهالي البلدة والمنطقة سوى الاعتصام، لم نترك أحدا الا زرناه. فهذه الطريق ستمر على حساب الناس. وهو أمر خطير جدا، وفي حال أقرّت المحمية فستكون أجمل محمية”.

ويؤكد، حبيب بزيع، ان “هناك شخصية سياسية تملك ارضا هنا وتريد شق الطريق اليها عبر القضاء على الوادي، والناس كلها تتحمل المسؤولية، حيث اننا لم نلحظ أي تحرك. فكلمة واحدة من حزب الله وحركة أمل تختفي الاعتصامات، ورئيس البلدية اصلا من حزب الله، ولم يتمكن من فعل شيء حيال ذلك، واعتقد ان المشروع سيّمر”.

ويختم حبيب، قائلا “اعتقد ان لحزب الله مصلحة بذلك، والا فليتحركوا مع الاهالي، لم نزر الرئيس ميشال عون حتى الان. فاذا أعطى الحزب القرار بالتحرك لن يتم شق أي طريق داخل المحميّة. واللافت ان الناس ذاهبة الى الانتخابات دون أي اهتمام بتقصير النواب. والناس تنق فقط، ولا يتحركون، والوضع مزر جدا”.

من جهة ثالثة، “الجنوبيين الخضر” اعلنوا ان ملف المحميّة مكتمل في وزارة البيئة، فلماذا لم تتحرك الوزارة، وطالما انه مقترح من الوزارة، وهو جاهز منذ سنتين ونصف. فهل ثمة تواطؤ ام تقصير حيال ذلك؟

تؤكد، رئيسة ملف المحميات في وزارة البيئة، لارا سماحة،  بالقول ان “الملف قدّم الى وزارة البيئة بجعل الوادي محمية، ولكن المسألة تتطلب الكثير من الملفات والوثائق، لذا يجب علينا الحصول على العديد من الموافقات، والا لا يمكن السير بجعل الوادي محميّة”.

وتتابع، سماحة، بالقول “استملاك الاراضي ليس لدى وزارة البيئة، والشكوى عند وزارتي الاشغال والزراعة. وبالنسبة للمحمية المسألة غير مرتبطة بالطرقات، فنحن نطلب دراسة أثر بيئي، اضافة الى ان القرار بقطع الاشجار يحتاج الى موافقة وزارة الزراعة”.

وتشدد على، ان “القرار بجعل الوادي محميّة يحتاج الى خمس سنوات من العمل، حيث يجب ان نذهب مجلس الوزراء اولا، ومن ثم الى الوزارات المعنيّة، ومن بعد الموافقة يعود الملف الى كل وزارة على حدا، ومنها الى البرلمان، هذا في حال لم يحصل أيّ تغيير الحكومة خلال هذه الفترة”.

فرغم محاولات “الجنوبيون الخضر” والبلديات، إيقاف مشروع شق الطرقات داخل الوادي لمصلحة بيئية للوادي، ولعدم مخالفة قانون المحافظة على الثروات الحرجية 85/ 1991، وقانون حماية الغابات 558/ 1996 وقانون حماية البيئة رقم 444، الا ان “شق الطريق لا يرتبط بملف المحميّة، لان ثمة اقتراح بجعل الوادي محمية، لكن شق الطريق يسير، ولا يتوقف ما لم يقدم السكان اعتراضا ان هذه الطريق ستخسر المنطقة الطبيعة الخلابة فيها. ويجب عليهم تقديم طلبات وقف شق الطريق الى وزارتي الاشغال والزراعة، لانه لا علاقة لوزارة البيئة بالامر بتاتا”. كما اكدت لارا سماحة لـ”جنوبية”.

مع الاشارة الى ان مقترح إعلان وادي زبقين محمية طبيعية وصل الى وزارة البيئة في17 شباط من العام الجاري. الا ان لارا سماحة تقول انه “لقد ارسلنا الى وزارة الاشغال كتابا قبل اثارة الملف بالاعلام، طلبنا منهم  متابعة الامر مع ابناء المنطقة اذا ارادوا شق طرقات، والبحث في الاثر البيئي”.

وكان “الجنوبيون الخضر” قد أعلنوا في وقفتهم الاحتجاجية، نهار السبت الفائت، رفضا لشق الطريق في الوادي أنهم مستمرون مع بلدية زبقين والبلديات الاخرى المطلة على الوادي، في متابعة الملف مع وزارة البيئة التي تسلمت الملف منذ أكثر من عام وطلبت مستندات إضافية سلمت لها كي يبت بمقترح المحمية المقدم من قبل الجمعية والبلدية. ودعوا وزارة البيئة للبت بالملف وباتخاذ اجراءات حماية للوادي بغض النظر عن المقترح بالنظر الى اهمية الوادي البيئية والثروة الحرجية التي يتضمنها والتي يحميها القانون والتي سيلحق مشروع الطريق المزمع اضرارا مباشر غير قابل للإصلاح بها وبالنظام البيئي الفريد للوادي بحسب الجنوبيون الخضر.

إقرأ ايضا: أمواج البيئة تندد بالتعدي على محمية صور

وختاما، يؤكد الاهالي في زبقين انهم لم يتبلغوا اي قرار، بل انهم التقوا صدفة بالمهندسين يتابعون موضوع شق الطريق!! فمن سوف يسبق الآخر: اعلان المحمية ام شق الطريق داخل الوادي الى منزل الزعيم؟

السابق
النجّاري زار المشنوق: نقدّر عالياً كلامه في مؤتمر الجزائر حول الحلف السعودي المصري
التالي
«الخرزة الزرقا».. نجحت رغم السجال والجدل حولها