لماذا أترشح؟ وكيف أنسحب…

نكات كثيرة انتشرت قبل ساعات حول كثرة المرشحين، خصوصا في أوساط الصحافيين والإعلاميين. لكنّ الأمر أبعد ما يكون عن النكتة.

أترشح إلى الانتخابات النيابية في دائرة الجنوب الثالثة، بنت جبيل – مرجعيون – حاصبيا – النبطية، لأنّ العملية الانتخابية ليست حملات ولاء ولا بيعة لحزب أو شخص أو عقيدة أو إيديولوجيا خاصة، وليست سبيلاً للوصاية على المجتمع، بل لأنّها منافسة حقيقية على اساس الولاء للوطن فقط.

أترشح من أجل أن تكون الانتخابات وفق ما يتوقعه الناس والمجتمع من المرشح والنائب، لا ما يتوقعه الزعيم السياسي من الناس.

اترشح عن المقعد الشيعي في بنت جبيل من أجل بث الحراك والدينامية في المجتمع، بعد أن عمدت الأحادية الحزبية الممثلة بالثنائي حزب الله وحركة أمل، على تعطيل طاقة المجتمع الجنوبي، ومنعه من تشكيل تضامنات اجتماعية وثقافية تسهم في تعميم النقاش العام حول القضايا الملحة وفي بناء الرأي العام، بل كادت هذه القوى تحرّم النقاش العام وتمنعه وتحتكر الساحات العامة وتحوّل الرأي العام إلى ما يشبه التلقين والتعليمات، أكثر من بناء قنوات تواصل وحوار مع مكوّنات المجتمع لاستطلاع همومه وهواجسه وآماله ومصالحه.

أترشح كلبناني يعتز بوطنه وبانتمائه إلى جبل عامل، ومن أجل استعادة روح التعددية في المجتمع، التي تبث الحيوية واختلاف الرأي وتعدد الميول والاتجاهات، فلا يتلون مجتمع أو طائفة بلون خاص، أو أيديولوجيا خاصة، أو معتقد واحد، أو موقف سياسي خاص، لأنّ ذلك شكل من اشكال الاستبداد والطغيان المبطن.

أترشح لكي نثبت ونعترف أن لكل قوّة الحق في ان تعبر عن رأيها ومواقفها، لكن ليس لأحد الحق ان يحصر موقف المجتمع وقناعاته بفكرة واحدة او موقف واحد.

اترشح لأنني على قناعة بأن الجنوب يحتاج إلى كسر الاحتكار الذي مارسته الأحادية الشيعية على التمثيل النيابي والسياسي طيلة 26 عاماً، محاولةً إسكات التنوع الجنوبي وطمسه لصالح سطوة السلاح والميليشيوية التي باتت تسيطر وتتحكم ليس بمؤسسات الدولة الإدارية والتربوية والأمنية وحتى القضائية فحسب، بل أطلقت يد المتنفذين وعززت الفساد المتمثل بالزبائنية والمحسوبية، وساهمت في خلال 26 عاماً بتغطية أكبر عملية مصادرة للأملاك العامة والمشاعات البرية والبحرية لم يشهدها الجنوب قبل ذلك.

إقرأ أيضاً: المعارضة الشيعية ستخرق في «الجنوب الثالثة» اذا توفّر شرطٌ حاسم

أترشح من أجل التأكيد على هوية الاعتراض الجنوبي، في رفض أيّ سلطة مصادرة للمجتمع والناس باسم العناوين الكبرى، ذلك أنّ التجارب علمتنا أنّ المفسدين في الأرض لا يحققون مبتغاهم إلاّ إذا تسلحوا بشعارات براقة وعناوين كبرى، كالشعار الدارج في الجنوب اليوم، “كن مع المقاومة وافعل ماشئت”. والشواهد كثيرة من كارثة تلوث الليطاني وتراجع المدرسة الرسمية وتقويضها، سرقة المشاعات، فساد المستشفيات، تمدد البطالة، غياب المشاريع الانتاجية ومنع انشائها، انهيار القطاع الزراعي، والسلسلة طويلة ليس المجال تفصيلها الآن.

أترشح من أجل التأكيد على أنّ كسر احتكار التمثيل النيابي ليس هدفاً انتخابياً لقوى الاعتراض الجنوبي المتنوعة فحسب، بل هدفاً سياسياً يكتسب اليوم أهمية قصوى، بسبب ما يوفره النظام النسبي في قانون الانتخاب من فرصة لتحقيقه….
أترشح لأنّ أولوية اجتماع قوى الاعتراض تبقى هدفاً يجب عدم التهاون بشأنه، ولا محاولة تقويضه عبر شعارات تضيع الهدف، أي إحداث الخرق، الذي ستكون آثاره الايجابية على الجميع جنوبا في معزل عن الهوية الحزبية أو السياسية التي يحملها من حقق الخرق.

 

أترشح مع رفاق درب النضال، الأسير المحرر من سجون اسرائيل المناضل أحمد اسماعيل والمناضل المقاوم طويلاً ضد اسرائيل خلال احتلالها جنوب لبنان، عماد قميحة، وغايتنا تشكيل لائحة واحدة للاعتراض الجنوبي المتنوع في وجه لائحة الأحادية الحزبية المتكررة منذ 26 عاماً.

إقرأ أيضاً:معارضون ضد «الثنائية» تقدّموا بترشحياتهم للانتخابات النيابية في دائرة الجنوب الثالثة

نترشح ونحن نمد يد العون لكل القوى والشخصيات المعترضة للوصول إلى لائحة اعتراض واحدة، مدركين أنّ جهوداً بذلت على هذا الصعيد ولم تحقق المبتغى ولكن الفرصة متاحة بعد، لذا فإنّنا لن نبخل في بذل أيّ مسعى على هذا الطريق، وفيما نحن مصممون على السير قدماً في ترشيحاتنا، فإننا جاهزون لأن نجعل منها جسر عبور لهدف اسمى هو لائحة توحيد الاعتراض. لا مانع أن نضحي ونسحب ترشيحاتنا، إذا كانت عائقاً أمام قيام لائحة تجمع كل الاعتراض الجنوبي، أيا كانت مصادره ومنابعه.

اخيراً وليس آخراً، أترشح لأن الترشح ليس نزهة ولا استعراضاً، بل هو مسؤولية أمام المجتمع وامام الوطن… ليس لدينا أوهام، لكن لدينا ثقة بأهلنا الجنوبيين الذين يريدون منّا أن نكون أقوياء، أقوياء في إرادة التغيير لحماية التنوع، في استنهاض طاقات المجتمع، وفي بناء الوطن الذي يستحق أن يكون حاضناً لكل أبنائه ناهضاً بهم، وناهضين به.

السابق
نموذج الإنتخابات في جنوب لبنان…
التالي
بلدة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!