الخطاب الانتخابي لدى حزب الله والمستقبل: بين خياري المقاومة والإنماء

مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في السادس من أيار، يُتوقع اشتداد السجال السياسي وتنشيط الماكينات الانتخابية واستثمار كل فريق لانجازاته وتوظيفها بحدودها القصوى في اللعبة السياسية.

تستدعي قراءة الخطاب الانتخابي لكل من تيار المستقبل وحزب الله بالاستناد الى مرتكزاته وأبعاده، استحضار التحولات التي طرأت على المشهد السياسي بكل تعقيداته الخلافية والحاجة الى ربط النزاع وتنظيم الخلاف بما يخدم مصالح الفريقين والصراع على السلطة. وقد أمْلَت الحسابات الانتخابية مجاراة واقع “لا خلاف ولا انجرار الى المواجهة”، ورهان هذه القوى على طوائفها ومذاهبها لكسب المعركة واعادة انتاج نفسها وتوجيه الرأي العام.

“جنوبية” وقفت على رأي الطرفين من خلال تحليل المتغير والثابت في خطاب كل من تيار المستقبل وحزب الله، فيما يتعلق بالتحالفات والبرامج السياسية والاجتماعية.

اقرأ أيضاً: المرأة اللبنانية والانتخابات النيابية: بين الجدارة والمظاهر الخادعة

منسق الاعلام في تيار المستقبل، عبد السلام موسى أكد لـ”جنوبية” ان “تيار المستقبل لم يغيّر في أدبياته السياسية وثوابته بإعلانه الاخير حول عدم التحالف مع حزب الله واستخدام المال الانتخابي، ويقول “في انتخابات العام 2009 لم يكن تيار المستقبل يرش المال على الناخبين، وايضا خضنا الانتخابات ضد حزب الله وكان 7 أيار حاضرا في الاذهان، وقد أطل الرئيس الحريري في خطاب البيال في 14 شباط الماضي على الملف الانتخابي فيما نعتبره جردة حساب وتوجيه رسائل، منها اننا تيار لا يقوم على المال فقط، انما على إرث وثوابت وقيم واضحة تميّزه عن غيره من الاحزاب، وهو يستمد قوته من الناس ولعل ابلغ تعبير على ذلك ما قاله الرئيس الحريري في برنامج الجرس، ان ثروة الانسان ليس بما يملكه من مال إنما بما يملك من محبة الناس، وقد شهدنا ذلك من خلال توحّد اللبنانيين خلف الرئيس الحريري مؤخرا”.

عبد السلام موسى

في المقابل، أشار الاعلامي غسان جواد الى ان خطاب الممانعة المتمثل بحزب الله خصوصا ” لحظ تبدلات بمضمونه السياسي، فقد استجدت تطورات كبيرة وخطاب اليوم لا يشبه خطاب العام 2009 سوى ببعض التفاصيل المتعلقة بتجربة المقاومة، وبرأي جواد “عندما يقول سماحة السيد لا يوجد في هذه الانتخابات “كسر عضم”، فإن الفحوى السياسية لهذه الانتخابات تغيرت”، متسائلا ” لا أعرف اذا كان مفيدا في السياسة تغيير الخطاب بالشكل، لان السياسة هي استمرار لخط ثابت “.

البرامج الانتخابية في صلب الخطاب السياسي

ولكن أليس حزب الله مطالبا بالتغيير لجهة الدفع بالانماء؟ يقول جواد” بالتأكيد هذا سيكون التحدي الاهم امام فريق المقاومة، الا ان الخطاب السياسي يتأثر بالمعطيات التي تشكل فهم حزب الله للوضع السياسي الداخلي والاقليمي، وهو بالطبع سيضع هذه الخيارات بعهدة الناخب وهذا الاخير سيصوت على خيار المقاومة دون الانتقاص من الحاجة الانمائية وحل مشاكل الشباب”.

ويقول جواد” المقاومة خرجت اليوم منتصرة من معركة الدفاع المقدس في سوريا وبهذا المعنى فهي معنية بالوقوف على رأي الناس بخيار المقاومة بعد معركة كبيرة من هذا النوع، ولنترك مجمل الخيارات بعهدة الناخب التي ستظهر اذا كنا مخطئين بتقدير مطالبه”.

لكن لتيار المستقبل خيار آخر في برنامجه الانتخابي هو المراهنة على الاستقرار، وبحسب موسى فإن “المشروع الاقتصادي الذي يحمله الرئيس الحريري تعذّر انجازه لعدم وجود استقرار في البلد نتيجة الخلافات السياسية التي استمرت 13 سنة، اما اليوم بعد التسوية فإن هذا المشروع أعيد وضعه على سكة الانجازمن خلال مؤتمرات الدعم في روما وغيرها، والتسوية التي بادر اليها الرئيس الحريري وضعت نصب اعيننا الاستقرار لتنفيذ المشاريع الاقتصادية اولا واخيرا”.

اقرا أيضاً: هذا هو القانون النسبي القادم مع «الصوت التفضيلي»

كيف يرى كل من غسان جواد وعبد السلام موسى التأثير الطائفي والمذهبي في مخاطبة جمهور الفريقين وشد العصب الانتخابي وتوجيه الرأي العام؟

جواد يرى ان ” القانون بحد ذاته من خلال الصوت التفضيلي اعطى مدى للبعد الطائفي في التوجه للناخب ولكن بنتائجه سيخفف من الاصطفافات الطائفية لانه سيظهّر الكتل بمعنى سيجعل الكل بحاجة الى بعضهم”، في حين يؤكد موسى ” غياب اي نزعة طائفية او مذهبية في توجه التيار الى جمهوره، فخطابنا وحدوي وجامع على قاعدة ربط النزاع وبالاخص مع حزب الله دون ان يعني ذلك تغطية او عدم رفع الصوت على التجاوزات التي تحصل”.

في المحصلة يعكس الخطاب العام للحملات الانتخابية رؤية سياسية واقعية لفريقين، الاول همه داخلي ويستثمر في الشان المحلي وآخرمرتبط بمحور اقليمي متفجر، في ظل واقع اقتصادي ينذر بالانهيار هل يستعيد الناخب اللبناني وعيه بعد تمديده للطبقة السياسية ذاتها ثلاث مرات متوالية؟

السابق
المشنوق: وقّع مرسوماً نهائياً سيفتح الباب لتثبيت «المتطوعين»
التالي
لهذه الأسباب يدعم حزب الله مرشحي الأسد