قانون الإيجار الجديد يؤكّد استمرار الأزمة

الايجارات
أزمة الايجارات هي من الأزمات المزمنة في لبنان، فهل أتى القانون الجديد ليضع حدا لها وينهيها أم انه سيؤدي الى اعادة تمديدها من جديد؟

هو ملف تراكمت مشكلاته وتشعبت بتراكم سنوات الحرب والفوضى في لبنان، وبفعل تقاعس القرارات السياسية الضعيفة. وبعد مماطلات وتأجيلات كثيرة وضع على طاولة المسؤولين بعد ان أشبع درسا ومناقشة وايضا تعديلا.

وقانون الايجار هو بمثابة عقد منفعي بالنسبة للمالك في حين يراه المستأجر كحق تملكي، علما ان بدلات الايجار وصلت في السنوات الاخيرة الى حد يتجاوز احيانا مستويات الدخل.

ما هي النتائج والتداعيات القانونية والاجتماعية التي يمكن ان يولّدها هذا القانون بغياب خطة اسكانية حكومية وفي ظل انعدام التأمينات الاجتماعية؟ وهل ساهم في تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر؟

اقرأ أيضاً: قانون الإيجار الجديد: هذه حقوق المالك وهذا حق المستأجر

ماهية القانون الجديد

في حديث لـ”جنوبية” اوضح، المحامي مهند كنج، حيثيات هذا القانون، وقال “هو قانون صدر في 2014/12/28 وتم تعديله في 2017/2/14 واصبح ساري المفعول في 2017/12/28، ثم وضعت تعديلات على بدل المثل فبعد ان كان 5% اصبح 4% من قيمة ثمن الشقة البيعي ولعل اهم تعديل حصل في 2017/2/17 وينص على تحرير عقد الايجار في العام 2023، ومن بداية الـ 2015 وحتى الـ2023 حكما سوف تسجل زيادات على بدلات الايجار وفقا لبدل المثل، وهذا الاخير يحدده خبيران محلفان يعينهم المالك على ان يكونا ضمن القضاء الذي يشغله العقار”، واضاف كنج “هذان الخبيران المحلفان يحددان بدل الايجار الذي يتوجب على المأجور دفعه وهو بقيمة 4% من قيمة ثمن الشقة البيعي، ومن الممكن ان يتم تغيير اكثر من خبيرين في هذا المجال للوصول الى اتفاق بين المالك وطالب الايجار، اما فرق بدل المثل اضافة الى الزيادات تحتسب كالتالي: 15% عن العام 2015، و30% في العام 2016، 45%في العام 2017 و60% في العام 2018، وهكذا دواليك حتى تصل النسبة الى 100%”.

المحامي مهند كنج

“وقد اقرت الدولة، بالتوازي مع هذا القانون صندوق مساعدة المستأجرين من ذوي الدخل المحدود (من لا يتجاوز دخله الـ3 ملايين ليرة)، وهنا يتوجب على هذا المستأجر دفع البدل المنصوص عليه في القانون اي نسبة الـ4% من قيمة ثمن الشقة، اما فرق البدل الذي اشرت اليه سابقا تدفعه الدولة عنه من خلال الصندوق”.

ولفت كنج الى ان “عبء الايجار يجب ان لا يقع على المالك وحده، وعلى الدولة ان تتحمل هذه المسؤولية”، مشيرا الى “وجود العديد من الثغرات في هذا القانون، فالدولة ستدفع الفرق منذ توقيع المرسوم في 2017/2/14، ولكن الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2017 من سيدفع فرق بدل المثل عن المستأجرين من ذوي الدخل المحدود؟ وهل بإمكان هذا الصندوق تغطية اعداد كل المستأجرين؟ وفي المقابل هل ستتمكن الدولة من تمويله في ظل العجز المتراكم والمديونية العامة؟ والسؤال ايضا هل سيتحول الى صندوق وهمي للتنفيعات؟

مطالب لجنة المستأجرين

من جهته، انطوان كرم، رئيس لجنة المستأجرين، طالب بضرورة تعديل هذا القانون وقال لـ”جنوبية”: انه “قانون تهجيري بامتياز فهو يطال فئة كبيرة من المجتمع اللبناني ومن الممكن ان يؤدي بهم الى التشرد في الشوارع بعد سنتين وليس 12 سنة، هو قانون غير عادل والمجلس النيابي لم ينتبه الى ذلك بقصد او بغير قصد، فقد ربط تطبيق هذا القانون بلمادة 58 وانشاء اللجان والحساب”، واضاف “الوزير علي حسن خليل يعلم ان تكلفة تمويل الصندوق باهظة، والسؤال العجيب كيف تتوازن الامور بين تكلفة باهظة ودولة مفلسة! فإذا كان بإمكان السلطة تمويل هكذا مشروع الاجدى بها وضع خطة اسكانية شاملة”.

وتابع كرم “على سبيل المثال وكتفصيل يثير السخرية حالة أحد المستأجرين في منطقة كليمنصو وتشمله الاستفادة من تغطية الصندوق، لانه من ذوي الدخل المحدود، وتم تخمين شقته المستأجرة بمليون ونصف دولار، وبذلك يكون إيجار شقته 60 ألف دولار سنويا، يدفع منهم مليونين ليرة، ويتحمل صندوق الدولة الباقي أي 88 مليون ليرة سنويا! ويضاف الى هذه الحالة حالات أخرى مشابهة، خاصة في ظل البطالة والوضع الاقتصادي المتردي، والسؤال هنا هل تستطيع الدولة ان تتكبد هذه المصاريف الهائلة؟

المهندس انطوان كرم

ورأى كرم ان “القانون الجديد لم يقدم حلا، ففي سوريا مثلا وضعت الدولة قانونا من سبع صفحات كحل وكبديل في الوقت عينه، والمستأجر يحصل بموجبه على تعويض بنسبة 40% بعد مضي ثلاث سنوات من العقد وايضا تم تأمين البديل من خلال وحدات سكنية مجهزة”. واضاف “اعتقد ان هذا القانون هو مخطط سوليدير2، فهو سيؤدي الى تفريغ بيروت من سكانها الأصليين في العام 2023، ومحو تراثها وثقافتها ووجهها الاجتماعي، وتتحول الى أبنية شاهقة تشبه هونغ كونغ ولا مكان فيها لأبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة”.

وناشد كرم كل من رئيسي الجمهورية والحكومة “بإيقاف هذا القانون والنظر بتعديلاته وبحالنا بحكمة وتبصر والا فنحن امام ازمة كبير”.

اقرأ أيضاً: كيف نفهم قانون الايجارات الجديد؟

تجمع المالكين

باتريك رزق الله، رئيس نقابة المالكين، شرح لـ”جنوبية” وجهة نظر ورؤية المالكين لهذا القانون، وقال ان “التعديلات التي وضعت على قانون الايجارات ودخلت حيّز التنفيذ في 2017/2/28، المادة 58 منها علقت كل المواد المرتبطة بحساب دعم المستأجرين من ذوي الدخل المحدود، وقد انتهت مغاعيل هذه المادة،  حين دخول الحساب حيّز التنفيذ، واي تأخير يؤثر سلبيا عل هذا الملف وعلى الناس، فهذا المرسوم وقعه وزير المال بعد سنة من الانتظار، واليوم تحديدا وصل المرسوم الى الامانة العامة لمجلس الوزراء ليوقع عليه رئيسي الجمهورية والحكومة، وبعدها ينشر في الجريدة الرسمية ليصبح نافذا”، واضاف “هذا المرسوم ينص على آلية عمل الحساب، اي كيف يستفيد المستأجر ويليه مرسوما آخر هو اللجان (24 لجنة)، والنقطة الأبرز ان هذا الحساب يرتبط بالمالك، فعندما يتقدّم المستأجر بطلب الى اللجنة يفيد من خلاله استيفائه شروط الاستفادة من الحساب، واذا تمت الموافقة على طلبه يحيل مستند الموافقة الى المالك، وهذا الاخير هو الذي يعمل على تحصيل التغطية المالية من الصندوق”.

باتريك رزق الله

واشار رزق الله الى ان “القانون يُعيد التوازن بين طرفي عقد الايجار، ويلحظ زيادات تدريجية، وهذا الامر لصالح المستأجر ايضا، وقد علمنا انه تم رصد موازنة الـ30 مليار عن العام 2017 التي قدمها وزير المال، وسيجري رصد  الـ140 مليار”.

ويكفي ان نلفت الى ان القانون العتيد هذا، لم يلحظ عقد ايجار الاماكن غير السكنيّة مثل المحال التجارية، وأجّل البت فيه حتى نهاية العام الحالي، فهل هي نقطة ضعف اضافية في هذا القانون؟

السابق
المرشّح نديم عسيران لـ«جنوبية»: لسنا ضدّ حركة أمل وحزب الله نحن ضدّ الفساد
التالي
السيد محمد حسن الأمين: لا مشروع حضاري جديد خارج الهوية الاسلامية